أقلام حرة

كنا ولن نكون؟!!

إبداعات "كنا" تتسيد المشهد المعرفي في أرجاء مجتمعات الأمة، وتمعن الأجيال في الغوص السلبي في غياهبها، وتستنزف طاقاتها الفكرية والإبداعية في دياجيرها، و"كنا" تبلغ من العمر عدة قرون، وقد شاخت وإندثرت ونتوهمها حية، وإليها نعود لتبرير ضعفنا وإنهيارنا الحضاري المعاصر الذي تعبّد طرقاته بأشلائها.

وما أن تتناول نكون حتى تحاوطك عيون السخط والنكران، وتحسبك مغردا خارج سرب الوجيع والعويل وإبداعات جلد الذات.

ومجتمعات الدنيا منهمكة بآليات نكون، وتجتهد على كافة المستويات لإطلاق ما عندها من الطاقات اللازمة لتأكيدها، والإنطلاق الفائق في فضاءاتها المطلقة.

ومجتمعاتنا تنوح وتتسول في سرابات كنا، وعلينا أن لا نكون.

ويأتي في مقدمة هذا الموال الصاخب المُستدام القيادات، التي تجد فيه ذريعة قوية لتبرير خوائها المعرفي وضعفها القيادي، وعدم قدرتها على سبر أغوار نكون.

ولهذا تجد دول الأمة مبتلاة بقيادات تتبع وتخضع وتحسب الشعب أرقام، والذي يهمها ما تناله من الإغتنام والسحت الحرام.

وبموجب ذلك فالمجتمعات متأخرة، والمواطن مقنَّط ومخمَّد القدرات، وممنوع من التفاعل المِقدام مع التحديات، وإبتكار الحلول المعبرة عن مصالحه، والميسرة لحاجاته وحقوقه الإنسانية.

وعليه أن يتغنى بكنا، ويخشى الإقتراب من نكون، لأنها ستفتح بصيرته على الحاضر النكيد والمستقبل البعيد، وهذا يتنافى مع تأمين سرقة ثروات بلاده وتدمير وجوده، وقهره بالحرمان من أبسط الحاجات.

فكيف لنا أن نتحرر من قبضة كنا، والعمل بإرادة نكون؟

إنه سؤال ممنوع وخطير، فعندما نكون لابد من إزالة المصدات والموانع، التي تدحرجنا في متاهات كنا، وتغشي أبصارنا، وتمنع عنا أنوار نكون، فلنا كنا ولهم نكون، وتلك معضلة أمة في عاهة كرسي يخون!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم