أقلام حرة

اننا يا ليبيا لن نخذلك

العبارة اعلاه، احدى مقاطع النشيد الوطني الليبي ابان الحكم الملكي، حكومة المنتصر ابرمت اتفاقيات مع حكومة جلالة الملكة وحكومة الولايات المتحدة، بإنشاء قواعد عسكرية في شرق البلاد وغربها، لأقت تلك الاتفاقيات او المعاهدات غضبا شعبيا تم قمعه، وكانت الحجة هي حماية الدولة الفتية من الاطماع الاجنبية، وتدريب جيشها حديث التكوين وجلب الاسلحة، واقامة بعض البنى التحتية، وذلك يتطلب ميزانية لا يمكن توفيرها بسهولة، حيث لم يتم اكتشاف النفط حينها، وبالتالي فان عقود ايجارات تلك القواعد تفي بالغرض. 

مع تغير نظام الحكم، تم في العام 1970 الطلب الى الدولتين بإنهاء الوجود العسكري بالبلاد، وتم (الجلاء او الاجلاء) لم نعد في وارد المعنى الحرفي للكلمة بقدر النتيجة وهي مغادرتهم الاراضي الليبية، كما ان الحديث عن عدم رغبة الاطراف في التجديد للاتفاقيات اصبح غير ذي جدوى .

البوارج والقطع الحربية تقوم بزيارات بين الدول التي ترتبط بمعاهدات دفاعية او علاقات مميزة، وعادة يتم استقبالها من قبل ضباط بصنف البحرية ، اما الساسة المدنيون بالدول المضيفة ففلا حاجة لهم للصعود الى تلك البوارج او القطع البحرية، لانهم سيتحصلون على معلومات وفيرة من مرؤوسيهم اصحاب الاختصاص.

غير ان ما جرى بالأمس في قاعدة طرابلس البحرية لدى وصول بارجة بريطانية(آلبيون-Albion) خرج عن كل التقاليد والاعراف الدولية، وهو يدل على ان المسيطرين على الحكم في البلاد حديثي عهد بالسياسة، كما ان وقوع البلاد تحت الفصل السابع منذ اكثر من عقد، وتدخل اطراف خارجية في الشأن المحلي جعل من الاطراف المحلية تتباهى بل ترحب بمثل هذه الزيارات وتعتبرها دعما سياسيا وعسكريا لها. في السابق لم نشاهد تبادل الانخاب بين الحضور ربما لالتزامهم بالعادات والتقاليد، أما اليوم فان الحضور لم يكترثوا لما يفعلون، فبيع الوطن ادنى مراتب الاجرام،

على مدى عقد من الزمن، لم تتوقف زيارات القطع البحرية لمختلف الدول المتدخلة في الشأن الليبي، بعضها زيارات بروتوكولية، واخرى تقوم بتوريد مختلف انواع الاسلحة والمرتزقة لأطراف النزاع المحلية، بل تتواجد قواعد عسكرية لدول أجنبية، تساعد هذا الطرف او ذاك وترسم له خطوط حمر بدماء الشياب الليبيين العاطلين عن العمل، لأجل المحافظة على مصالحها، لقد اصبحت البلاد مسرحا لصراع اقليمي ودولي يتم تنفيذه عبر عملائها بالداخل.

لقد فرط الاحفاد في ميراث الاجداد المتمثل في الوحدة الوطنية، والدولة المستقلة التي كانت نتيجة للكفاح المسلح ضد من توالوا على اغتصاب الوطن ونهب خيراته.

ترى ما هو شعور الوطنيين الاحرار وهم يقفون لتحية العلم ويعزف النشيد الوطني الذي من ضمن فقراته (لن نعود للقيود.....قد تحررنا وحررنا الوطن)؟؟.

نشعر بالذل والمهانة وخيبة الامل التي اوصلنا اليها ساستنا، أحفاد الخونة والمتاجرين بدماء ابناء الوطن على مر تاريخنا الطويل المليء بالبطولات. كما اننا نقف مشدوهين عندما نشاهد مزدوجي الجنسية وهم يؤدون التحية للراية التي في سبيل الحصول على جنسيتها باعوا رايتهم الاصلية ،ويغادرون الوطن عند الشعور بأدنى خطر يداهمهم، بعد ان اغترفوا من الخزينة العامة ما يروجون بانه من حقهم .

للأسف الشديد لقد اصبحت ليبيا وكرا للإرهابيين والمجرمين وشذاذ الافاق من كل اصقاع العالم، والمواطن هو من يدفع فاتورة جلب هؤلاء واستقرارهم من خلال تحمله انخفاض قيمة العملة المحلية بنسبة 75% ولم يعد يقو على الايفاء بقوت يومه.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

في المثقف اليوم