أقلام حرة

نهاية قائدين!!

طارق بن زياد (670 - 720) ميلادية، (50 - 101) هجرية، لا نعرف عن حياته الكثير، ولا توجد أدلة على نهايته، سوى أنه فتح شبه الجزيرة الأيبيرية (الأندلس)، في رجب 92 هجرية، نيسان 711 ميلادية، وهو القائد في جيش والي أفريقيا (موسى بن نصير) (ولد في الخليل 19 هجرية، وتوفى في السعودية 97 هجرية، وفتح بلاد المغرب والأندلس وقبرص) في عهد الوليد من عبد الملك بن مروان (50 - 96) هجرية، الذي أمضى بالخلافة عشرة سنوات (86 - 96) هجرية.

المذكور عنه أنه عاد إلى دمشق ومات فيها منسيا، ولا يوجد له قبر معروف، ويبدو أنه ربما عوقب من قبل والي أفريقيا والخليفة في دمشق، فكانت نهايته محيّرة، وما تجده في كتب التأريخ إنشغال فارغ بنسبه وأصله، وهو الذي رفع راية الإسلام، وأسس للوجود العربي في الأندلس الذي إستمر لثمانية قرون، وما يخلده (مضيق جبل طارق) والمدينة التابعة له، وهي تحت الإدارة البريطانية.

و"قطز" الذي حكم مصر لأقل من سنة واحدة (1259 - 1260)، الملقب بالملك المظفر سيف الدين، إسمه قطز محمود بن ممدود بن خوارزمشاه.

ولد في (2\11\1221)  ببلاد ما وراء النهرين، وقتله في الصالحية بمصر (24\10\1260) الظاهر بيبرس، بعد (50) يوم من نصره الذي غيّرَ مسار التاريخ.

وهو شاهد ساطع لجوهر الأمة وحقيقة منطواها الحضاري الأبي الذي يتجدد في كل حين، فلا تتمكن منها أية قوة مهما تعاظمت وتوهمت بالسطوة والإقتدار.

فالقوة الهولاكية في حينها كانت ترعب الدول وتزعزع أركان الإمبراطوريات، وبعد ما فعلته في بغداد (1258) وباقي حواضر الدولة العباسية، توهمت بأنها بسطت نفوذها على إرادة الأمة، وباغتها "قطز" بنصره المظفر الكاسح، الذي حطم تطلعات المغول وأرداهم في مواضعهم يتخبطون، ويلعقون جراح الهزيمة القاصمة في معركة (عين جالوت) (15 رمضان 658).

قطز أنقذ البشرية من أفظع عدوان غير مسبوق عليها، وكان جزاءه من أقرب قواده ومساعديه أن قتلوه، فما أرادوه أن يتكحل بلذة نصره وإنجازه المتميز الكبير.

قتله قائده الظاهر بيرس، بخدعة لا تخطر على بال، ويُرجح أن "قطز" ربما كانت تعوزه الفطنة والخبرة القيادية في زمن اللاحرب، فهو محارب مغوار، وفارس لا يشق له غبار، لكن القيادة السياسية لها آلياتها الوسخة.

الإثنان لا يوجد لهما قبر، الأول قتل نفسيا، والثاني قتل فور عودته من نصره المبين، وهذه ظاهرة تكررت في مسيرة الأمة، فهي تقتل أبطالها، ولا تريدهم، وتسعى لتحويلهم إلى أساطير وحسب، أما أن تقبل بقائد بطل فمن الموجعات و دواعي المآسي والويلات، ولهذا تواصلت محكومة بالأجنبي، ومعادية لكل بطل أصيل.

وحتى في القرن العشرين فالعديد من دولها فتكت بقادتها الوطنيين، وأهانتهم وجرعتهم كؤوس المذلة والهوان، فتمكن منها أعدؤها، وسخروا أبناءها ليكونوا أدواتهم لنيل ما يريدونه منها.

فهل هذا طبع أمة، أم أنه طاعونها المبيد؟

***

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم