أقلام حرة

الإنطمار في الواقع!!

المجتمعات المطمورة في واقعها لا تغيره لأنه يستعبدها ويغرقها، والغاطس لا يرى ولا يسمع وأنفاسه تضيق.

والعديد من مجتمعات الأمة في واقع مرير، يزداد قسوة وتستلطف تحمّلها وصبرها، وتعطيل عقولها وتخميد إرادتها، متوهمة بأنه الأسلوب الأصلح للبقاء.

والمجتمعات الحية تواجه الواقع بما فيه، وتفعّل عقولها للإنتقال إلى مرحلة متقدمة عليه.

ومنذ إبتداء الرحلة الآدمية فوق التراب، ومواجهة الواقع المحرك الأساسي للإنطلاق الحضاري.

فالسومريون واجهوا القصب والطين وما حولهم من مفردات بيئية، وحفزوا عقولهم لإستثمارها، فأسسوا لمسيرة إنسانية ذات معالم واضحة وشواهد خالدة.

وفي الزمن المعاصر إنطلقت سنغافورا في تحديها لواقعها المزري، ووظفته لتكون قوة إقتصادية وتقنية ذات شأن.

ومجتمعاتنا الغنية تقف عاجزة عن الإتيان بأصيل، وتستسلم لإرادة الطامعين بوجودها وثرواتها، ويبرز فيها مَن يبرر ويسوّغ قبول القهر والهوان والحرمان، وتمريغ رؤوس الأجيال بالدونية والضعف، والتبعية للآخرين مهما كانت تطلعاتهم.

وهناك مَن يحدثك عن فهم الواقع، وما يعنيه الإنغماس بالملهيات وأسباب النكوص والإنكسار، وعليك أن ترد على كل صوت مبرمج لغايات غاشمة.

فيكون تفاعل الأقلام مع الأصوات الغادرة، وسيلة لنشرها وتأكيد تأثيرها وتطوير نوازعها، وحشد مَن يلتف حولها، أو يعارضها، وبذلك يتحقق الإنقسام وتتشرذم الأنام، ويكون الفعل الآثم على ما يرام.

إن فهم الواقع لا يعني السقوط في الحبائل المنسوجة من خيوطه.

فلا بد من الخروج من شرنقته لرؤية ما يساهم بتذليل ما فيه من معوقات ومصدات.

فهل من رؤية وطنية واضحة ذات قيمة معاصرة؟

الإنطمار: الإندفان

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم