أقلام حرة

الكمال مراتب

الكمال الانساني قيمة عليا ويمثل الوعاء الذي يجمع كل الفضائل التي تهذب الشخصية، وفكرة السعي نحو الكمال واحدة من اصعب الغايات التي تواجه الانسان في حياته ذلك ان الطريق الى بلوغ الكمال ليس سهلا بل طريق شائك يحتاج الى الصبر والى المزيد من الضبط وقوة الارادة ولكن هذه الحقائق لا تمنع المرء من السعي لتحقيق مرتبة مقبولة من الكمال تضعه في منزلة رفيعة وتحصنه من بعض العيوب والاخطاء، وليس عيبا عندما يفشل المرء في مسعاه وبلوغ كامل غاياته ولكن العيب ان يكون قادرا على ذلك ولم يفعل وهو ما جسده الشاعر ابو الطيب المتنبي  في قوله:

ولم أر في عيوب الناس شيئا

كنقص القادرين على الكمال

والعلة في اخفاق المرء بلوغ مرتبة من الكمال يعود لسلوك المرء نفسه وهذا ما أجمع عليه العديد من الناشطين في المجال الثقافي والفكري، فالكاتب الاغريقي سوفوكليس يرى انه (كلما زاد عدد الامور التي يخجل منها الانسان، كان أقرب الى الكمال) وهذا الأمر ليس بالعسير على الانسان، وذات الرؤية لدى المفكر (جمال الدين الافغاني 1838 ــ 1897) الذي يقول: لو يُحاسب الانسان نفسه كما يحاسب غيره، لقلّ خطؤه وقرُب من الكمال .

وفي خضم الصراع الداخلي الذي يعيشه البعض بين رغباته والكوابح الاجتماعية المحكوم بها تبرز المواقف الغريبة فهناك من يمتلك مقومات الحصول على مرتبة من الكمال ولكن تخونه ضعف الارادة في مقاومة الأهواء والعواطف والشهوات ولهذا من العيب ان تجد البخل عند شخص مع وجود الثروة وان يوجد الجبن مع توفر عناصر القوة وان يغيب الإقدام مع توفر عوامل النجاح والأغرب في هذا الأمر هو اجتماع هذه الاضداد لدى شخصيات تتمتع بوافر من المعرفة ورّقة المشاعر وادراكها لماهية الحياة والوجود الايجابي فيها، فعن اجتماع البخل والثروة سُئل الشاعر الظريف كامل الشناوي من هم بخلاء مصر؟ أجاب: محمد عبد الوهاب وتوفيق الحكيم وأم كلثوم، محمد عبد الوهاب يفضل لك ان تشرب القهوة قبل ان تزوره وتوفيق الحكيم يدعوك بحماس شديد ان تشرب معه على حساب نجيب محفوظ وأم كلثوم تكره ان يفتح أحد هذه السيرة .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم