أقلام حرة

ضبط النفس.. انتصار

التهور وفقدان القدرة على التحكم بالأفعال في حالات الغضب والاستفزاز مشكلة خطيرة يعاني منها الكثيرون، اذ تسبب الانفعالات والاندفاع شروخا ًفي العلاقات بالآخرين تصل احيانا الى القطيعة لذا يصف الفلاسفة ضبط النفس على انه من علامات العظمة وانه طريق النجاح للشعور بالرضا والسعادة، ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك ومواجهة الضغوط النفسية والعصبية والحفاظ على الهدوء وبرود الاعصاب وتجنب الغضب والعصبية ونحن نعيش وضعا غارقا في الفساد وأمام أقدار مضحكة مبكية؟، حتى ان الدعوة الى ضبط النفس والحفاظ على السكينة والهدوء الداخليين يعد بطرا في ظل مهازل سياسية واجتماعية ودينية كافية للإطاحة ليس بصبرك فحسب انما ايضا بإنهاء حياتك كمدا.

العرب وصفوا ضبط النفس وتحاشي الغضب في المواقف المثيرة بـ (الحِلمْ) والشخص الذي يسيطر على انفعالاته مع القدرة على الرد بـ (الحليم) ونسبوا الترفّع عن مجاراة المخطئ، الى شرف النفس، وعلو الهمة حيث تذكر لنا كتب التاريخ العديد من القصص التي بينت مزايا التصرف الهادئ المقرون بالحكمة والتروي، أما المجتمع الغربي المعروف بأعصابه الباردة تجده احيانا مبالغا في تحليه بالصبر ومواجهته المواقف الصعبة برحابة صدر وأريحية لا تصدق وقد لمسنا ذلك في العديد من الافلام والبرامج التلفزيونية التي تقدم نماذج من ردود الافعال على الاستفزاز بابتسامة وهدوء عجيبين، حتى ان برود الاعصاب عند الغربيين يثير استغراب الغربيين انفسهم وهذا ما حدث مع مذيع نشرة الاخبار " توم برادبي " الذي سمع دق جرس الانذار بوجود حريق في الاستوديو لكنه ظل مستمرا في تقديم نشرة الاخبار لمدة 40 ثانية بهدوء تام وانسحب من نشرة الاخبار والخروج من المكان برباطة جأش قائلا: "في الواقع أنا أعتذر. سنعود إليكم مع بقية البرنامج إذا كان بإمكاننا ذلك، وتصبحون على خير"، وعلى صعيد المواقف الاجتماعية المستفِزة يحكي "احمد المنياوي" مؤلف كتاب (الرغبة المدمرة) قصصا عن حكام وزعماء انساقوا وراء نزواتهم فجاءت نهايتهم السياسية بالجنس ومن بينها قصة تشير الى القدرة على ضبط النفس في مواقف لا تتحمل ذلك يقول فيها ان مشيعي جنازة الرئيس الراحل فرانسوا ميتران تهامسوا في دهشة وفضول عندما شاهدوا سيدة وبصحبتها فتاة شقراء تبدو على وجهها علامات حزن حقيقي.. كانت السيدة وابنتها تسيران الى جانب أرملة الرئيس الراحل، وانقلبت الجنازة رأسا على عقب عندما علموا ان السيدة هي عشيقة الرئيس الراحل ومعها ابنته غير الشرعية منها، تخيل المشهد الزوجة جنبا الى جنب مع العشيقة ويبدو انهما قد تفاهمتا واستقر رأي كل منهما على انه لا فائدة الان ــ بعد رحيل فرانسوا ــ من الصراع والمنافسة فيما بينهما!! .

أي برود اعصاب تتحلى به ارملة الرئيس وهي تسير هادئة الى جانب (ضرتها)؟.

***

ثامر الحاج امين

 

في المثقف اليوم