أقلام حرة

قطر.. والمونديال الرياضي 2022

كأس العالم / 2022، هي البطولة الثانية والعشرون من بطولة كأس العالم لفرق الرجال الوطنية، التي تقام كل أربع سنوات والتي تتنافس عليها المنتخبات الوطنية الأعضاء في الاتحاد الدولي لكرة القدم،  تستضيفها اليوم دولة  قطرالشقيقة  للفترة من 20 نوفمبر إلى 18 ديسمبر2022.

وهذه أول نسخة من كأس العالم تقام في الوطن العربي، والثانية التي تقام في آسيا بعد نسخة عام / 2002  التي لُعبت في كوريا الجنوبية واليابان،  فرنسا هي حاملة اللقب، بعد فوزها على كرواتيا 4-2 في نهائي كأس العالم /   2018 .

ما فعلته قطر كان فعلا نموذجيا، فلقد انفتحت ودخلت العولمة من باب السياسة والاقتصاد وحتى مونديالياً، ولكنها حافظت على الثقافة العربية والإسلامية وكل الخصوصيات التي تمتاز بها الجزيرة العربية، فلقد أنفقت ما يقارب  من200  مليار دولار للبنى التحتية من ضمنها الملاعب المخصصة للمونديال.

والأهم هو كسر النمطية الفكرية السائدة تجاه العرب والمسلمين بالجزيرة العربية والشرق الأوسط، هذه هي المعركة الأهم كي تظهر للعالم أن الشعوب العربية لها تاريخ مشرق ومشرف رغم كونه تاريخا إنسانيا فيه الخطأ والصواب، وهذه الشعوب قادرة على النهوض مجددا وأن تكون منارة العالم من جديد دون أن تتعرى من هويتها وثقافتها ومن تراثها، ولكن هذا يحتاج إلى قيادات تتمتع بالرؤية والحكمة والهوية التي تدمج الهويات الفرعية مع الهويات الأساسية في شخصية واحدة.

ولا يخفى على الجميع أن نسخة كأس العالم التي نظمت في روسيا عام / 2018 أظهرت أن روسيا بلد متطور متحضر، عرف تغييرات جوهرية عديدة على صعيد بنياته التحتية، الشيء الذي كان الغرب يخفيه ولا يسمح بإبرازه في قنواته ومؤسساته الإعلامية والإشهارية، حتى اكتشفه العالم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي الحرة، الآن مع ترتيبات مونديال / 2022، قطر الصغيرة في مساحتها والكبيرة بشعبها وقيادتها.

 أن قطر أظهرت للعالم أجمل ما في العرب من الفن، والكرم، والضيافة، والأصالة، والتراث، والحضارة، وحتى القيم الإسلامية، وكل ذاك يتم تغليفه بالحداثة بوجود إمبراطورية إعلامية كبيرة مواكبة للمونديال.

إن نظرة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي على هامش مونديال كأس العالم في دولة قطر الشقيقة  تكشف لك حجم العاطفة التي تكمن خلف تشجيع الفرق، وكيف تحكمت السياسة في أمزجة وذوق الناس، بدرجة تجعلك تشعر أن هذه الفعاليات تفرق الناس أكثر مما تقربهم. فهناك من يقول :

(قطر أعطت درساً للعرب قبل غيرهم في الحفاظ على الهوية الإسلامية للبلد، فغيرهم يتسابق لإرضاء الأجانب ولو على شرف وكرامة بناتهم، حتى يشار إليهم بأنهم منفتحون حضاريون)  .

وترى من الصعب على الشخص العادي الذي يكره سياسات إيران، أن يعجب بأداء فريقها الرياضي مهما لعب بشكل جيد، أو يتذوق الأدب الفارسي، أو الدراما أو السينما. كما إن الذين يكرهون سياسات أوروبا تراهم يشجعون فرقا أخرى تكون سياسات دولهم أكثر تماشيا مع قناعاتهم. والذين يكرهون سياسة الرئيس التركي أردوغان مثلا، لا يطيقون أي شيء يتعلق بتركيا، لن يعني لهم الكاتب التركي الكبير (ناظم حكمت) شيء مثلا ولا أغاني إبراهيم تاتلس. إنهم في الحقيقة يفضلون أدبا وفنا وكرة لدولة يحبونها ليس غير.. وهذا ما كتبه أحد الأصدقاء على موقع الفيسبوك بعد فوز المنتخب الإيراني:

(أثلجتم قلوبنا، المنتخب الإيراني الشقيق يفوز على منتخب ويلز، الف الف مبروك لمحور المقاومة والمقاومين) .

***

شاكر عبد موسى

كاتب وأعلامي

 

 

في المثقف اليوم