أقلام حرة

متى تستجيب ايران لمطالب المحتجين؟

بداية اتكلم عن استجابة ايران بكل مواصفاتها وليس السلطات الايرانية التي يمكن ان تستجيب عن المطالب، لانني اعتقد بان المطالب الاساسية يمكن ان تستجيب لها ايران تاريخا وجغرافية وفكرا وفلسفة ويجب ان تكون الاستجابة للجيمع وليس لفئة معينة، وان من يجيب عن المطلوب اصلا يمكن ان يكون هو سلطة مغايرة والا ام يتوقع احد بان تكون السلطة الحالية في موقع ان تجيب دون ان تتعرض لابلاع الذات نتيجة اتخاذ الخطوات المطلوبة للاستجابة، وانها تتعرض  تتاكل هي من نفسها سريعا خلال هذه المدة او عند محاولتها ترقيع الموجود.

عند تقييم ما يحصل في ايران من سيطرة المحتجين ليلا على اغلبية مدنها بينما السلطة تسيطر نهارا وبخوف كبير ايضا، فيمكن القول بانها ولد النهار ويجزع من ما يفرضه الليل من الهيبة والهدوء معا. فلا يمكن ان نصف هذا الولد الا بانه خائف من ظله ولم يتمكن من المواجهة المعتادة التي كان يدعيها وهو الاقوى البطل غير المبالي ما يفرض ان يكون في ثنايا ليل الابطال والمواجهة وكانه في وضح النهار. ويعلم الجميع ان من يخاف من المواجهة الصريحة في الظلام الحالك ستكون نهتايته قريبة مهما ادعت الانتصارات . لقد مرَ الكثير من الدول بما يجري في ايران اليوم وبظروف مختلفة، ولكن ان كان هناك امر في وجود الاستناد على امر قد قدٌس منذ الف واربعمائة عام ولم يتجرا احد ان يتنكلم عنه علنا سواء لتقديسه او خوفا ضمنا من الافرازت التي تخرج من مثل هذه المواقف ازاء المقدسات التي فرضت عليه وان كانت دون ارادة ورضى الذات وان عرف الجميع بانها اداة السلطة القمعية.

من المعلوم ان ايران اليوم تنكر ما يحدث ولم تتقبل ان شعبه قرف من ما يخصها ومن  ما تستخدمه من التوجهات او الافكار التي انتهت مدة صلاحياتها ومن دون ان تعترف هذه الدولة التي تعتبر نفسها منافسة لاكبر دولة في العالم بانتهاء صلاحياتها.

انني لا اعلم نتيجة ما يحصل هل سيؤدي الى انهاء صلاحية النظام المستند على الدين نهائيا ام ان هناك ما يدعم بقائها لمدة اخرى نتيجة عدم تهيئة الشعب الى الان لما المطلوب في انهاء دولة ودين وفلسفة وفكر معا ويمكن الاعتراف الى حد يمكن ان لم نكن اكثر تفاؤلا نقول انها حركة شعبية تعتبر طليعة لما تريده شعوب اخرى في المنطقة من اجل انهاء الفلسفة ذاتها التي يفرضها بالشكل المشابه او بمسرى مغاير، حتى يمكن القول بانه التاريح هو ما يفرض الامور الفكرية التي تحتاج الى التغيير بشكل مباشر، او نتيجة المتطلبات السياسية العالمية التي لم تعتبر الوقت ملائم لانهاء صلاحيتات مثل هذه السلطات الان.  وربما لم تترسخ بعد الارضية او لم تحدث شي يمكن ان يقدح ويحرق الموجود دون علم احد مسبقا بها ويكون لصالح الكبار. والمحاولة الشعبية العظيمة  التي تعتبر انعطافة من جميع النواحي لما هو الموجود وربما انقلابها لاستقبال الاتي.

