أقلام حرة

الانماط الاجتماعية وصراع الموارد

يمكن رصد أربعة أنماط اجتماعية في ظل صراع الموارد، هي:

النمط الأول: الاسرة

البذرة: بعد أول خطوات الأنسان على الارض بدأت تتشكل الأنماط الأجتماعية، فهي بذرة فشجرة فروع فأغصان، رجُلٌ مدفوعٌ برغبته الفطرية وحاجته البايولوجية ودوافعه النفسية وامرأة تتشارك معه نفس الأسباب والدوافع، ليُصبح بعد ذلك من الحتمي الوجودي أن يقع عليها لتنشأ تلك (البذرة) فتُنبت نباتاً (والله أنبتكم من الأرض نباتاً) أنه أول الأنماط الأجتماعية العاقلة وهو مانطلق عليه (الأُسرة) بمعنى رجلٌ وامرأة وذرية، أن هذا الكيان الأجتماعي هو القاعدة التي سينتُج عنها مجموعة أولية بدائية من السلوكيات البشرية التي تتراوح مابين الحاجة والطموح بداية من (الحاجة) للبقاء إلى (حب) البقاء و(الحاجة). الىٰ (مايكفي) من الطعام، الىٰ (حب الزيادة) في الطعام و (الحاجة) الىٰ الدفاع عن النفس الىٰ (حب الأستقواء) ومهاجمة الآخر،أن هذا الفارق الجوهري بين (الحاجة) (وحب الزيادة) سيخلق أول خطوات الصراع البشري بين خطين متوازيين حيث أن من سيكتفي. بما يكفيه غالباً سيكون علىٰ خط وخُطىٰ المُخلَصين لأن صاحب هذه الشخصية لن يحتاج الىٰ أدوات تحقيق الزيادة وهي غالباً ما تكون. أدوات غير شرعية وهي كذلك. ستكون مخالفة للقوانين وحتىٰ الأعراف والقيم الأجتماعية من مثل أستخدام القوة والكذب والأحتيال والأستئثار والتآمر وغير ذلك مما يُحقق هدفه في الغَلبة لذلك قُلت أنهما خطان متوازيان لأن لكل خط شروطه ونتائجه، فسلوك الأنسان للخط الأول وهوخط (الأكتفاء) لن يوفر لصاحبه الفارق ولن يكون محتاج أن يستخدم أدوات الخط الثاني بينما الخط الآخر وهو خط الشيطان فأنه سيغنم هذا الفارق ولكن عليه أن لايتورع عن الوسائل مهما كانت قبيحة، من هنا يبدأ الأنسان في أستخدام حقه الأصيل في الأختيار حيث أن الله قد خلقه مُخير غير مجبر علىٰ مايقوم به كي يختار بكامل أرادته علىٰ أي الخطين يسير بعد ذلك فإن مُقدمات مايقوم به ستُحدد النتائج التي سيحصل عليها لأن هذه النتائج ستكون نتيجة لما كسبت يداه كما قال الله تعالىٰ في كتابه العزيز (كُلُ نفسِ بما كسبت رهينة)

الفروع

أن هذه المرحله من المراحل الأساسية التي ستُشكل ساحة الصراع البشري حول الموارد والأفضليات أبتداءاً من محاولة إحراز مكانة خاصة لدىٰ الوالدين ومايترتب علىٰ ذلك من منافع نفسية ومعنوية وأقتصادية وقيادية للمستقبل مروراً بفرض الهيمنة علىٰ باقي أفراد الاُسرة ولا بأس بفرض سلطة موازية لسلطة الاب داخل المنزل إن أمكن ذلك بناءاً على الفارق الذي حققه علىٰ الآخرين بأستخدام الأدوات والوسائل المُتاحة، أن هذه الهيمنة من قبل أحد الأخوة والتي يترتب عليها فقدان باقي الاخوة لحقوقهم المساوية له مادياً ونفسياً ومعنوياً لاشك سيُؤسس لصراع مرير ينتُج عنه الفصل بين الخطين المتوازيين خط الخير وخط الشر

الأغصان

أنه الجيل الذي سيرث الصراع بين الإخوة جاهزاً بكل ما يحمله من أشكال سلوكية وتراكمات المرحلة التي سبقته ومن الطبيعي والمنطقي. أنه سيؤسس عليها في أفعاله وردود أفعاله تجاه الآخرفأن كان ابناً للمُهيمن فهو بالنتيجة أبناً لذلك الخط الذي أنتهجه أبوه وسيحاول جاهداً المحافظة علىٰ مكاسبه ولن ينظر الىٰ أسباب ذلك الفارق ودواعيه وهو في موقع المعذور من هذه الناحية لأن من تعامل مع الوقائع في حينها لم يكن هو بل أبوه لذلك فأنه سيكون قد فقد جزء من مساحة الحركه التي يمتلكهاغيره لانك أن خُيرت أن تأخذ أو لا تأخذ فربما تأخذ أو لا تأخذ، بحسب الدواعي،، ولكن إن خُيرت أن تعطي مافي يديك فأن الأمر هنا أكثر تعقيداً لذلك فأن الصراع في هذه المرحلة سيكون مختلفاً عن المرحلة التي سبقت بمعنىٰ أنها أكثر عمقاًيعني أمتحان عالي المستوىٰ نسبياً أنه صراع لايزال في حدود الحيز العائلي للحصول علىٰ صدارة العائلة وهو في الغالب سيستقر لمصلحة الأقوىٰ والفارق في القوة هنا ليس ذاتياً وانما فارق موضوعي يتعلق بالأختيار الأرادي بين القبول بما يكفي وبين حب الزيادة.

العائله والجيران

أنه حيزٌ أجتماعيٌ أوسع قليلاً حيث أن ماستُنتجه هذه الشجرة من فروع وماتنتجه هذه الفروع من أغصان ستُشكل النواة الأولىٰ لمُجتمع (القرية) والذي سيكون من سلسلة نَسَبِية واحدة ترجع الىٰ أب وأم مشترك.

النمط الثاني: العشيرة

وهي كما قدمنا يعتبر أول شكل أجتماعي يضم عددا من الفروع والأغصان لشجرة عائله ترجع إلى أصل واحد، أن هذه المساحة الأجتماعية الجديدة وهي أوسع جغرافياً وأكثر كثافة سُكانياً وأكثر تنوعاً من حيث الموارد ستكون ساحة صراع أكثر تعقيداّ بحكم منشأ الصراع وهو الأستحواذ الذي يحكم السلوك البشري مما سيؤدي الىٰ صدامات حول أهم الموارد وهي (الأرض) وحق المُلكية ونتيجة لهذا الصِدام ستتصدع كثير من الأواصر. التي تربط بين جهات الصراع رغم صلة القرابة التي تجمعها لتنتهي بالأنفصال الجغرافي في شكله البسيط بمعنىٰ هذه حدودي وتلك حدودك رغم أن ذلك لن يؤثر جوهرياً في العلاقة الأجتماعية بين التشكُلات الجديدة الا أنها ستكون وفق شروط جديدة تتعلق بمعرفة حدود الملكية علىٰ الأرض أنها مرحلة أخرىٰ من التطورالأجتماعي أنها (القُرىٰ المتجاورة) التي تعود الىٰ نفس الأصول أو مانسميه القبيلة.

النمط الثالث: القبيله

الواقع أن هذا النمط هو مرحلة ماقبل قيام الكيانات السياسية البدائية حيث كانت القبائل البدائية لاتعرف معنىٰ السلطة الحاكمه كمفهوم سياسي وانما كانت سلطة شبه أبوية. تتعلق بأدارة بعض شىؤون القبيلة من قبيل استشارة رئيس القبيلة في الشؤون الخاصة والعامة وأدارة وإقرار السنن الأجتماعية للقبيلة ثم ومع تطور الحاجات ووجود التهديدات بدأت تحصل متغيرات جديدة في مايتعلق بالمهام الملقات على عاتق هذا الذي يُسمىٰ رئيس أو شيخ القبيلة بمعنىٰ أن ملفات جديدة أصبحت أمام من يتصدىٰ لهذا الموقع وحيث أن ذلك من لوازمه تأمين الأموال. لأنجازه فقد نشأت أولىٰ أشكال (الخزانة العامة) أو مانسميه بالمال العام وحيث أن الأمر موكولٌ الىٰ رئيس القبيلة فأن الأموال كذلك ستكون تحت تصرفه، من هذه النقطة بالتحديد وهي السلطه المدعومة بالمال،. ستبدأ مرحلة جديدة من الممارسة شبه السياسية للحكم والتي بالضرورة سينشأ عنهاأشكال من أدوات الحكم المُسيطر عليها من خلال المال والمنافع وستكون هذه الأشكال المرتبطة بسلطة رئيس القبيلة تتراوح مابين مُتمسح بأذيال الرئيس وبين أبناء وأقارب الرئيس وشاعر يمتدح الرئيس وسياف يرافقه وحراس مخلصين وبعض مئات من الرجال يُدافعون عن حياض القبيلة ويغزون القبائل الأخرى إذا أمر الرئيس بذلك، كل ذلك كان بدافع تأمين الموارد لذلك فأن كل حركة المجتمعات القديمة كانت تتمحور حول تأمين أسباب البقاء وذلك بسبب صعوبة تحصيل الطعام الكافي والذي كانت الأرض من أهم مصادره حيث الصيد والرعي ومن ثم الزراعة في مرحلة لاحقة.

النمط الرابع: لمُجتمع الزراعي

أن أول مراحل نشأة الكيانات السياسية ونُظم الحكم هي الأنتقال من الصيد والرعي الىٰ الزراعة حيث أن الزراعة قدخلقت تجمعات سُكانية في أماكن محددة بعد أن كان الصيد والرعي يُجبر هذه المجتمعات على ٰ الحركة المستمرة لذلك فأن الزراعة قد خلقت أول ركنين للدولة وهما الأرض والشعب وبقي الركن الثالث لقيام الدول وهو السلطة الحاكمة أو الإدارة السياسية،. أن فكرة الحكم فكرة عِلوية تستهوي الأنسان بما يُميزها من شعور بالفارق وكثيراً ماسرح الأنسان بخياله بسبب هذا الأحساس بالتفوق فذهب الىٰ أن يعلن نفسه إلهاً أو نصف اله أو أبناً للأله .. من هنا نعود الىٰ القاعدة التي تتحكم بمُجريات الأُمور علىٰ المستوىٰ الأجتماعي ومنه الجانب السياسي وهي الأكتفاء أوحُب الزيادة التي تُحدد مسارات حركت المجتمع علىٰ المُستوىٰ الفردي والجماعي بين هذين الخيارين وتطبيقاتهما في الواقع العملي، ومن أكثر تطبيقاتهما أغراءاً هو الحكم.

الحكم

أن الحكم في مفهومه اللغوي البسيط يعني الاِحكام والذي يعني سياسيا الهيمنة على أدوات الحكم أحكم قبضته يعني أنه أغلق منافذها أما في الأصطلاح فأن الحُكم يعني. أمتلاك أدوات أدارة الدولة والتي لايجوز لغير الحاكم أمتلاكها وبهذه الأدوات. سيُحكم قبضته على الأرض والشعب، بعد ذلك أصبحنا أمام الشكل البسيط لمفهوم الدولة باركانه الثلاثه أرض .. شعب.. حاكم.

***

فاضل الجاروش

 

في المثقف اليوم