أقلام حرة

ظاهرة أبي لهب!!

"أبو لهب" الذي تبت يداه وما كسب، ظاهرة سلوكية بشرية، تجسد مفردات النفس الأمارة بالسوء،  وأوضحها القرآن الكريم، بمعانيها التي تلخص آليات إرادة الشر والسوء، والدوافع المنطلقة ضد الخير والمحبة والرحمة والأخوة الإنسانية.

ومن الواضح أن هذه الظاهرة صار لها قِوى ذات قدرات تدميرية وتخريبية ، غير مسبوقة في تأريخ البشرية.

قِوى ضد القيم الإنسانية التي دعت إليها الرسالات السماوية والعقائد الدنيوية، وأكدتها دساتير الأمم والشعوب المُحبة للسلام والأمان والتقدم والرقاء.

ويبدو أن أموالا طائلة تلقى في جحيماتها، التي توقد في كل مكان وزمان، حتى أخذت بالإستعار والتأجج في مواطن الرسالات كافة.

وتقف البشرية في حيرة وإندهاش أمام إستشراء ظاهرة أبي لهب، وتطورها وتقدمها وتفوقها على كافة الإحترازات، وإجراءات الوقاية من ويلاتها وهجماتها المعادية للمُثل والمعايير الإنسانية.

وهذا يستدعي تكاتف إرادات الخير والمحبة، وإعلاء القيم الصالحة للناس أجمعين، وإرساء مبادئ التآلف والإعتدال والرحمة والتكافل والتعاون، والتفاؤل والعمل للمصلحة الإنسانية والوطنية والأخلاقية، وعدم إذكاء الإنحراف واليأس والإنقضاض على الذات والموضوع.

ذلك أن البشرية تواجه مأزقا خطيرا بسبب تنامي أدوات وعناصر وآليات هذه القِوى، التي أخذت تتحكم بمسيرة جميع دول الأرض وتملي عليها إتخاذ القرارات، التي لا حاجة لها بإتخاذها لولاها.

ويقع على عاتق الأمم المتحدة الدور الأكبر في حشد العقول، وتفاعلها للوصول إلى صيغة عمل عالمية، تؤهل الدول للعمل كمنظمة واحدة لإبتكار الحلول والعلاجات الشافية، من طاعون الشرور الذي تبثه قِوى أبي لهب في فضاءات الحياة الإنسانية.

ولابد للبشرية أن تتمسك بثوابتها الأخلاقية وقيمها الطيبة الرحيمة، وتسعى لقطع روافد مدها بالمغرر بهم بسبب البطالة والفقر والجهل والأمية والمقاساة المريرة.

 وهذا يستدعي إطلاق المشاريع الإقتصادية، وخصوصا الزراعية لتوفير الأمن الغذائي والبيئي، وإشاعة فرص التعليم والتفاعل الإيجابي مع معطيات العصر.

ومن أولويات المسؤولية الإنسانية وجود مشاريع دؤوبة واضحة، لتعليم الناس مهارات التفاعل الحضاري النافعة، الآخذة بهم إلى دروب المسرّات والإبتهاج والنماء المطلق.

فهل لنا أن نتعلم مهارات صناعة الحياة الحرة الكريمة؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم