أقلام حرة

الانتحارِ الفكريِ على شبكاتِ التواصلِ الاجتماعيِ!!

لكلِ عصرِ أدواتهِ وأمراضهِ وما أكثرَ أمراضِ هذا العصرِ  عليكَ إذا دخلتْ هذا العالمِ الجديدِ أنْ تتقبلَ كلُ شيءِ فيهِ، أوْ ترفضُ وتبتعدُ عنْ هذا العالمِ الافتراضيِ، وبدونِ طرحِ الأسبابِ؟ أوْ أنْ تصدقَ كلُ شيءٍ يطرحُ وتلغي العقلَ والفكرَ وتسيرُ معَ الموضةِ الجديدةِ، وتمنحَ ثقتكَ للآخرينَ بكلِ سذاجةٍ، وتمضي حياتكَ مفروغا منْ كلِ معنى. يحدثَ ذلكَ يوميا في الواقعِ عندما تتصفحُ صفحتكَ علي الفيسبوكْ؛ وأنْ تتابعَ الموادُ المنشورةُ وتقفُ بينَ الفكرِ والعقلِ والموادِ المطروحةِ والتعليقاتِ. منْ فلاسفةِ عصرِ الفيسبوكْ والفيديوهاتُ. المنتشرةَ في جميعِ المجالاتِ، فالكثيرُ استغلَ في تجميلِ صورتهِ في كتابةٍ أولاً وظيفةً جديدةً وما أسهلها فالسماءِ مفتوحةٌ بدونِ مراقبٍ.، وعليكَ أنْ تختارَ أنْ تختارَ أنْ تعيشَ صفةُ ذكرٍ أوْ أنثى. فعصرنا أمراضهَ تختلفُ عنْ الأمراضِ المزمنةِ التي تعلمنها منْ الأمراضِ المزمنةِ في التربةِ المصريةِ منْ الأمراضِ المتوطنةِ، التي تتغيرُ وتتبدلُ وفقا لأدواتِ هذا العصرِ منْ تكنولوجيا الاتصالاتِ، ففي بدايةِ منتصفِ السبعينياتِ والثمانينياتِ منْ القرنِ المنصرمِ ومعَ هجرةٍ المصريينَ للعملِ في دولِ الخليجِ بدأتْ موضةً جديدةً منْ حالاتِ " التدينِ الظاهريِ " في الملبسِ والشكلِ، أنْ يرتديَ الرجلُ جلبابا قصيرا ويكونُ اللونُ أبيضٌ، أوْ أنْ يطلقَ لحيتهُ، ويمسكَ بيدهِ المصحفَ وسواك، وأنْ ترتديَ المرأةُ نقابا أوْ خمارا ويصبحُ الحاجُ فلانَ حتى ولوْ لمْ يذهبْ للحجِ المهمِ الملبسِ في اعتقادهِ سوفَ يعطيهُ صكُ الغفرانِ بهذا الثوبِ؛ ومعَ انتشارِ شبكاتِ التواصلِ الاجتماعيِ، ظهرتْ أنماطٌ جديدةٌ للتدينِ بالتصويرِ في الأماكنِ المقدسةِ. ومواقعُ خاصةٌ بذلكَ أطلقتْ عليها مسمى جديدٌ " إسلامٌ فيسبوكَ " وهيَ إظهارُ التدينِ منْ بوستاتْ طولِ اليومِ وتعليقاتُ مقررةٌ الكلِ يعتقدُ أنها تعطيهُ صبغةٌ للرجلِ التقيِ أوْ لقبٍ جديدٍ داخلَ المجتمعِ " بيراعي ربنا " فيكتبُ أذانُ الفجرِ هبوا للصلاةِ وهو ُ تحتَ البطانيةِ؛ المهمِ يكتبُ تعليق أوْ بوست؛ هؤلاءِ منْ المنافقونَ الجددُ في صورةِ النفاقِ الدينيِ منْ التدينِ لذلكَ عمقتْ السوشيالْ ميديا  التدينُ الظاهريُ وحولتهُ منْ المفهومِ القديمِ " الجلابية البيضاءَ القصيرةِ والشالِ واللحيةِ " إلى " بوست  أوْ كومنتْ " علي صفحاتِ التواصلِ الاجتماعيِ؛ وأصبحتْ منْ أنواعِ السخريةِ التدينُ علي الفيسبوكْ وخاصتا منْ التعليقاتِ؛ وتجدُ النفاقَ وإظهارَ التدينِ في شخصٍ أوْ سيدةٍ سيئةٍ السمعةِ أوْ امرأةٍ منْ النوعِ الذي يطلقُ عليهِ المرأةُ اللعوبة؛ تريدَ إظهار تدينها أوْ ثقافتها في كتابةٍ بوست قامتْ بلصقةٍ منْ صفحةٍ أخرى. فيبدأُ أغلبِ التعليقاتِ منْ الرجالِ وإظهارِ إعجابهمْ بأسلوبها الراقي والإيمانِ والثقافةِ. وكلَ الكلماتِ المعسولةَ رغمَ أنَ البوستْ فارغ منْ المضمونِ أوْ موضوعِ الساعةِ ومنقولٍ.، المهمَ لكلِ إنسانِ الحقِ في التدينِ بالشكلِ المناسبِ لهُ؛ حيثُ يبقى التدينُ موضوعا وإظهارهُ موضوعا آخر، وفي الإظهارِ يأتي الخلطُ بينَ ما هوَ ضروريٌ ويحققُ غايةً في التعبدِ، وما هوَ مفتعلٌ ومغالى فيه.ولهُ صورٍ أخرى منْ صورٍ ظهرتْ باسمِ التدينِ منْ أصحابِ شركاتِ توظيفِ أموالِ وتجارةِ أراضي في المدنِ الجديدةِ باسمِ رجلٍ متدينٍ ! ؟؛ لذلكَ فإنَ المثقفَ هوَ الذي يقومُ بمهامَ لمْ يكلفهُ بها أيُ أحدٍ " عندَ الفيلسوفِ " غرامشي " لذلكَ يبتعدُ الكثيرُ منْ المثقفينَ والنخبِ والفلاسفةِ في الحياةِ الجديدةِ عنْ موضةٍ السوشيالْ ميديا. خوفا منْ الانتحارِ الفكريِ أمثال كثيرٍ منْ الفلاسفةِ أمثال (بولتزمانْ) جراءَ ما لاقاهُ منْ النقدِ ضدَ نظرياتهِ الفيزيائيةِ. فالكثيرُ منْ الفلاسفةِ انتحروا بسببِ آرائهمْ داخلَ المجتمعِ وأدواتهِ الجديدةِ فقدَ قطعُ الفيلسوفِ " سنيكا " شرايينهُ وانتحرَ، وألقى " دولوزْ " بنفسهِ منْ النافذةِ، واعتبرَ " تشوبنهاورْ " أنَ الانتصارَ على الحياةِ يكونُ بالانتحارِ، وتلقفَ ألبيرْ كامو " الفكرةِ وحولها إلى انتحارٍ فلسفيٍ،. هلْ أصحابُ الفكرِ والمثقفينَ وفلاسفةِ العصرِ مقبلونَ على الانتحارِ الجماعيِ بسببِ الفوضى العارمةِ علي السوشيالْ ميديا أمْ أنها هيَ نفسها انتحار فكريٍ !!

 (واللهِ غالب على أمرهِ ولكنَ أكثرَ الناسِ لا يعلمونَ).

***

 محمدْ سعدْ عبدِ اللطيفْ

 كاتبٌ وباحثٌ مصريٌ في الجغرافيا السياسيةِ

 

 

في المثقف اليوم