أقلام حرة

لماذا تنشأ الفصائل المسلحة؟

في الواقع أن لكل نتيجة مقدمات، لذلك فان نشأة هذه الفصائل لها مقدمات موضوعية لابد لها أن تُنتج هذه الفصائل وعلى رأس هذه المقدمات هو الاحتلال الذي من نتائجه الحتمية والطبيعية أن تنشأ عنه مقاومة وهذه المقاومة لابد لها من هيكلية تتحول لاحقا إلى جسم محدد وبعد ذلك يأخذ عنوانا، وكل ذلك في الواقع لامشكلة فيه بل إنه مطلوب بل واجب، المشكلة مابعد ذلك حيث يدخل الإنسان في امتحان الاخلاص حيث تظهر النزعات البشرية في أي بيئة تُحتَمل فيها المغانم المادية والمعنوية وما أكثر هذه المغانم في بيئة الصراع لذلك فأن هذا العنوان'المقاومة'سيتحول إلى حاضنة لايريد المنتفعين منها أن تذوب في المجتمع حتى لو زال سبب وجودها وهو الاحتلال فالأمر ليس بهذه السهولة لأن هذا العنوان سيتحول حتما إلى رافعة طبيعية للأهواء والمغانم والاستقواء مغطاة بعنوان أخلاقي وهو المقاومة، لذلك ستجد في كل التجارب الإنسانية التي أنتجت هيكليات مسلحة بصرف النظر عن عنوانها تصل إلى نفس النتيجة وهي صعوبة التخلص من هذا الجسم الطارئ على المنظومة الاجتماعية والسياسية في لحظة انتفاء أسباب بقاءها، لذلك غالباً

تنتهي بصراع مسلح اخر ليس ضد الاحتلال وانما بين تلك الفصائل في صراع بعيد عن العنوان الأخلاقي الذي تحمله، أو مواجهة النظام القائم بذرائع لن تجد صعوبة في إيجادها لاحظ،، في تجربة الفصائل المسلحة التي قاتلت السوفيت (1979 / 1989) في أفغانستان كانوا رفاقا في سلاح مقاومة المحتل إلى أن خرج المحتل وترك خلفه الحكومة الأفغانية  الشيوعية التي نصبها خلفه والتي استطاعت الصمود لثلاث سنوات (1989/1992) من ثم بدأ القتال بين رفاق السلاح  حزب الإسلام / حزب الوحدة / جماعة جومبيش ملي) ثم هزمهم أحمد شاه مسعود وبعد ذلك أولدت تلك المرحلة مابعدها من طالبان وقاعدة وداعش حيث أنها تحولت إلى أرض خصبة لانبات المزيد من الفصائل بحسب العوامل المرحلية مع الأخذ بنظر الاعتبار أن من لوازم نشوء الفصائل المسلحة وجود الممول فالأمر يحتاج الى أموال طائلة لتغطية نفقات هذه المجموعات من سلاح ومرتبات وأمور لوجستية مما يضطر هذه الفصائل لقبول التمويل الخارجي غالبا، لذلك فانها تدخل في عجلة النظام الإقليمي والدولي وبذلك تفقد أرادتها السياسية واستقلالية قراراتها وهذا أخطر ما في الموضوع، كما حدث فعلا حيث أن تلك الحرب التي استمرت 16 عام كانت القرارات السياسية للفصائل المسلحة تدار من قبل إيران وباكستان واوزبكستان والهند وفي وقت متأخر الامريكان بحسب علاقة كل دولة من هذه الدول بهذه الفصائل ما اريد قوله أن الفصائل المسلحة غالبا ماتكون مقدمات إنشاءها منطقيةوأخلاقية وغالبا ماتكون دواعي بقاءها ليست منطقية ولااخلاقية تصل إلى حد الفتنة وسفك الدماءوسلب الهوية الوطنية النتيجة أن أفغانستان فقدت هويتها الوطنية وبقيت (تحمل سفاحا وتجهض جنينها) وهذا مايحدث في الواقع السياسي العراقي.

***  

فاضل الجاروش

 

في المثقف اليوم