أقلام حرة

الكاتب والمؤرخ اليوم.. أمام التاريخ

موضوع في غاية الاهمية بعد هذا الضياع الفكري الذي يلف الكُتاب والمؤرخين العراقيين من جراء النكبة السياسية التي حلت ببلدهم (العراق العظيم)، فلم يعودوا متفاعلين مع القراءة المعاصرة والنظرة الجديدة للتغيير، المطلوب منهم اليوم عرض وجهة نظر جديدة الى واقع الحال والمعرفة والتشريع والاخلاق والاقتصاد والتاريخ، استنتاجا بما يجري في بلدهم المعرض للانهيار الكلي من قبل تدخل المواطنين الفاشلين والاعداء الاخرين، آخذين بعين الاعتبارشمولية العقيدة الوطنية والدينية التي يرتكز عليها مستقبل الوطن الظليم .

القائمون على سلطة الدولة اليوم همهم الاول ان يلغوا قانون الصيرورة الزمنية (نظرية التطور) حيث تكمن عقيدة التوحيد، وقانون تغير الاشياء، وقانون الاخلاق، لذا على الكُتاب والمؤرخين من واجبهم اليوم وضع منهج جديدة لقيادة الوطن قائم على البينات المادية واجماع الاكثرية ومحاربة اساليب الخُرافة والتخلف المبتكرة من السلطة اليوم، التي تقودهاحركات التخلف الديني اليوم (الرادود ومعتقدات ادعية والمزارات مثالاً) لقوقعة المجتمع وتحويله الى انغلاقية الفكر المبعد عن استنارة التنوير .لذا من الواجب على اصحاب القلم التوجه نحو تحقيق حرية التعبير عن الرأي، وحرية الأختيار، وهما اساس الحياة الانسانية في الدين .

لم يتركوا الاعداء لنا طريقة تدميرية الا وادخلونا بها بحجة الدين واهل البيت والصحابة الميامين، مساكين اهل البيت وصحابتهم ودينهم ورسولهم الذي زورنا كل ماكان يقول، كم ظلمناهم وباسمهم خلقنا الكراهية والانفصال، فهل من شريف يقف الى جانبهم كما وقف الحر بن الرياحي مع الحسين في معركة الطف، ويزيد الثاني حين تخلى عن خلافة الامويين.

اينما توجهنا هذه الايام نرى الاكثرية الساحقة من الناس في بلادنا العراق مثلهم مثل هذا الغني، همَهم الوحيد جمع الاموال بطرق مشروعة وغير مشروعة حتى تغيرت الاخلاق الى اللامعقول، وهم يعيشون في خوف شديد من المستقبل القريب، لدرجة انهم نسوا اخرتهم القريبة جدا منهم، وما هم فيه يعتقدون .

الحياة الدنيوية ليست نهاية لتستأثربأهتمامك كليةً افلا تظن ان الحياة الاخروية وحسابها تستحق اهتماما اعظم،، والا لماذا هذه المواكب للدك واللطم والصلاة المستمرة وصيام رمضان والحج والعمرة ان كنت تعتقد لاحسيب ولارقيب، ؟فلا تُبعد عنك شبح الموت، فالموت اقرب من الحاجب للعين، لكنه بعيد ابعد من جرفي البحر الواسع بين المحيط، كم منا من يفاجئنا الموت وكم منا من يبقى الى ارذل العمر يتمناه ولا يريد.

سيأتيك غدا اليوم الذي فيه تسمع صوت الآله من بعيد يناديك "استعد فهذه الليلة تُطلب نفسك منك لتخلد في عالم الارواح تنتظر المصير"، ساعتها ستدرك ان كل ما جمعته حراما، وما خنته حراما وما ظلمت به الناس حراما، لا يجديك نفعا منه اكيد، ولكن لا ينفع الندم بعد فوات الاوان، فالزمن لا يعود الى الوراء مستحيل ابدا الا في مخيلة اغبياء الزمن القديم.فماذا تنتفع لو ربحت العالم كله وخسرت نفسك امام المجتمع ورب العالمين، كما خسر ابو رغال خائن مكة نفسه واصبح اليوم يرجم كالشيطان من الحجيج.

