أقلام حرة

كرامة الكلمات!!

الكلمة نور ونار، طيبة وخبيثة، تحي وتقتل، وتخبر عن عمل أو تكون هي العمل، فكل شيئ كلمة، فهل فقدت الكلمة كرامتها؟

المنشور كثير، والمبثوث مستطير، وقال وقيل كالتنور، وما في كتبنا حصيلة أقوال، وخزانة كلمات نطقت بها الألسن، وتمنطقت بها الشفاه والأفواه.

كلمات تطاردها كلمات، كاللعنات أو أشد تأثيرا وقسوة، والأجيال في غفلتها غفاة، ومن حولها تتوارد الظلمات، وتتوافد الحسرات، والقلوب تستغيث وتبحث عن كلمات.

بعض الأخوة ينادي بصمت الشعراء، فكلماتهم صارت هباءً منثورا..

وكاتب يرى أن الكتابة لا تنفع..

ومثقف ينعى الثقافة ويترحم على المثقفين، ويلصق بهم توصيفات ما أنزل الله بها من سلطان..

ومواقع ترى أن الكاتب محرر، فما تنشره يحرره كاتبه وحسب.

فانتشرت الصحف الإليكترونية، وتعددت وسائل النشر، وكل مَن نشر إبتشر، وتوهم بأنه سيد الكلمات.

وإختلط حابلها بنابلها، وغثها بسمينها، وفقدت الأصناف الأدبية الإبداعية قيمتها، وغاب النقد الموضوعي الجاد، وحسب الذين أجادوا الضرب على الكي بورد بأنهم من الكتاب اللامعين، وهم يتقيئون الكلمات التي تصيب القارئ بالدوار، والإشمئزاز حتى صارت القراءة أمرا عسيرا.

أقلام تكتب لأنفسها، وتنسى بأنها تكتب للقارئ، وشعراء يكتبون ولا ينظر لنصوصهم إلا الذين يسمون أنفسهم نخية، وهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة او أكثر بقليل.

هذه الحالات تشير إلى فقدان الكلمة لكرامتها، وقيمتها ودورها في الحياة، مما يفسر كثرة المنشور، وعدم تأثيره في الواقع الذي يزداد إنتكاسا وإنكسارا وفسادا.

ترى كيف نعيد للكلمة كرامتها؟

التعامل مع الكلمة من أصعب الأعمال التي يبتلى بها البشر، ولا بد من مهارات عالية وإلتزام بالضوابط والاصول اللازمة لإخراج النص بصورة واضحة ومتفاعلىة مع القارئ، بعيدا عن الغموض والإبهام والتوهم بأن الإبداع في الإدغام.

ومعيننا المعرفي عبر العصور فيه ما يساعدنا على إستعادة قيمة الكلمة وكرامتها، وخير الكلام ما قل ودل، فهل نستطيع وضع الأفكار في كلمات؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم