أقلام حرة

نزعة التعذيب!!

الميل لتعذيب المخلوق الآخر نزعة مطمورة في النفس الأمّارة بالسوء، هدفها منح الشعور باللذة للشخص الذي تتفجر في دنياه وتقوده إلى آثامه وخطاياه.

وفي مجتمعاتنا تبدو النزعة متفاقمة، وذات منطلقات إنتقامية وعدوانية سافرة ومتوحشة.

وسيستغرب البعض من القول أن للدين دور في تأجيجها وإطلاق طاقاتها الهمجية، فأكبر العذابات تحصل بإسم الدين، لأن ربط السلوك بالدين يمنح الفاعل حرية التعبير عن عدوانيته تجاه الآخر الذي لا يؤمن بما يرى.

والتأريخ يتكلم بوضوح عن سلوك التعذيب والإنتقام بين أبناء الديانات وفي الدين الواحد.

ولو أحصينا عدد القتلى في تأريخ البشرية، لتبين أن أعظمها كان بسبب التلاحي بين أصحاب الأديان، وبين أبناء الدين الواحد الذين تمذهبوا وأصبحوا طوائف.

ومجتمعاتنا المؤججة عاطفيا بالدين، فيها تعذيب الآخر من نفس الدين أقسى ما يمكن تصوره وتخيله.

فإبن البلد يقتل إبن بلده لأسباب دينية بهتانية تضليلية، تنتهي به إلى إرتكاب جرائم مرعبة.

وفي زمن الطائفية القبيحة، من المتوقع أن تكون جرائم التعذيب الشديد القاسي لأبناء الدين الواحد لبعضهم  البعض في ذروتها، فالجلاد بإسم الله يُعذّب ويقسوا والمُعَذَب ينادي الله، والرب في دهشة وحيرة، والعبد يقتل وينتقم من الذي يعبد ذات الرب، فهل أنه التنافس على التقرب إلى الرب المتصور؟

ولا يوجد دين عرفته البشرية بلا سلوكيات إنتقامية فظيعة، ومهما إدّعى وتظاهر، فأن النفس الأمّارة بالسوء لابد أن تجد لها منفذا تعبر فيه عن كوامنها الخطيرة الفتاكة النوايا والتطلعات.

هذه النفس عجزت الأديان عن تهذيبها، ومن المروع أن تجلس على كرسي السلطة والحكم، فحينها تقع الواقعة وتصول سقر.

فهل من قدرة على إبعاد العقائد عن الكراسي، لتهدأ نوازع الإنتقام والجرائم بحق الإنسان؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم