أقلام حرة

التعليم فى مصر أصبح خدعة ومن ليس معه لا يتعلم؟

بعد حوالي شهر سوف يتم بدأ العام الدراسي في جميع المدارس والجامعات المصرية وفي ظل الأزمة الطاحنة وارتفاع المستمر في الأسعار ومعاناة الأسر المصرية من الأزمة الاقتصادية، ومع الاعلان عن بدأ وفتح وحجز الدروس الخصوصية علي شبكات التواصل الاجتماعية؛ وفي غياب تام من الجهات الحكومية عن تدهور حالة التعليم في مصر وحالات الغياب والعزوف عن حضور الطلبة الي المدارس الحكومية كان تصريح الطالبة الحاصلة علي المركز الأول في شهادة الثانوية العامة في مصر ،صفعة علي وجه المسؤول الاول عن التعليم في مصر، أنها لاتحضر دروس المدرسة لمدة عامين؛ وأنها كانت تعتمد على الدروس الخصوصية فى كل المواد، كان التصريح كفيلاً بالاطاحة بوزير التعليم /الدكتور طارق شوقى/. وهذه المعلومة معروفة للقاصى والدانى لمدة أكثر من 20 عاماً، فلا يوجد تعليم مجانى على الأطلاق. وتقريباً كل الطلبة فى كل المدارس لايحضرون الحصص فى المدارس الحكومية، واذا حضروا المدرسون لايعلمونهم شيئاً، أى أن التعليم فى مصر أصبح خدعة ومن ليس معه لايتعلم. كما قال "المسيح عليه السلام من معه يأخذ ويزيد ومن ليس معه يؤخذ منه". واصبح التفتيش من قبل مديريات التعليم أصبح شكلياً.

و يتم بعمل مسرحية من مدير الإدارة التعليمية مع مدير المدرسة للتنبيه على الطلبة بالحضور لانهم سيفتشون عليهم فى يوم معين حتى يكتبوا تقاريرهم المزيفة . والكل منشغل بالدروس الخصوصية فيما عدا وزير التعليم لانشغاله بحضور جلسات مجلس الوزراء للتصريح بأن كل شىء يسير علي ما يرام ويتم بتوجيهات القيادة السياسية كأنه يعرف كل شىء وأن عقول المسؤولين لايوجد لها لازمة لأنها في أجازة دائمة. ولكن ماهو الحل ؟ تم طرح السؤال علي الدكتور /مدحت خفاجي الأستاذ بجامعة القاهرة /ليس الحل هو زيادة المرتبات لأنهم تعودوا على الفساد ولكن الحل هو مايتبع فى كل بلاد العالم وكان متبعاً فى مصر حتى عام 1954م عندما تم إلغائه وهو" الرقابة المزدوجة" من لجان التفتيش الداخلى على المصالح الحكومية والمجالس البلدية المختصة بالتعليم. وقد أدخل هذا النظام "اللورد كرومر "عام 1882م عندما عين مندوباً سامياً وهذا النظام متبعاً فى بريطانيا منذ مئات الأعوام بنجاح. ولجان التفتيش الداخلى مكونة من 13 عضواً من رجال التعليم المتقاعدين على المعاش حتى يكونوا مستقلين فى تقاريرهم وكانوا يتمتعون بسمعة طيبة أثناء عملهم قبل المعاش. ويتم تعيينهم بالاعلان ويتقاضوا مكافئات لعملهم ويحق للمواطنين الشكوى لهم. وتقوم تلك اللجان بالتفتيش على كل العاملين فى وزارة التعليم من مدير المدرسة حتى العامل، وتكتب تقريرا يكون هو الفيصل فى مستقبل المدرس بالترقية أو الفصل لعدم الصلاحية او المجازاه أو يظل كما هو. أما عن لجنة التعليم فى المجالس البلدية وليس المجالس المحلية سيئة السمعة فتتكون من( 9 أعضاء منتخبون) من المنطقة ولايتقاضون أجراً

 ويراقبوا موظفى التعليم ويكتبون أيضاً تقاريرهم فيهم. وعندما يشعر المدرس أنه مراقب جيداً وأن إهماله فى عمله سينتج عنه فصله وتشرده هو وأولاده وسيفقد أيضا الطلبة الذين كان يجبرهم على أخذ دروس خصوصية ويفقد بذلك مورد دخله تماماً فيرتدع ويعلم الطلبة. هل يمكن أن تتبع الحكومة المصرية مايطبق فى البلاد المتقدمة أود ذلك؟.

