أقلام حرة

الإصلاح في المجتمع قيمة ومعنى

لاشك ان امل الانسان هو اصلاح المجتمع مفاهيماً، وقيماً، وأخلاقاً وتربية والذي لا يمكن انكاره هو ان القلوب الصافية كالزهرة المتفتحة يسرك منظرها، ومن اساسيات الاصلاح هو صفاء القلوب تجاه الاخرين وعدم حمل البغضاء لأمور شخصية او مصلحة او امور دنيوية، وعدم شن الحملات اياً كان نوعها والتي من شأنها ان تملأ روح الحقد والكره، لان القلوب متى ما اصابها الحقد لا تسعى للاصلاح انما للفتنة ولتفكيك المجتمع وغرس الحقد في القلوب وانتزاع طابع الحقد واستبداله بحب الخير والعطاء وحب المجتمع وجعله مجتمع متماسك وقلب واحد لن يكون بجهد فردي بل بجهد جماعي، ويحتاج الى سهر وتعب واجتهاد بعد ان فرقت ابناء المجتمع الصراعات على المناصب التي لم تعد تجمل اي قيمة واي معنى في ظل معوقات سرقة اموال الميزانيات وضعف بالعمل وعدم الانجارز، في العراق اصبحت الحاجة الى تشكيل عامل ضغط وطني عقلاني لتحقيق الاصلاح في جميع المجالات، لان الفساد اصبح التحدي الاكبر والمعيق له، ومحاربته لا يتحقق بالنوايا الحسنة والمحاباة بل بحزمة اصلاحات شاملة واقصاء لهؤلاء الفاسدين، ليصبح واقعاً تتربى عليه الاجيال وثقافة عامة تسيّر في طريقها الاجيال في سلوكياتهم العامة، لقطع اذرع الفساد الممتدة في كل موقع بسبب المحسوبية والشللية لتعبث بقيمة ومقدرات الوطن،ان الله سخرللانسان ما في السّموات والأرض، واختاره لكي يكون خليفته في الأرض ليحمل القيم الإلهيّة الجميلة في سلوكه وأخلاقه وتعامله مع الناس وخدمته لهم.. وجعله سفيراً للرحمة .

 الإصلاح يراود كل انسان عنده قلب  يعيش به ويتطلع  إلى اللحظة التي يغمر فيها العدل والمساواة الكون، وطبعاً الإصلاح يبدأ من الفرد، لا من المجتمع، و ليس من الحاكم، إنما كل إنسان يبدأ بنفسه، فيصلحها والله سبحانه وتعالى في كتابة الكريم يقول: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد 11، من المهم التركيز على الوعي والإخلاص لدى المواطن وإصلاح الإنسان نفسه قبل أن يصرخ عالياً وينادي بالإصلاح في أمور لا يمكن أن تحدث دون صلاحه هو وغيره.. ومن المهم أيضاً أن يكون التغيير من ذاتنا نحن وأن نبدأ ونضع في الاعتبار أن أفراد الأسرة هم جزء مهم من ذلك التغيير وعلينا الاهتمام بهم. الإصلاح أمر كبير وواسع ويتجاوز النظرة الضيقة ليتصل بما يسمى بالشمولية في أي مجتمع فإن تحديد بداية الإصلاح مهم وضروري.. ولا يتناقض هذا مع ما يطالب به اليوم من مصارحة ومناقشة وطنية المشكلات والهموم  والبحث عن حلول كبرى للقضايا الررئيسية، والعمل على مسارات أخرى مثل تحديد بداية الإصلاح يظل مهماً وحيوياً. وبلا شك أن هذا العمل يحتاج الى جهت يسعى به لتحقيق هذا الهدف، والأمل دون عمل لا يحقق المقاصد، الإصلاح هو عملية تجديد تتصل بالحياة، ومنهج حياة لا يمكن يستغني عنها مجتمع يريد الاستمرار بحال من الأحوال، فإذا اختفى الإصلاح من المجتمع صاروا لا يبالون بارتكاب الجرائم والانحرافات، و لقطع اذرع الفساد الممتدة في كل موقع بسبب المحسوبية والشللية لتعبث بقيمة ومقدرات الوطن، لنحقق الانجازات الحضارية ولتكون مصلحة الوطن هي العليا فوق كل مصلحة ذاتية، ونسيطر على أزماتنا ومنع تفاقم المشكلات او ازدياد حجمها، وتسارع وتيرة الأحداث بسبب الفقر والبطالة، وحتى لا يكون انعكاساتها من عنف وسرقة وانحراف وغيره تمس الثوابت الاساسية لاستقرار المجتمع وأمنه، ومن هنا تأتي أهمية الإسراع في الإصلاح لارتفاع الحاجة لقيم إنسانية ومعيشية ومجتمعية واقتصادية غير قابلة للجدل لانها تتعلق بكرامة الانسان وامنه الاجتماعي ومشاركته في البناء التنموي وحرصه على الانتماء الوطني، لهذا يصف رسولنا الكريم (ص) ذلك "حال المجتمع بحال ركاب السفينة، حيث يكون بعضهم في أعلاها، وبعضهم الأخر في أدناها "، يهدف من ورائها حماية المجتمع من شيوع المفاسد والانحرافات، حتى نصل إلى الغاية الكبرى، وهي تحقق الإصلاح البشر من جميع النواحي، فَبإصلاح البشر يصلح نظام العالم .

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

في المثقف اليوم