اترك ما انت فيه وماتسمعه من صاحب الحزب والمكون الخائن العتيد، الذين انقلبت وجوههم الى ما تشبه اوجه الخنازير .انه معذب في داخله يتكبر على الزمن الجديد، لكنه واهن في ذاكرته كثير،

قل اخي المواطن: يا آلهي ارحمني واعفو عني وزدني عقلا فقد اخطأت الحساب الكبير، فلا طريق لك الا الخلاص من ذنوب ما اقترفت، فالغريب لن ينفعك في نفسك وبلادك فلاتخونهما من اجله انه عدوٍ لئيم، انه جرم اكيد.قل يا رب اهدني الى الصراط المستقيم، فلا حياة بلا اعتدال، ولاحياة بلا أمان، ولا حياة بلا رضى الوطن، والله العلي القدير.

ايها العراقيون المغلوبون اليوم على انفسكم، لا تسرقوا الناس المستضعفين، يقول الامام علي (ع) الا ان كل قطيعة اقطعها الحاكم وكل مال اعطاه من بيت مال المسلمين، فهو مردود في بيت المال، فان الحق القديم لا يبطله شيء، والعقل مضطر لقبول الحق، فان في العدل سعة، من ضاق عليه العدل، فالجور عليه اضيق، وكما تراهم اليوم كلهم خائفون مشدودون في المصير.

اسئلوا حكامكم اليوم الذين سرقوا الاموال وقتلوا العلماء، ومنهم من هرب، ومنهم من وكل الابناء على التصرف باموال المواطنين، نحن اليوم في العراق نمر بمشهدٍ يكاد ينطق بصوت الكارثة القادمة وراء حجب الغيب الرهيب، فالكذب والخداع وفضائيات التخريب لن تنفعهم لان الله لا يحب المعتدين.

السلطة اصبحت اليوم بايديهم، فاحتكروا الثروة، والمعرفة، والسلاح لقتل المواطنين، والواحد منهم اصبح ينوي تصفية خصومه السياسيين، والقرآن، يقول:"من قتل نفساً بغير نفسٍ او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً المائدة 32".لقد اثبت التاريخ وسيثبت ان كل فكرة نقلها الحكام المارقون اليوم لم يكونوا سوى جهلة أميين لا يحسنون قراءة التاريخ، عليهم ان يتعلموا العلاقة التبادلية لجدليةالانسان والبناء الحضاري ليصلوا بالوطن الى قمة الكمال والرفعة لا ان يكونوا مهزلة امام الاخرين، محصورون في خضرائهم خائفون، لا تكونوا كمن جعل الحكم حكما عضوضا بغية الاستحواذ على السلطة والمال العام المحرم على الحاكمين، والا فان البيت المنقسم على نفسه سيزول كما زال الاقدمون، لا تعيشون مع الوعود، فالوعود فخاخ للضعاء التي يوقعون فيها الحمقى من الاخرين .

اني ارى فيكم كل مساوىء التاريخ ايها الحاكمون في العراق اليوم وانتم امام عيني ظالمون، لكنني ارى فيكم كل أكثر مما أرى، فلا تكونوا مثل كل الفاشلين الذين صنعوا من انفسهم رجال دين، فاعلموا:

ما قيمة الناس الا في مبادئهم، لا المال يبقى ولا الالقاب والرتب، اصحوا، ايها، النائمون؟.

اخي الكاتب، اخي المؤرخ اكتب بشجاعة القلم ضد الفاسد والخائن، فالقلم امضى من السيف، على رقاب الساقطين .

***

د.عبد الجبار العبيدي

في المثقف اليوم