أقلام حرة

برمجة الفكرالعبودي في مخنا الشرقي

يقول قيصر الروم: استهويت يوما وفكرت مع نفسي ان اعدم مئة من العبيد دون اي سبب، انتظرت حتى يوم ميلادي واعتبرته فرصة واردت تنفيد ما نويت، فاتوا بمئة عبيد وهم ينشدون طول الطريق ويهتفون (طول العمر لصاحب السعادة اي (عاش الزعيم وطول العمر للسيدو الشيخ وما شابه ذلك لدينا!) وتم تنفيذ الامر واعدموا جميعا وهم مستمرين في الهتاف، وفي نهاية الامر لاحظت من لم بسلم روحه ولم يمت ويحتضر وهو هائم ويتمتم مع نفسه وذهبت اليه كي استمع ما يقذفني به من السب والشتم والكلمات البذيئة لانني انهيت حياته، وتعجبت بانني لم اسمه منه الا وهو يردد (عاش الزعيم وطال عمره ولم يمت الا وهو يطيل بما تعود عليه من حياته وحتى في لحظات موته المرير وسلم روحه بتلك الهتافات العبودية). عندما يُبرمَج الانسان مخه من قبل اي كان واي فكر ان كان مفيدا او مضرا لنفسه ومن حوله وبشكل سطحي دون ان يفكر بما يجب ان يفكر بنفسه فان الفكرة التي يكتسبه تصبح راسخة ويعتقد انها الاصح ولا توجد غيرها، عندما يصل الى هكذا الحال، فانه من الصعب تغييره ولو بشكل بسيط.

اليوم ونحن لسنا في عصر قيصر الروم ولا في زمن الزمحشري والطبري زمنيا ولكننا في نفس المرحلة عقليا وفكرا وتاملا وفق ما نراه من الرعية التي تسيير الى المقصلة بارادته وهو يهتف عاش.. وهيهات.. وفدوة للقائد.. استغل هؤلاء القادة والشيوخ والسادة المسيطرين على عقول اكثرية الناس الطيبة الساذجة مستغلين كل شيء من القصص البطولية منها او الخرافية سواء الدينية او المذهبية او القومية ومن حوادث التاريخ والمبالغات في مسيراتهم لبرمجة وتمهنج العقول الصافيةالساذجة الفقيرة لتسيير امورهم حتى الخاصة وفق ما يريدون دون اي اعتراض ومن اجل مصالح ليس لهؤلاء فيها ناقة ولا جمل.

نعم انها العبودية بانواعها وعدم الادراك بالحياة الحقيقية وما تحتويه وما تفرضه ان يفكر الانسان بنفسه وحياته ومستقبله قبل اي شيء اخرو قبل ان يفكر مكانه حتى اعقل الناس. انه تسيير لامور الذات من قبل امستغلين وفق افكارومناهج النقل وانعدام العقل بعيدا عن اي تفكير ولو بسيط في النفس وما يجب فعله.

اين يكمن الحل اذا؟ ان كان الخلل في ذات فان الحل يكمن في الذات ايضا، انه يحتاج للتفكير والتامل والتعمق والتجقيق في امور الحياة بتفاصيلها ومنها الاهم هو الايمان بان الحياة قصيرة ولم تاتي ليكون الانسانة تبعية لعقول وتفكير غيره وانه ولد حرا ويجب ان يموت حرا صاحب نفسه عقلا وفكرا وجسما، بل انه فقط التفكير والوقوف مع الذات دون تاثير خارجي مهما كان، انه التامل في هذه الحياة ولو للحظات بسيطة، وو بامكانه ان يفرق ما يفيده ويهمه ويهم الاخرين بعيدا عن الحساب لمصالح الاخر التي يستغله بها ،و ما يريده هو ليخرج من الوهم والحلم وينقذ نفسه ويستيقض من الحلم ويصحى من النوم والتنويم ويعيش كما يجب ان يعيش كانسان فقط ولا غير. 

***

عماد علي

 

في المثقف اليوم