أقلام حرة

ماهي السلطنة والترف؟

بعد أن عرف اصدقائي القريبين في السكن بمرضي تجمعوا حول سريري الذي يشبه عش رشاشة أحادية وانتصب فوقه كمقاتل يصطاد طائرات العدو ببراعة متناسيا ان الحرب أصبحت حرب مسيرات وأن دول العالم الثالث هي من تزود بها دول العالم الأول وبعد كلام في الأدب والسياسة وثلب بعض الأدباء وشتم ثلة السياسيين أخبرتهم أن لدي عبوات نسكافة وعبوات شاي و(ترمز) كهربائي يسخن الماء فمن منكم يريد نسكافة ومن يريد شاي؟ فانقسموا كعادة العراقيين مع ان الأمر سهل لا يتعدى وضع العبوة في (الكلاس) وسكب الماء المغلي فوقها وبعد أن أمسك كل منهم بكاسه قال أكبرهم عمرا وأكثرهم حرمانا:

(وابيك هذا هو الترف وهذه السلطنة إذ تفعل ما يحلو لك من غير أن يمن عليك أحد أو تطلب من آخر) فقلت له: من وجهت نظرك ماهو الترف والسلطنة؟ وأجاب بثقة عالية ..

أن يكون لك بيت فخم يحتوي على خمسة غرف نوم بحماماتها وخدماتها ولديك مدبرة منزل وطباخة وخادمة لكل واحدة غرفتها وتسافر كل ليلة إلى إحدى الغرف متوقفا (ترانزيت) في غرفة المدبرة وتستمع إلى نصائحها .

فهز البعض رؤوسهم واسمعه بعضهم كلمات مزاح قاسية  وقال آخر ارى الترف والسلطنة هو:

العيش في وطن لا يخدعك ولا يسرق حقك ويضمن كرامتك ويتيح لك التمتع فيما بقى من ايام عمرك بهدوء .

أما الثالث فأطلق الزفرات والحسرات وقال: أنا اختلف مع الجميع وليس بحاجة إلى بيت كبير اطوف في ليله على غرف العاملات كما ليس الترف أن يضمن لك الوطن كل حقوق المواطنة إنما ارى الترف والسلطنة أن يأخذوني عنوة من البيت او العمل ويسكونني في دار المسنين لي سرير يخصني وخزانة ملابس واشيائي الأخرى فقد تعبت من الذهاب إلى (مسطر) العمال وارجع خالي الوفاض أغلب الأيام لان (الخلفات) يسيرون على خطى النبي شعيب ولا يستاجرون الا القوي الأمين وانا حالي مزر بلا قوة ولا وطن يشفق علي هنا انقلبت الجلسة إلى نكد بعد أن بكى الرجل وابكانا وأنهالت الشتائم على وطن يحلم أهله بأبسط حقوقهم .

***

راضي المترفي

 

في المثقف اليوم