أقلام حرة

الإعلام والتنمية المستدامة

لقد طرح الأخ الفاضل الإعلامي القدير والمثقف البارز  "إبراهيم قار علي"-  الذي يثير بكتابته الرغبة في النقاش الفكري- قضية الارتباط الوثيق بين الإعلام والتنمية في كلمة ألقاها في الندوة الوطنية حول الإعلام المحلي والتنمية بين التجربة والآفاق بولاية الجلفة المضيافة ومما جاء في مقدمتها: "عندما نتحدث عن الإعلام والتنمية المحلية أو الإعلام المحلي والتنمية فإننا من الناحية الفلسفية نتحدث عن علاقة جدلية وبعيدا عن الجدل الفلسفي العقيم أقول لا تنمية بدون إعلام ولا إعلام بدون تنمية فالإعلام هو الذي يبرز مشكلات التنمية وهو الذي يقدم الحلول...." 

وأول من كتب في هذا المجال وأثار قضية ارتباط الإعلام بالتنمية هو الكاتب الأمريكي ويلبر شرام (5 أغسطس 1907- 27 ديسمبر 1987) في كتابه " وسائل الإعلام والتنمية " الذي أصدره سنة 1974م

وقد يتساءل البعض ما علاقة الإعلام بالتنمية؟ والسؤال قد يكون وجيها يحتاج إلى توضيح فإن كانت التنمية تهدف إلى توسيع خيارات الإنسان وأن يعيش حياة كريمة يسودها الأمن والسلم ويستطيع أن يحقق فيها آماله وطموحاته فهل تتحقق هذه الحياة الكريمة دون إعلام يسلط الأضواء على ظروف الناس ويحمل قضاياهم العادلة للسلطات المحلية التي قد تغيب عنها بعض هذه المشاكل ؟ فهنا يتجلى دور الإعلام كمحرك للتنمية وحامل لوائها ويلعب دور الوسيط بين المواطن والسلطة فيشيد بالإيجابيات ويدعمها ويبرز النقائص لتجاوزها وحلها..

ويبين  الكاتب عبد المحسن شعبان في مقال له بصحيفة الخليج المفهوم الحقيقي للتنمية المستدامة التي لها علاقة بالتنمية الإنسانية الشاملة فيقول : "لم يعد مفهوم التنمية المستدامة مقتصراً على النمو الاقتصادي الذي يعني زيادة الدخل القومي وبعض مظاهر الرفاه الاقتصادي، وإنما أصبح يقصد به «التنمية البشرية» وذلك منذ صدور تقارير التنمية في العام 1990 واتخذ لاحقاً بُعداً أكثر شمولية وترابطاً بالانتقال من رأس المال البشري إلى رأس المال الاجتماعي، وصولاً إلى التنمية الإنسانية الشاملة وهو ما اصطلح عليه ب «التنمية المستدامة».

والتنمية المستدامة تعني باختصار «توسيع خيارات الناس» وتقوم على الحوكمة «مبادئ الحكم الصالح» وتعزيز احترام حقوق الإنسان، وهو ما أكّده المؤتمر العالمي الثاني لحقوق الإنسان المنعقد في فيينا العام 1993م" ويطلق عبد المحسن شعبان مصطلح الإعلام التنموي الذي يجمع بين الإعلام والتنمية ويبين لنا أهميته الكبرى في معالجة القضايا المجتمعية وفتح الحوار بين أطرافها، المواطن والمسؤول عن إدارة ملفات التنمية المحلية فيقول :

"ولعلّ مهمة الإعلام التنموي هي نشر وتعميم مفاهيم التنمية المستدامة، سواء المشاركة باتخاذ القرار أو بالتنفيذ أو عبر الرصد والمراقبة، فضلاً عن تقديم مشاريع قوانين ومناقشتها وفتح الحوار بشأنها من خلال معالجة القضايا والمشاكل المجتمعية، وهكذا يمكن للإعلام أن يكون شريكاً متمّماً ومكمّلاً لا غنى عنه في خطط وبرامج التنمية" ..

وهنا قضية ربما يغفل عنها كثير من الدارسين والباحثين في هذا المجال " الإعلام والتنمية" وهي ضرورة الاهتمام بحياة الإعلامي المادية والمعنوية من سكن مريح ومرتب محترم وظروف عمل تسمح له بإيصال مشاكل المواطن وتسليط الأضواء على المشاريع المحلية المنجزة أو المتعثرة دون ضغوط أو خوف فإحساس الإعلامي بالأمن والآمان هو باعث اساسي للتنمية المحلية الوطنية..

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

 شدري معمر علي

 

 

في المثقف اليوم