أقلام حرة

ذئاب الطائفية

هل ينتمى أولئك الذين يثيرون النعرات الطائفية إلى قيم ثورة الإمام الحسين؟. وهل يفلح مَن يدّعون حب الحسين بالوصول، ولو قليلاً، إلى فضائله وخصاله؟.. ألم يعلن بصوت واضح بأن هذه الأرض إنما أعدت للباحثين عن العدل واليقين، ولن تكون يوماً للذين اكتظت جيوبهم بالمال الحرام، وامتلأت خطاباتهم بالكراهية؟.

ألم يعلمنا أن السكوت على الظلم جريمة، وأن الحياة ما هي إلا كلمة صدق وحق، وأن دين المرء كلمته، ومفتاح الحياة كلمة، وأن الكلمة ضياء حين تكون مع الحق، ونار حين يراد منها الدفاع عن الباطل؟.

إن الذين يصرون على أن العراق وطنهم لوحدهم، وأن لا أخوة في الدين، وأن الطائفية أبقى وأهم، لا يمثلون أخلاق ثورة الحسين النبيلة.. إنهم كائنات غريبة على الدين والإنسانية التي قدم حياته ثمناً لهما.

عفوك سيد الاحرار لو بعثت اليوم سترى بعض الباكين عليك وهم يفسدون في الأرض، يخادعون ويزورون، عذراً سيد الأحرار يبكون عليك لكنهم لم يتعلموا ثباتك وقوة حزنك، وشموخك وأنت تدوس عليك الخيول.عذراً سيد الأحرار، البعض يبكون عليك نفاقاً ويسعون إلى جنّتك رياءً، وأنت الذي سعت جنة الله إليك تحث الخطى.عذراً سيدي فأن ضعاف النفوس، انتموا لذئاب الطائفية ونسوا أنك لم تكن طائفة، بل كنت ومازلت أمة للمستضعفين السائرين على طريق الحق والعدل والحب والتسامح.

اليوم نتذكرك يا إمام الحرية، ونحن نرى ساسة يتحدثون ليل نهار عن القيم الدينية، وأخلاق الحاكم، ورضا الله والعباد، ومصطلحات وعبارات ضخمة، لكن أكثرهم لا يؤمنون بما يقولون، سياسيين تعددت صورهم وأشكالهم، بعضهم لبس عباءة الفضيلة ليداري رذائله، روائح فسادهم ملأت أروقة مؤسسات الدولة وتسربت منها إلى الشوارع والأقضية والنواحي والمدن، وتحول بعضهم إلى مصيبة وقعت على رؤوس الناس، يتحدثون في ثورة الحسين لكي يخدشوا نصاعة وجهها وروعة مبادئها، وليجردوها من أهم ما جاءت به من معاني الرحمة واحترام الحياة، يدافعون عن الفساد والمفسدين والمرتشين، ويؤلبون فئة على أخرى، ويقيمون الدنيا ويقعدونها من أجل الحفاظ على كراسيهم.

لقد أخطأنا كثيرا فى حق ثورة الحسين حين تركناها فريسة للغلاة واصحاب النعرات الطائفية لكي يخدشوا نصاعة وجهها وروعة مبادئها وقيمها، وما جاءت به من معاني الرحمة واحترام الحياة.

إن المتطرفين والحمقى خطراً يهدد بحرق العراق، وإذ ما لم يتم التعامل مع هذا الركام المخيف من مناخ التعصب فلن يسلم أحد من نار الخراب .

سيظل الامام الحسين امة للنهوض، وليس امام للطائفية، وسنظل نردد مع مظفر النواب:

يا إمام الشهادةِ!

نعرفُ أن القتالَ مريرٌ

وأن التوازنَ صعبٌ

وأن ضعاف النفوس

انتموا للذئابِ

وعاشت ذئابٌ من الطائفية

تفتك بالناس...

ما أنت طائفةٌ

إنما أمةٌ للنهوضِ.

***

علي حسين – كاتب

رئيس تحرير صحيفة المدى البغدادية

في المثقف اليوم