أقلام حرة

خبر حزين

شعرت بالأسى وأنا أقرأ الخبر الذي يقول "يستعد مجلس النواب لافتتاح أولى جلساته في الأسبوع المقبل، بعد عطلة تشريعية دامت شهراً كاملاً". فقد كنت مثل غيري من ملايين العراقيين، نأمل أن يغط برلماننا الموقر في نوم عميق نتخلص  خلاله من فوضى التصريحات الببغاوية.

وكنت أتمنى -ولو أن التمني بضاعة المفلس- أن يأخذ البرلمان إجازة استجمام طويلة، فربما يرتاح الناس من فوضى الخطابات والهتافات التي تفاقم أزمة الاحتقان السياسي، فما الذي سيجنيه الناس من برلمان يعيد إلى مسامعهم الخطب نفسها وتمتلئ شاشات الفضائيات بمعارك تاريخية غير مسبوقة؟ وتتحول جلساته إلى مناكفات شخصية، ويملأ أعضاؤه السموات والأرض بتصريحات عن الوطنية ومصلحة البلاد والدفاع عن قضايا الشعوب، لكنهم يعجزون عن مناقشة قانون يصب في مصلحة الناس. للأسف سنحرم نحن من متعة الهدوء والسكينة.. في أوضاع كهذه من حق العراقيين ألا يبالوا باجتماع برلمانهم الموقر، والا يقعوا في غرامه، والسبب لأن بضاعته قديمة ومنتهية الصلاحية، ولا تناسب مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح السياسي، فهي بضاعة لا يمكن لمواطن ذكي أن يقتنيها. أيها السادة.. الوطن بحاجة إلى أن تمتد له يد أبنائه المخلصين، أن تمتد بالخير، لا بالانتهازية والمحسوبية والمصالح الضيقة، فأهم من أن تحصل كتلة سياسية على كل ما تريد وتشتهي، وأهم من أن يحدد البعض من هو الأحق بهذا المنصب أو ذاك، هو أن نطمئن على العراق وعلى مستقبله وعلى مصيره. لقد اختار العراقيون العملية الديمقراطية إيماناً منهم بأن القوى السياسية ستوفر لهم الأمن والهدوء والاستقرار، وتحفظ الناس من المخاطر والأهوال.. لكن الأمور جاءت عكس ما تمنوا، ولم تعرف البلاد هدوءاً منذ أن أطل النواب وهم يهتفون الواحد ضد الآخر. الناس تدرك جيداً أنها تعيش في ظل ساسة ظرفاء ولطفاء لا يعجبهم القول إن برلمانهم فاقد للبصر والبصيرة، وإن وجوده ضد الطبيعة البشرية، بعد عملية إبادة جماعية نفذتها الكتل السياسية ضد كل الأصوات التي طالبت بأن يكون البرلمان صوتاً حقيقياً للناس. إن هؤلاء البرلمانيين لم يتركوا لأحد فرصة كي يصدقهم أو يحترم مواقفهم، فهم من كثرة تقافزهم فوق أسوار حدائق السلطة منذ سنوات جعلونا نستقبل كل ما يصدر عنهم بالارتياب وعدم الاعتبار، ذلك أنهم في غالبيتهم مسؤولون عن هذه المآسي التي يعيش في ظلها ملايين العراقيين. للأسف يتصور ساسة العهد الجديد أن السلطة والمنصب مكافأة لهم ، وأن هذا يعطيهم الحق بأن يكونوا فوق القانون والدولة. أيها السادة لقد فقدنا من نفوس وثروات وزمن أضعناه في صراع طائفي ومطاردة الكفاءات، والخروج من سباق التنمية ومنافسة بلدان العالم المتحضر.

***

علي حسين

في المثقف اليوم