أقلام حرة

كيف تصنع لك سيداً أخلاقياً؟

طبعا لا أحد يرضىٰ أن يُوصف. بأنه عبد، لأن ذلك يجرح كرامته فهو مفطورٌ على أن يكون نداً لغيره لا أن يكون ادنىٰ من غيره ولأن العبودية تضع صاحبها في مرتبة ادنىٰ وتضع السيد في مرتبة اعلىٰ فأن ذلك يمثل خرقاً لطبيعة الخلق المرتكزة على تكافؤ الفرص والظروف بين الناس لأن خلاف ذلك سيُسقط موضوعية التكليف أو أن يكون التكليف مرتكز على موضوعية الفارق بين شخص وآخر بحسب ظروف الواقع ومن ضمنها واقعية وجود هذه المراتب غير المتكافئة (السيد والعبد) ولكن هل أن الواقع يمثل إرادة الخالق ام إرادة المخلوق ؟ لاشك أنها إرادة المخلوق المرتكزة على الانانية وحب الغلبة ونزعة التفوق ، اذن نحن هنا أمام صراع بشري لتحقيق الفارق ، وهذا هو امتحان الإيمان ومحـك الطاعة حيث أن الإقرار بالعبودية لله هي إقرارا ضمنيا بأن لاتكون عبدا لغيره من هنا نفهم أن الإنسان مخلوق لايمكن له أن يكون سيداً على غيره أو أن يكون عبدا له إلا أن يخرق قاعدة أن العبودية لله أو أن يجد له سيداً أخلاقيا يغطي به عبوديته لغير الله لذلك ترى أن غالبية من يتخذ له سيدا بشرا انما يتخذه مقدساً بمعنى أنه يجعل هذا السيد في مرتبة مقدسة متعلقة بشكل أو آخر بالخالق، لأنه يعلم أن المقدسين من الأنبياء والاوصياء هم رسل الله وهم حجج الله على خلقه، لذلك لايشعر بالعار أو الخزي أو أنه يخرج عن فطرته لأن من وَضَع هذه الذوات في مرتبة مختلفة هو الله لذلك تراه يجهد نفسه لرفع أي سيد يستعبده سياسيا أو دينيا لكي يلامس هذه المقامات الخاصة بإطلاق القاب مقدسة من قبيل ايات الله أو حجج اسلام ومسلمين أو الولي المقدس أو العارف بالله أو الامام التي استخدمت مؤخرا في الواقع أن كل تلك الألقاب والعبارات المقترنة باسم الجلالة أو بالمقدسين الغرض منها هو ان لا يشعر بأنه عبدا لغير الله والحقيقة أنه واقع تحت تأثير مجموعة من النزعات الفطرية الاخرىٰ والتي تتعلق بتحقيق الفارق عن الآخرين وهي اشكال مختلفة من المصالح والمنافع المادية والمعنوية لذلك فإنه يقع بين شكلين من الصفات الذاتية وهي أنه إنسانٌ حرٌ متساوي مع الآخرين في المرتبة وبين دوافع المنفعة المتأصلة في النفس البشريه من هذه النقطة تحديدا يبدأ الصراع ،، حيث أن تحقيق الحرية بتمامها يستلزم حتما تحجيم وكبح المطالب النفسية في تحقيق هذه المنافع حتىٰ تصبح هذه النفس لاتدين لاحد بشيئ مما يجبرها علىٰ التخلي عن حريتها مقابل تحقيق منافعها المادية أو المعنوية وهذا هو من يتخذ له سيداً مقابل هذه المنافع. وهذه هي مرتبة العبودية الطوعية حيث أن هذه المرتبة تتمثل بقبول الإنسان (صفقة) مبادلة حريته بالمنافع تحت عنوان مقدس

 المرتبة الثانية .. هي الاستعباد وهذه هي أدنى مراتب العبودية فهي تمثل الاستعباد القسري حيث أن السيد هنا هو الفاعل والعبد غير مخير لذلك فهو غير مسؤول عن عبوديته ............

الصنف الأول.. هو الأخطر وهو العبودية الطوعية تحت غطاء أخلاقي بمعنى أنه يريد الحصول على المنافع دون أن يحصل على مرتبة العبد !!؟.

***

فاضل الجاروش

 

 

في المثقف اليوم