أقلام حرة

الفلسفة المثالية في التوجيهات النبوية..

(قل الحق ولو على نفسك) جاء هذا القول عن أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب. (ضممت أليَّ سلاح النبي (ص)، فوجدت فيها صِل من قطعك، واحسن إلى من أساء إليك، (وقُل الحق ولو على نفسك) ورغم أن الرواية ضعيفة الا ان مايعضدها كثير مما جاء في كتاب الله تعالى في هذا المعنى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أنفسكم) ‏لذلك فأن حرفية النص في الرواية ‏يطابق المراد في الآية المباركة وقد جاء هذا المعنى بتعبيرات ‏مختلفة في روايات أخرى تؤدي نفس المطلب لذلك فأن المراد هنا مستقر على هذا المعنى وهو أن على ‏(الانسان) أن يقول الحق ولو على نفسه فضلا عن كونه مؤمنا كما جاء في الآية من مخاطبة المؤمنين على اعتبار أن الإنسان مطلوب منه أن يؤمن بالمقام الاول، في الواقع أن الله تعالى في هذه الآية وماجاء في الرواية عن النبي مما يطابق هذا المعنى، انما يضع خطاً مثاليا لما هو مطلوب من المؤمن أن يصل إليه، حيث أن من ‏المعلوم أن أقصى مايمكن للإنسان ‏ان يصل إليه في هذا المقام هو أن يقول الإنسان الحق ولو على نفسه، لذلك ‏فان المطلوب هنا أن تجعل هذا المطلب المثالي كهدف اسمىٰ في رحلة مجاهدة النفس للتقرب من هذا الخط وصولا إلى أقرب نقطة من هذا ‏الهدف أو الوصول إلى ذلك الهدف لتصبح بعد ذلك مثالا ومصداقا لهذا ‏الامر الإلهي والتوجيه النبوي وعليه فإن الإيمان يعتبر رحلة مثالية مطلوب من الإنسان أن يقطعها وصولا إلى غاياتها النهائية، وهي أن تكون انسانا صالحا .. لذلك ستجد هذا المعنى في كثير من التوجيهات النبوية من مثل (ليس البر أن تبر جارك ولكن البر أن تتحمل أذاه) لاحظ الخط المثالي في هذا التوجيه النبوي الشريف حيث أنه يرسم لك أقصى نقطة في بر الجار وهو لايعني هنا أن الاحسان الى الجار ليس براً وانما يدعوك إلى أكثر من ذلك مما هو صعب مستصعب وهو أن تتحمل اذى الجار وهو مما لم تألفه النفس البشرية، لذلك فأن الوصول إليها يعتبر سلوكا مثالياً ..

***

فاضل جاروش

في المثقف اليوم