أقلام حرة

العقائد بين الخدمة والإستخدام!!

العقائد بأنواعها لم تصنع مَن يخدمها، بل أوجدت مَن يستخدمها لتمرير نوازع ما فيه، من أمّارات العجائب والغرائب والرغبات المنفلتة التي لا تشبع ولا تقنع.

وربما سينكر البعض ما تقدم، ويرى أن هذه العقيدة وتلك تُخدَم ولا تُستخدَم، غير أنها مهما بلغت من القدرة على إنتماء الناس إليها، فلغايات غيبية تمليها عليهم، أي يتحقق إستخدامها للوصول إلى المتخيل الموعود.

ترى هل سينتمي للأديان بشر لو لم تكن هناك جنة ونار؟

أي أن الأديان تُستخدم للفوز بالجنة والإبتعاد عن النار!!

فالبشر يَستخدم ولا يَخدم!!

ولهذا وجدت القوة لإرغامه على الخدمة، ويبقى متأهبا لإستخدامها لتأكيد إرادة نفسه الفاعلة في دنياه.

ولا توجد دولة بلا قوة وسلطة قادرة على فرض ما تريده على المواطنين، فيصبح الناس خدما في بنيتها القائمة.

فالخدمة بحاجة لقوة تفرضها، والإستخدام هو الطبع البشري السائد، وهذا يفسر آفة الفساد المنتشرة بالكراسي في المجتمعات، والتي تحاول القضاء عليها بالقوانين الصارمة، وإعتبارها عيبا وخيانة للأمانة والمسؤولية.

وهكذا فالميل للإستخدام لا للخدمة من العوامل الأساسية في إنتشار الإضطرابات، وسوء الأحوال وتداعي الحكومات، ويبدو أن الدول ذات القوة الفتاكة والقوانين الصارمة، هي التي تروض المواطنين لتأمين خدمتها، وفي المقابل تقدم لهم الخدمات اللازمة لحياتهم.

وتلك معادلة مغفولة في بعض المجتمعات المنكوبة بالكراسي والمقهورة بالويلات.

فهل لنا أن نَخدم ولا نَستخدم؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم