أقلام حرة

حظي مع الإشاعة

لا نختلف كثيرا على ان للإشاعة تأثيرات سلبية وايجابية على حياة الفرد والمجتمع لما لها من قدرة على احداث الارباك وعدم الاستقرار في المجتمعات التي تتبناها وتقوم بالترويج لها، وتوصف الاشاعة على انها (خبر او مجموعة اخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع يختلقها البعض لأغراض خبيثة، ويتناقلها الناس بحسن نية، دون التثبت في صحتها، ودون التحقق من صدقها)، وغالبا ما تكون الاشاعة شيقة ومثيرة للفضول وتلقى رواجا وانتشارا بين قطاعات واسعة من المجتمع ولها تداعيات مختلفة فالبعض منها يكون خطيرا ذات تأثير سلبي على السلوك الانساني، والشعب العراقي كان وما يزال من اكثر الشعوب ولعا بالإشاعة والترويج لها وذلك بسبب الارث الثقيل من ثقافة الشك والتخوين والبطء في التفاعل مع المتغيرات، وشهدنا أيام اشتداد الاصابة بفايروس كورونا وما رافقها من حملة تشكيك باللقاح والتحذير من أخذه الأمر الذي أدى الى عزوف قطاعات كبيرة في المجتمع من أخذ اللقاح مما تسبب ارتفاع في معدل الاصابات والوفيات، ولخطورة الاشاعة على السلم الاهلي فقد خصصت العديد من الدول أقسام خاصة في دوائرها الأمنية والاستخبارية لمتابعة الاشاعات والتعامل معها، ولشدة تأثيرها ايضا فقد استخدمت كواحدة من الأدوات الفعالة في الحروب النفسية بين الدول المتقاتلة، وخطورة الاشاعة تكمن ايضا في سرعة انتشارها وتداولها حتى ان الكاتب مارك توين قال فيها « يمكن ان تكون الكذبة قد جابت نصف العالم فيما الحقيقة لا تزال تتأهب للانطلاق » .

 والعراق كما اسلفت ومنذ عقود طويلة كان وما يزال تربة خصبة لظهور الشائعات والترويج لها، وعلى صعيد التجربة الشخصية مع الاشاعة اتذكر في مطلع ستينيات القرن الماضي وكنت أيامها تلميذا في المرحلة الابتدائية قام برنامج الغذاء العالمي وهو اكبر وكالة انسانية لمكافحة الجوع في العالم بتسليم وزارة التربية العراقية كميات كبيرة من الزيت تولت ادارات المدارس توزيعها على التلاميذ بمعدل علبة واحدة زنة 5 كغم لكل تلميذين ولكن بسبب الاشاعة التي سرت بين العوائل مفادها ان هذا الزيت هو زيت الخنزير فقد أحجم الكثير من التلاميذ وبتوصية من عوائلهم على عدم استلام حصتهم مما دفع ادارات المدارس الى التخلص من الكميات الفائضة من العلب عن طريق زيادة حصة التلميذ وجعلها علبة كاملة لكل تلميذ، وكنت من بين الفائزين بعلبة كاملة بفضل تلك الاشاعة المباركة . 

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم