أقلام حرة

سيادة عقلية التجنيد الاجباري

عند سقوط الدكتاتورية كان الجميع على امل ان يعيش الشعب العراقي ديموقراطيا حرا بعيدا عن ما ابتلي به في تاريحخ القديم والحديث، واكن ينتظر تجسيد عقلية مدنية تقدمية علمية بعيدة عن الصراع والمنافسات الدامية، وتامل خيرا ومستقبلا نيرا لابناءه شاكرا خلاصه من الاعتداءات التي واجهها.

 يجب التمعن كثيرا فيما يحصل اليوم وما نلمسه من الدوغمائية التي لازالت هي المسيطرة رغم التغييرات الشكلية التي حصلت في مجتمعنا. ولابد من معرفة جوهر ما يحدث ونقرأ جيدا مضامين الفكير السائد على الارض وما موجود من الثقافة العامة الخشنة للشعب ونكاشف انفسنا ونؤكد للبعض ما نحن عليه من بقاء العقلية السابقة والموجودة حاليا لدى الاكثرية الساحقة من الشعب وبقاءنا على ما كنا عليه طوال هذه السنين دون تغيير جذري، اي نحن كما كنا بالضبط، الخطورة الموجودة لازالت قائمة والاخطر في الامر هو بقاءالعقلية العسكرية السائدة على ماكان عليها الشعب في العراق، وقد مرت على سقوط الدكتاتورية حوالي العقدين من السنين. المشكلة ان هذه العقليات التي كانت سائدة هي المسيطرة وهم من ثيعتلون المناصب العليا في السلطات العراقية الثلاث.

مشروع التجنيد الاجباري والجدل الصاخب الذي يصاحبه من المؤيدين على تمريره في البرلمان استنادا على الاسباب الموجبة لوجوده وتمريره وهي نابعة من عقلية عسكرية سائدة بعيدة عن التفكير العميق والعمل على تغيير هذا الشعب وتحوله من الفكر العسكري المجرد من اية عقلية انسانية الى التفكير الانساني والسلمية في العقل والتوجه.

لقد تاسس الجيش العراقي منذ تاسيس هذه الدولة وقرر التجنيد الاجباري منذ عام 1925 ولم ينتفع منه الشعب ذرة واحدة. وكان سببا لهدر الاموال والاحوال، وانتقل هذه الفكرة من هذا البلد الى الدول الاخرى وكأنه عمل جيد والتقفته الدول الاخرى دون التفكير والتمعن الجيد . وطوال هذا القرن من الزمن، كان الجيش المؤسسة التي افرزت العقلية التي اصبحت متجسدة فيها الحرب الدائم وانتجت سلوكا لو لم يكن لكان هذا البلد في وضع اخر، والدول الاخرى التي قلدته ايضا انجروا وراءه، واصبح العتراق وجيشه ملهما للعقلية العسكرية التي يتباهى بها حاملوها ويفتحر بما كان عليه العراق وياملون الوصول الي ماكان عليه .

بعد سقوط الدكتاتورية، تفائل العراقيين بامكانية حصول التغيير الجذري الشامل، الا ان الحال تغيرت الى اكثر سوءا، وهي نتيجة طبيعية لما بعد اكثر من قرن من هذا الوضع الموجود والعقلية السائدة ، والاكثر سوءا هو عدم تغيير العقلية والواقع العسكري الموجود التي دخلت كافة البيوت والاسر وتحولوا لاى الى حالة مغايرة غير طبيعية، ومما حدا الى استمرار في تجييش المدنيين والسيطرة على عقليتهم بعيدا عن تاسيس جيش مهني حرفي مختلف عن الموجود. وعليه، نرى اليوم لدى العراقيين انفسهم الحنان المتوجه الى الماضي، ومن الطبيعي ان يكونوا من المؤيدين للتجنيد الاجباري اكثر من غيرهم.

لقد هدر هذا الجيش منذ تاسيسه المليارات من اموال الشعب الذي لولا هذا الجيش لكان اليوم هذا اليلدغنيا وفي مصافي الدول الاكثر ثراءا في العالم، والاهم من ذلك لكان العراق بعيدا عن المآسي التي جلبته الدكتاتورية والحروب الداخلية والخارجية، وكانت نسبة السعادة المنشودة لا يمكن تخيلها ولم يكن هذا البلد كما هو عليه الان من التعاسة الشديدة التي يعيشها، والاهم من كل ذلك ايضا انه كان بلدا بعيدا عن هدر كل هذه الدماء التي هدرت دون سبب الا لنرجسية القادة ودكتاتوريتهم وتهورهم وغرورهم.

لو اعدنا النظر بشكل دقيق جدا وعقلاني تطوري في تاريخ جيش مجنٌد عرمرم كما اسسه هذا البلد ولم تبق دولة الا وهدد به، هذا ناهيك عما استخدمه داخليا، انه امر خطير ونريد اليوم اعادة الكرة في تاسيسه مجددا دون دراية في اضراراه وتاثيراته السلبية على حياة الناس حتى النخاع.

المشكلة فينا نحن وعقليتنا وما نؤمن به، فاستنادا على الموجود، لا يمكننا التخيل في تاسيس جيش مهني صاحب عقيدة عسكرية، وكل ماهو امام السلطة ان لا تؤسس الا جيشا من افراد هذا الشعب الذي يحمل بذاته عقائد دينية مذهبية منذ مئات السنين، وعليه لا يمكنه استبدالها بعقيدة عسكري بمجرد ليس البدلة العسكرية. وعليه فان تعمق كثيرا فانه يمكن ان يؤسس الجيش المهني الحرفي المعتمد عليه ويمكن ان يكون اقل خطرا داخليا وخارجيا، ويمكن ان يعتمد معيشيا على الامتيازات التي توفرها له الدولة نتيجة انتماءه العسكري فقط ولاغراض حياتية معيشية فقط وليس بما تدفعه اليه عقيدته وايمانه وافكاره الدينية المذهبية.

***

عماد علي

  

في المثقف اليوم