 انني متاكد بان الواقع الايران السياسي الفكري الفلسفي الديني لم يبق كما هو عليه الان وكل ما متصل به سيشهد تغيرا جوهريا وان لم نتاكد بعد من ان يكون افضل مما هو عليه حتة وبشكل نسبي الان، لان المصادر والدوافع والفاعلين لم يظهروا بعد لنتمكن من تقييمهم وبيان ما يتجهون اليه فيما بعد الاحتاجات وبيان نتائج الثورة، الا اننا نعلم بان ما يحدث هو عملية نابعة من رحم الفرد بعد المعانات مع المفروضات عليه من قبل نظام وهو ثابت غير قابل للتغيير المطلوب، وغير مستجيب لما تفرضه عليه المعادلات السياسية ومسار الحياة الطبيعي وليس السياسي ايضا.

الانكار عن وجود الاحتجاجات اولا ومن ثم التبجح في التقليل من الامر واتهماها بمؤامرة وكما يحدث في كل زمان ومكان وبالاخص في الشرق الاوسط، ومن ثم التهديد بوأد دابرها، فيعني هذا بداية للتخبط الاجباري الذي يفرض نفسه على كل الانطمة التي تناثر في موقعها نتيجة تعرضها لمثل هذه الهزات من قبل شعوبها وما تعتبرها مضاد لمصالحها، اي لا يمكن ان نتوقع استجابة السلطات لما هو مطلوب منهم، نتيجة عدم امكانهم الاستجابة اولا ومن ثم شعورهم بان ما يحدث لا يمكن ان ينتهي بحل مقتضب وكلام مبتسر وووعد شفهي مخادع. والجميع يعلم بان استجابة جزئية تزيد الشعلة اوارا لاسباب عديدة منها عدم وجود الثقة اصلا بين السلطة والشعب اولا واشباع الشعب الايراني بالوعود الكبيرة وعدم لمسهم اية نتيجة من الوعود التي قطعتها مثل هذه السلطة على نفسها من قبل.

الشي السلبي الذي يمكن ان يضر بما يحدث هو لعب السلطة على الوتر الحساس وهو العمل على احداث شرخ في جسد جميع مكونات الشعب الايراني من خلال بيان الفروقات الثانوية واهمال ما هو المفروض عليها من الاستجابة عن المتطلبات العلنية العامة منها اصلا  قبل الكلام عن التغيير المنشود الذي يتكلمة عنه خداعا، والاستمرار دون توقف لصالح الجميع وليس لمكون او فئة او مجموعة فقط.

اما عدم وجود قيادة مركزية او مجموعة معينة او جهة معلومة لادارة ما يحدث، يعتبر امر مفيد ولصالج العملية باكملها وداعم لمسيرتها معنويا، لانه يمنع التدخلات المباشرة من قبل السلطة او التابعين لها، هذا الفراغ الطبيعي لوجود السلطة الذاتية للاحتجاجات  يسد باب التاثير على القيادات المسيطرة عليها ان كانت موجودة كما حصل من قبل لدة الفعاليات في ايران كانت ام في المنطقة برمتها . فان مسيرة ما يحدث لحد الان تبشر بالخير لان الافرازات السلبية التي كانت منتظرة من احتمال انبثاق مجموعة تقود ما يحدث ربما كانت تضر العملية اكثر من سلبيات عدم وجود قبادة محددة ومعلومة بتوجهاته وافكارها ومنهاجها وفلسفتها، فعليه اننا ننتظر التغيير الاني للايام المقبلة وكيف سيكون التوجه النباع فطريا من قبل المحتجين وما يحدث مركزيا. لنا ايضا الكلمة عن المشاركة المتواضعة للمدن الكبرى الاخرى خارج كوردستان ايران نتيجة تخوفهم من ان يكون ما يحدث لصالح الشعب الكرودي فقط ومن اجل تحقيق اهدافه، ولكن المشاركات الاخيرة قد ابعدت عنا هذه الشكوك ولم يبق الا التواصل ومتابعة التغييرات والتقييم اليومي من قبل المشاركين فقط وعدم السماح لطرف واحد الركوب على الموجة .  

***

عماد علي

في المثقف اليوم