أقلام حرة

نحن نعيش زمن "نور زهير"!!

لا بيت فى العراق يخلو من حديث حول صورة "تل" الأموال التي عرضها رئيس الوزراء وهو يتحدث عن سرقة أموال الضرائب.. وربما لم يصدق الفقراء ممن يتلقون معونات شهرية لا تتجاوز الخمسة آلاف دينار يومياً ويسكنون في بيوت من الصفيح، أن شخصاً واحداً استطاع أن يسرق كل هذه المبالغ التي اكتشفنا أنها تمثل أقل من خمسة بالمئة من حجم المبلغ المنهوب، وأن الشاب "الوديع" نور زهير استيقظ ضميره في ساعة متأخرة من الليل وقرر أن يعيد بعض الأموال، واكتشفنا والحمد لله أن السيد نور زهير رجل ثري وأن المبلغ الذي "لفلفه" مجرد "خردة" أمام ما يملكه، وأتمنى عليك عزيز القارئ أن لا تسخر مني، فأنا أنقل إليك ما قاله قاضي النزاهة وبالحرف الواحد: "المتهم نور زهير لديه عقارات واستثمارات تفوق المبلغ الإجمالي للأموال المسروقة ، ومن المستبعد هروبه خارج البلد بعد خروجه بكفالة مالية قياساً بحجم استثماراته وعقاراته".. فلماذا ياسادة ياكرام تطالبون بإنزال أقصى العقوبات بالملياردير نور زهير؟، فالرجل مواطن صالح، وهو مستعد أن يقسم بالأيمان المغلظة أنه لم يسرق، ولم يتحايل على الدولة، فقط استدان مبلغاً من أموال الشعب، وسيعيده إن شاء الله قريباً "وتوته توته ستنتهي الحدوتة".

فقط في هذه البلاد تجد مسؤولاً تسبب بمقتل مئات الشباب المحتجين، يظهر كل يوم في التلفزيون يوجه النصائح، ويلتقي بكبار رجال الدولة ، وفي العراق بلد العجائب تجد محتالاً يتمتع بأقصى درجات الراحة في السجن، ويستطيع أن يتصل بالفضائيات ليقدم دروساً في النزاهة، في الوقت نفسه تُسجن فتاة لمدة ثلاثة أشهر في ظروف غير إنسانية، فقط لأنها تجرأت وجادلت أحد القضاة.

أفهم أن تسعى الحكومة إلى استرجاع المبالغ التي سرقت، لكني لا أستطيع أن أفهم ما معنى الصمت على الجهات التي سهلت لنور زهير أن يسرق كل هذه الأموال، كنت مثلكم قد قرات التقرير الذي نشرته صحيفة الغارديان ، حيث اخبرتنا الصحيفة أن السرقة كانت مدبرة من قبل شبكة واسعة من المسؤولين وموظفي الخدمة المدنية ورجال الأعمال. وان هؤلاء الأفراد يرتبطون بصلات مع سياسية نافذة .

في بلاد الرافدين بعض الأشياء لا نهاية لها. خصوصاً النهب المنظم، ولذلك كانت حكاية علي بابا والأربعين حرامي التي اخترعتها لنا "المرحومة" شهرزاد، حكاية عراقية خالصة، تتجدد في كل موسم، حيث مسلسلات الخديعة والشعارات الزائفة وسرقة أحلام الناس، ليظهر لنا المئات من نور زهير. كنا نأمل أن نجد مصباح علاء الدين في "أدْراج مكاتب" ساسة التغيير، فوجدنا بدلاً منه ثياباً وبدلات لأكثر من أربعين ألف نور زهير، لن تستطيع شهرزاد أن تروي حكاياتهم ولا بمليون ليلة وليلة.

***

علي حسين

في المثقف اليوم