أقلام حرة

العربي بين الموجود والمعدود!!

الإنسان العربي يعيش محنة الموجود والمعدود، فالموجود مبعود، والمعدود منكود، وآلة القبض على مصير العرب يتجسد بالمعدود.

فالفرق بين الموجود والمعدود، أن الأول إنسان، والثاني رقم بهتان.

العربي الموجود عليه أن يفكر ويُعمِل عقله فيما يدور حوله ويواجهه من التحديات والتفاعلات اليومية.

والعربي المعدود عليه أن يكون تابعا قابعا مقبوضا على مصيره، ومدجن في حظائر القطيع والإمتهان، بما يسمى دينا وملحقاته التضليلية، التي تتمنطق بها منابر الدجل والعدوان على الدين بإسم الدين.

العربي الموجود لا يسمح بالحياة ولا بالوجود، وعليه أن يرحل من ديار البشر المعدود، الموسوم بوشم الفرقة  والعدوانية، والعائدية لهذا وذاك من الأفاكين والآمرين بالمنكر المقدس.

العربي الموجود يتناقص والمعدود يتكاثر، وفي هذا الإشكال تكمن المعضلة الحضارية الكبرى.

إن الخلاص من قبضة الإندحار الحضاري تتلخص بتعضيد العربي الموجود، وتعزيز دوره وقدرته على تحرير العربي المعدود من أسر المتاجرين به، والمستعبدين له بإسم الدين ومشتقاته البغضاوية الخسرانية المستنزفة للطاقات المجتمعية، والمعادية للرؤية العقلية والتفكر والتدبر والتعقل والرافضة لإرادة إقرأ؟

 ترى كيف ننشط دور العربي الموجود ونزعزع حالات التردي والإندثار التي يمارسها العربي المعدود.

ويأني في مقدمة الإجراءات التأكيد على أهمية العلم ودوره في بناء الحياة الحرة الكريمة، فلا بد أن يكون للتعليم التنويري المعاصر ودوره الفعال في تقوية العربي الموجود، تأمين دوره النهضوي والإنطلاقي نحو إرادته الطالعة للمستقبل الأقدر الكبير.

كما أن بث روح الحوار والتفاعل الفكري المتنور، وتنمية قدرات قبول الآخر وإحترام رأيه وتصوره، من مؤهلات تحرير المعدود وضمه إلى تيار الموجود.

أضف إلى ذلك، الفهم الصحيح للدين القويم الذي إنطلق به المسلمون كجوهر أخلاقي سلوكي إنساني، مبني على الرحمة والمحبة، وإحترام الإنسان سيكون له دوره الإشراقي النبيل.

أما الدوران في مستنقعات أديان الفقهاء وتأويلاتهم وتحزباتهم وفقا لأهوائهم، فذلك هو الأفك اللعين.

فليتواصل الموجود وسيتقهقر المعدود، لأن أنوار العصر ساطعة، ولا يمكن حجبها عن الإبصار!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم