أقلام حرة

لا تعمم الرأي

عدالة الراي للموضوع الذي لا يقبل رايين تعتبر من المواهب التي قل ما يتمتع بها مفكر او مؤرخ ومن اهم مميزات الراي العادل انه ينحصر في الموضوع الذي بحاجة الى راي دون النظر الى متعلقاته في الشؤون الاخرى مع التجرد من العاطفة، فلكل ظرف راي .

وغالبا ما تمر بنا اراء ظالمة او احادية تعمم بشكل مطلق، فالخليفة او الرئيس او اي شخص يقدم على عمل منكر فانه يصبح منكرا مهما فعل وان اقدم على عمل معروف يبقى معروفا مهما يصدر عنه . والخلط بين الراي بالظاهرة دون المساس بالشخص امر عسير .

والذي نود الحديث عنه يخص التاريخ، فالدولة الاسلامية بعد رسول الله (ص) استمرت من الخلفاء الراشدين الى الاموية الى العباسية ومن ثم تشتت الى دول الفاطمية والبويهية والعثمانية والحمدانية وغيرها الكثير .

لناخذ الدولة العباسية مثلا فان نظرة مؤرخي الشيعة لها تكون من جانب ظلمهم لاهل البيت عليهم السلام ولاتباع اهل البيت عليهم السلام وحقيقة تاريخهم اسود في هذا المجال ولا يقبل الجدل وقد تفننوا في تعذيب الشيعة، وهؤلاء الطغاة كانوا عندما يريدون المشورة من الامام المعصوم فانه عليه السلام لا يبخل بها عليهم وذلك نصرة للاسلام،  ولكن من جانب اخر فان هنالك قوة للدولة الاسلامية تنامت بسبب سياستهم الخارجية كما وان الحضارة والعلوم ازدهرت في زمانهم ونشطت عملية ترجمة العلوم والكتب الى اللغة العربية مع النهوض العمراني لبعض المدن، فالمعتصم طاغية وظالم لايقبل الجدل الا انه اسس مدينة سامراء، والمنصور الذي يطلق عليه الدوانيقي اسس بغداد وهو في اعلى درجات الظلم والبطش للشيعة .

ومن البديهي لا يوجد ظالم كل حياته سلبية فهنالك بعض المواقف الايجابية ومهما تكن نواياه في الاقدام عليها حتى وان كانت نفاقية او لغاية سيئة فان ظاهرها حسن، ولكن يجب ان تذكر هذه المواقف، ولست بصدد الاستشهاد ببعض منها لان المقال لا يسمح بذلك ولكن كتب الشيعة تذكر من هذه المواقف الايجابية التي صدرت عن خلفاء بني امية والعباس بحق اهل البيت عليهم السلام .

وحتى في عصرنا هذا فاننا عندما نثني على موقف معين او جهة معينة نرفض ان ينسب لها اي موقف سلبي ونبرر ونؤول من اجل الدفاع عنها.

الفتوى المباركة للمرجعية بخصوص الجهاد الكفائي لاغبار عليها وانها انقذت العراق والعرب والمسلمين وجاء ذلك بفضل سواعد تطوعت لاجل الجهاد وقد بذلت الغالي والنفيس ولكن هل نستطيع ان ننكر انه لم تحدث اخطاء؟ هل ننكر ان هنالك من اساء التصرف حتى وان كانوا شطط؟ ولكن بالنتيجة كانت معول بيد الاعداء للتنكيل فلو عالجنا اخطاءنا لفوتنا الفرصة على اعدائنا .

العجيب هو الاستماتة في الدفاع عن من نعتقده كله صح ولا يوجد كله صح الا محمد وعترته عليهم السلام، اما دون ذلك فالخطا وارد ولكن التشهير غير صحيح والنظرة الموضوعية نحن بامس الحاجة لها لتجنبنا النقد الجارح حتى تصبح اراؤنا بمعتقداتنا رصينة وعقلية .

الخطاب الاسلامي هو قمة الرقي والعلو والكمال والنهوض بالانسان اما من يمثل هذا الخطاب فهذا شان اخر .

***

سامي جواد كاظم

في المثقف اليوم