أقلام حرة

الجزائر نيلسون مانديلا ودعم حركات التحرر في العالم

قام رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أمس؛ الثاني عشر من شهر جانفي 2023، بتدشين الملعب الحاضن لكأس أفريقيا للمحليين ببراقي جنوب العاصمة الجزائرية والذي تمت تسميته باسم المناضل الجنوب افريقي الراحل نيلسون مانديلا وذلك بحضور رئيس الفيفا جياني انفانتينو ورئيس الكاف باتريس موتسيبي إلى جانب حفيد الزعيم الجنوب افريقي زويليفليل أين تمت إزاحة الستار عن النصب الذي يحمل اسمه "نيلسون مانديلا" .

اعتبر نيلسون مانديلا الجزائر وطنه الثاني حيث قال أن الثورة الجزائرية صنعت منه رجلا، والأكيد أن الزعيم الجنوب افريقي منذ بدايات حياته رجل بمعنى الكلمة بمواقفه المناهضة للظلم والتمييز بين البشر والاستعمار بكل أشكاله وقد تأثر بالثورة الجزائرية التي ألهمت حركات التحرر في العالم ومنها تلك التي قادها مانديلا ضد نظام الأبارتيد القائم في جنوب افريقيا والتي سجن على إثرها ستة وعشرين سنة اعتُبر فيها رمزا للنضال وشكل خروجه من السجن حدثا عالميا ملهما أعاد للكثيرين روح الثورة على الظلم ومقاومة الطغيان، وكانت أول زيارة قام بها إلى الجزائر سنة خروجه من زنزانات الاضطهاد عام 1990، استقبل فيها بالقاعة البيضاوية محمد بوضياف أين حظي باستقبال حافل.

وتجمع مانديلا بجيش التحرير الوطني علاقة وثيقة حيث تلقى تدريبه العسكري بين صفوفه بين سنتي 1961و1962م وتأثر بمبادئ الثورة الجزائرية الرافضة لكل أشكال الاستعمار والمنادية بالاستقلال التام وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

لم يكن مانديلا الزعيم الأفريقي الوحيد الذي تأثر بالثورة الجزائرية التي كان لها الدور البارز في نشر الوعي الثوري لدى الشعوب المضطهدة مما جعل كلا من تونس والمغرب وليبيا تطالب باستقلالها، وامتد الوعي ليشمل غينيا، زمبابوي وناميبيا، كما دعمت الجزائر حتى قبل استقلالها حركات التحرر في أمريكا اللاتينية وآسيا، واستمرت في دعمها بعد استقلالها سنة 1962م حيث صارت مصدر الهام للشعوب المضطهدة وعامل تأثير في الرأي العام العالمي، هذا  ولم تنسى الشعوب التي قدمت لها الدعم فراحت ممثلة في رؤسائها الذين تعاقبوا على الحكم تدافع عن حق الشعوب في نيل استقلالها وتدعم حركات التحرر في المحافل الدولية.

كما كان دعمها ماديا ودبلوماسيا من أجل القضايا العادلة في العالم وبقيت على العهد مع تعاقب فترات الحكم أين لم يغب هذا المبدأ الأساسي منذ الاستقلال وتجسد ظاهرا مؤخرا في تسمية ملعب براقي بالزعيم المناضل "نيلسون مانديلا" وقبلها بحوالي شهرين في منتصف نوفمبر من العام المنصرم استقبل الرئيس الجزائري نظيره الكوبي ميغيل دياز كانيل برموديز أين ألغى الرئيس الجزائري فوائد المديونية وتأجيلها إلى حين وإهداء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية إضافة إلى التعاون في مجالات الطاقة والصحة والتجارة والزراعة وصرح على إثرها الرئيس عبد المجيد تبون: " كوبا بلد غال على الجزائر التي تجمعها معها علاقات طيبة تغذيها قيم الحرية التي نتقاسمها " .

هذا إضافة إلى الدعم الذي تلقته الثورة الجزائرية من كوبا ممثلة في زعيمها فيدال كاسترو الذي قام بالثورة على حكم باتيستا عام 1953 بالتزامن مع التحضير للثورة الجزائرية التي تشارك فيها نفس الأهداف ولا ننسى البعثة الطبية التي أرسلها فيدال كاسترو إلى الجزائر بعد الاستقلال دعما منه للشعب الذي خرج حديثا من استعمار أثقل كاهله، كما تبادل الزيارات مع رؤساء الجزائر توطيدا للعلاقات بين شعبين تجمعهما قيم التحرر من الظلم ومقاومة الطغيان.

بهذا صارت الجزائر بعد استقلاها قبلة الثوار من كل أنحاء العالم حيث شهدت زيارة لتشي غيفارا وكذلك الصحفية الأمريكية ايلين مختفي التي قالت في كتابها المعنون ب " الجزائر.. عاصمة العالم الثالث" أن كل منظمة تحررية يمكن تخيلها كان لها مكتب في الجزائر من جبهة التحرير الوطني لجنوب الفيتنام (الفيتكونغ)  وحتى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وحركة استقلال ناميبيا سوابوا، وجبهة تحرير الموزمبيق فريليمو، وجبهة تحرير الكونفور.

ولاتزال القضيتان الفلسطينية والصحراوية قضيتين أساسيتين بالنسبة للجزائر شعبا وحكومة تدعم فيها حق الشعبين في تقرير المصير والحصول على الاستقلال التام خاصة من خلال الدور البارز الذي تلعبه الدبلوماسية الجزائرية على الساحة الدولية.

***

لامية خلف الله/ كاتبة من شرق الجزائر

 

 

في المثقف اليوم