 كيف يتم تخفيض نفقات التعليم للأسر المصرية من وجهة نظركم ؟ تحدث الدكتور مدحت ؛- عن مأساة الأسر المصرية حيث تجوع الأسرة فى مصر لتنفق على ابنائها لكي يتعلموا. وتنفق الأسرة فى المتوسط،حوالي 40%من دخلها على تعليم ابنائها. وهذا يشكل ضغط شديد على ميزانية الأسرة بحيث أنها تخفض إنفاقها على الأكل والملابس حتى تستطيع تعليم ابنائها. ونظرة الى (ميدان العتبة وشارع الجيش ) بوسط القاهرة تجد أن سكان القاهرة هناك للبحث عن شراء الملابس المستعملة لتخفيض نفقات الأسرة. ومن لايستطيع الإنفاق على تعليم ابنائه يدفعهم الى العمل فى الورش المختلفة أو؛" دليفري" ويتسرب من التعليم وتزداد الأمية. ولكن هل يمكن تخفيض نفقات التعليم وماهو الحل؟. وحضرتك استاذ جامعي وكنت مرشح سابق للرئاسة ومجلس النواب؟

 أولا ؛- يجب رجوع المدرس للفصل لتعليم الطلبة كما كان يحدث فى العهد البائد قبل 1952م نتيجة للرقابة الشديدة على المدرسين التى وضعها "اللورد كرومر" عام 1882م،وتم صدور قرار بإلغائها عام1954م وأنهار التعليم تدريجياً

 حتى أطاحت الطالبة الحاصلة علي المركز الأول في الثانوية العامة هذا الشهر "بالوزير" عندما صرحت بأنها لم تدخل المدرسة منذ عامين لانها تعتمد على الدروس الخصوصية. وهذه الحقيقة معروفة منذ أكثر من 30 عاما لكن لم يعترف بها على الهواء مباشرة الا بتصريح الأولى على الثانوية. وقد أشرت لذلك في طرح السؤال السابق كيف سيرجع المدرسون للعمل فى المدارس نتيجة للرقابة الصارمة عليهم بحيث يتعرضوا للفصل فى حالة استمرارهم فى التزويغ وإفساد العملية التعليمية. ويوجد طريقة أخرى ايضا لخفض إنفاق الأسرة المصرية على التعليم وتعويض النقص فى المدارس وتخفيض كثافة الفصول، وهو تحويل ماكان سينفق على الطالب فى المدارس الحكومية الى المدرسة الخاصة التى إختارها وانفاق الحكومة حالياً.

يفوق عشرة آلاف جنيه فى العام لكل طالب. وبذلك يتم تخفيض مايدفعه ولى الأمر لابنه فى المدارس الخاصة وفى بعض الأحيان فى الأرياف والمراكز ربما يغطى مبلغ العشرة آلاف جنيه مصروفات الطالب. وبذلك تنشأ مدارس جديدة وذلك لإتاحة تمويل جديد لها . وهذا النظام مطبق بنجاح منذ أكثر من 20 عاما فى المدارس البريطانية وقد قلدته أمريكا فى عصر "بيل كلينتون" الذى حول 3آلاف دولار لكل طالب يريد أن يلتحق بالمدارس الخاصة أو الأهلية.وبذلك يزداد نسبة التعليم الخاص الذى يفضله أولياء الأمور عن المدارس الحكومية. ويمكن بذلك زيادة مساهمة المدارس الخاصة من 9% من الطلاب الى 30%-40% وبذلك تنخفض كثافة الفصول فى المدارس الحكومية الى المعدل العالمى وهو 20 طالب فى الفصل . ولا نطالب الحكومة ببناء 200 الف فصل سنويا لتغطية العجز الماضى ولتغطية تعليم المواليد الجدد، والتى لم تستطع اى حكومة بالوفاء بها. وإذا نفذتا هاتان الفكرتان وهما عودة المدرسين للتدريس فى الفصول وتحويل النفقات المدرسية لمن يرغب للمدارس الخاصة، ستنخفض ميزانية التعليم فى الأسرة المصرية الى حوالى 10% بدلاً من 40% حالياً، وبذلك نحصل على تعليم جيد ونمنع معظم التسريب من التعليم وزيادة الآمية. كيف يمكن القضاء على بطالة خريجى الجامعات؟:

صرح الدكتور خفاجي؛- أصيب ولى الأمر بخيبة الأمل بعد أن حرم نفسه لينفق على إبنه حتى يحصل على تعليم جامعى حتى يتحرك من الطبقة الفقيرة الى الطبقة الوسطى. ثم فوجىء أن إبنه الذى أنفق عليه آلاف الجنيهات وحرم نفسه من كل شىء، أنه بعد تخرجه لم يجد وظيفة وأنه عاطل عن العمل ويقعد على" المصطبة" وهو مصطلح يطلق في الريف المصري بدون شغلة أو مشغلة وأصبح أمل الأبن الوحيد أن يغادر الوطن بأي طريقة شرعية او غير شرعية فتعرض للغرق كما يحدث يومياً علي الشواطيء الليبية أو لحالات النصب لحصول علي تأشيرة دخول لدول الإتحاد ألاوروبي.،والدول العربية لاتحتاج الآن الا للعمال .ولايستطيع فلاحة الأرض لانه لم يتعلم ذلك، وبذلك شعر الأب أن استثماره فى الإبن ضاع سدى. وقد فاقمت الحكومة الأزمة بإصدار أمر منذ 1993م بعدم تعيين أى شاب فيها الا فيما ندر، مدعية أن الموظفين أكثر من اللازم وهذا مخالف للحقيقة، فيوجد نقص مليون مدرس و300 الف ممرضة و200 الف طبيب. والموظفون انخفض عددهم من / 7 / مليون موظف عام 2011م الى أقل من (5 مليون) موظف حالياً لاحالتهم على المعاش. وترفض الحكومة تعيين الخريجين وفى نفس الوقت فشلت فى إجتذاب المستثمرين سواء المصريين او العرب أو الأجانب. وذلك لفشلها فى كبح جماح موظفيها المنحرفين. وهؤلاء قاموا بتطفيش المستثمرين بطلباتهم غير المعقولة ومحاولة تعقيد الإجراءات حتى يرضخ المستثمر، مما نتج عنه هروبه لدول أخرى. ويقوم كبار المسؤولون بتعيين ابنائهم بالواسطة والمحسوبية فى الشركات متعددة الجنسيات أو فى شركات البترول أوالبنوك تاركة باقى الشعب ليواجه البطالة بدون وظيفة. ولم تأخذ الحكومة الموضوع بجدية لاجراء الأبحاث اللآزمة لمعرفة سبب هروب المستثمرين وطرق حل المشكلة. وأصبح الاستثمار فى مصر يشكل خطورة شديدة على أموال المستثمر، فانصرف الى الدول الاخرى وكل عام ينخفض الاستثمار الاجنبى المباشر عن العام الذى قبله ولم يشكل هذا ناقوسا خطرا للحكومة وهى ترى انخفاض الاستثمار الاجنبى المباشر من أكثر من 10 مليار دولار من عشرة أعوام الى أقل من مليار دولار العام الماضى. وتحاول الحكومة خداع الشعب بان المقرضين لمصر مستثمرين وهى تعتبر أن المصريين يعانون من التخلف ولذلك يجب أن تخدعهم. ولكن ماهو الحل لرفض المستثمرين أخذ المخاطرة بالاستثمار فى مصر؟ والحل المعروض من اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وكوريا الجنوبية عام 1965م وذلك بأن تأخذ الحكومة المخاطرة وتقوم بإنشاء المصانع بنفسها وتمولها وعندما تنتج تلك المصانع تقوم بعرضها للبيع، وسيقبل عليها المستثمرون سواء مصريون أو غيرهم لانه لايوجد مخاطرة فى ذلك وسيشتري المستثمر شركة مقيدة فى البورصة ومنتجة ويمكن عرض الأسهم على المصرييين للشراء. وفى نفس الوقت تقوم ببيع الملكية الفكرية المكتسبة فى إنشاء تلك المصانع الى مستثمرين آخرين متعهدة بالقيام بكل الاجراءات لانشاء المصانع فى نفس التخصص، وذلك لضمان المنافسة بين تلك المصانع لتجويد الانتاج حتى يمكن أن ينافس فى التصدير للاسواق الخارجية . وفى نفس الوقت تقوم بفرض جمارك على الانتاج المماثل من الخارج ٥٠٪؜ لمنع المنافسة غير الشريفة من المنتج الصينى، على أن تنخفض الجمارك تدريجيا الى صفر ٪؜ بعد 5 أعوام، حتى يمكنها التصدير فى الاسواق الخارجية وبذلك يبنى الاقتصاد على التصدير كما فعلت الصين والنمور الاربعة. وقد إتبعت اليابان ذلك بعد الحرب العالمية الثانية حيث إنهارت الدولة وتم تخريب المدن بالبوارج الامريكية ورفض المستثمرون الاستثمار فيها. وهذا ماعملته كوريا الجنوبية عام 1965م بقيادة زعيمها "بارك". وبعد بيع تلك المصانع يمكن بثمنها بناء مصانع أكثر تقنية. وبذلك نستطيع تشغيل ملايين الخريجين واختفاء البطالة فى مصر. ومن الملاحظ أن كل منتج فى اليابان ينتج بالعديد من الشركات مثل (توشيبا وناشيونال وشارب) فى الالكترونيات وفى السيارات (هوندا وداتسون وتويوتا ) وغيرها. ونفس الشىء فى صناعات كوريا الجنوبية والتى كان الدخل القومى المصرى فى عام 1965م ثلاثين ضعف مثيله فى. كوريا الجنوبية،وكانت لاتملك أى تقنية عالية مثل اليابان.  !!

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب مصري وباحث في علم الجغرافيا السياسية

 

في المثقف اليوم