أقلام حرة

الكاتب يدمِّر القارئ!!

اللغة العربية واضحة دقيقة، وغنية بالمفردات والمترادفات، ويمكن الكتابة بها على عدة مستويات، ومسيرتها الإبداعية تعلمُنا ضرورة التعبير وفقا لما قل ودل، وبعبارات تساعد فهم الفكرة التي يتناولها الكاتب، ويراها نافعة للحياة.

فما قيمة الكتابة التي لا يفهمها القارئ؟

ما نسميه بقلة المقروئية يساهم فيه الكتّاب بأساليبهم المعقدة، وتوهمهم بأن الرمزية والغموض من علامات الإبداع السليم، وكأنهم يكتبون لأنفسهم، ويعتبون على الآخرين لأنهم لا يقرأون ما يكتبونه، ويتناسون تنفيرهم من القراءة بكتاباتهم الغامضة، التي ربما سيجهلون مقاصدها بعد حين، وأخشى القول لو إمتحنتهم بما كتبوه سيفشلون!!

معظم الكتابات التي تسمى إبداعية مبتورة، بمعنى أنها لا تنم عن تجربة حقيقية تتفاعل فيها حواس كاتبها بأسرها، وتعطي إنطباعا على أنها مقطوعة ومتخيلة، وتجافي الواقع وتحلق في فضاءت المجهول والغامض وفقا لآلية المعنى في قلب الكاتب.

والسائد فيها الإستنساخ والصدوية (من الصدى) لما ينتجه الأجنبي، بدافع التبعية والشعور بالدونية، وكأن الأجنبي مرجعنا وتراثنا الوهاج  عدونا.

ترى ما شأن القارئ بالإبداع الأجنبي؟

إنه يريد إبداعا أصيلا، منبثقا من تربة وجوده، مجسدا لما يعتمل فيه من المشاعر والأحاسيس، وما يتوارد إليه من الأفكار والتطلعات المتوافقة مع بيئته النفسية والمعرفية، وما يمر به بلده من التحديات والإستجابات المطلوبة لتجاوزها.

القارئ لا يريد رمزا وغموضا ولمزا، يبحث عن الوضوح والبساطة والفهم المستقيم للفكرة التي يتناولها الكاتب، وهذا ما أدركه أجدادنا فتعاملوا مع الكلمة بمسؤولية وحذاقة، وقدرة على تسخيرها لتقل الفكرة بإيجاز وفهم يسير.

فهل نكتب للقارئ أم لأنفسنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم