أقلام حرة

العرب لم يكونوا جهلة!!

العرب أمة ذات معارف وقدرات فكرية متقدمة، والشواهد الآثارية تشير إلى رقيِّهم آنذاك.

وفي زمنهم التجارة القوة المؤثرة في صناعة الحياة فبرعوا فيها، ولديهم أدواتهم وحرفهم والعديد من الأعمال القائمة في عصرهم.

والقرآن خاطبهم مباشرة، وفهموه بلا وسيط وعرفوا مفرداته، وتفاعلوا معه بنقد ومحاججة، مما يدل على أن لديهم معارف ومستويات إدراكية عالية.

وفيهم أشخاص مفوَّهون لا زالت تتردد في الأمة أشعارهم وخطبهم وقصصهم ومآثرهم.

وتراثهم الثقافي متراكم وإن لم يكتبوه، كشأن غيرهم من الأمم، لكنهم تناقلوه شفاهيا، وكانت مَلكة الحفظ عندهم متطورة ومؤثرة.

وجاء الإسلام وهم في ذروة وعيهم الحضاري، ومكث بينهم النبي (13) سنة محاججا، ولو كانوا همجا وجهلة لما إستمعوا إليه، ولا إحتملوه لبضعة أيام وأسابيع، وهذا دليل على وعيهم وقدرتهم المعرفية، ومهاراتهم في مقارعة الحجة بالحجة،  وقاوموا ما طرحه الدين الجديد بمنطق ومهارة حوارية.

إن المجتمعات الجاهلة الهمجية لا تتحاور، وهذه ظاهرة يغفلها الباحثون والدارسون، وينطلقون في أوهام أن العرب كانوا جهلة، وهذه دعايات أمعنت بها أقلام تعادي العرب منذ القرن الأول الهجري.

فهل سمعتم النبي يصف قومه بالهمج الرعاع، أم انه كان يعزهم وما أن دخلوا الإسلام حتى صاروا قادته، وقدمهم على بعض أصحابه الذين سبقوهم في الإسلام.

وكلمة جاهلية تصف السلوكيات التي ثار عليها الإسلام، وهي تفاعلات إجتماعية أعلن رفضه لها، وحث الناس على تجاوزها لبلوغ أسمى المعاني الإنسانية.

فلو لم يكن العرب بمستوى حضاري متقدم، لما جاء القرآن بهذا الأسلوب العربي الفصيح، فالذين تفاعلوا معه إستحضروا حججهم وأدلتهم للرد عليه وتفنيده، لكنه غلبهم فانضموا للدين الجديد إيمانا أو إذعانا، لأنه أصبح يمثل قوة العرب وإرادتهم الصاعدة.

فهل كانوا من القوم الجاهلين؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم