أقلام حرة

التنوير والتعثير!!

التنوير مصطلح نشأ في فرنسا قبل ثورتها المعروفة، وله رموزه من المفكرين والفلاسفة والمبدعين، وبموجبه إنتقلت البشرية إلى عوالمها المعاصرة، وقد ظهر والكلمة تعني العمل أو تخبرنا عن عمل، فكان تثويرا لواقع يسعى لإنجازية ذات قيمة حضارية.

وفي مجتمعات الأمة إنطلق التنوير منذ بداية القرن التاسع عشر، ولا زلنا نتمنطق به، وما تحقق ما يجب أن يتحقق بموجبه، ووجدتنا نزداد تقهقرا وإمعانا بنكران ذاتنا ومسخ هويتنا، وتدحرجنا على سفوح التبعية والشعور بالدونية، ونرفع رايات التأخر وفقدان القدرة على التفاعل الإبداعي الأصيل مع العصر.

كما أن المجتمع إندحر في كينونات تجاوزتها الدنيا، وغطس في توجهات مؤدينة ذات نوازع عدوانية على الدنيا والدين.

وهنا ينهض سؤال أين التنوير وما معناه وقيمته، ولماذا أصبح مصطلحا مبهما يفيد التفاعل السلبي مع التحديات؟

ويبدو الجواب واضحا، بأن العمل في ديارنا كلام وحسب، أما روح العمل والجد والإجتهاد والعزيمة والإصرار فبلا دور، فالفعل كلام، ولهذا المنابر الإعلامية تزدحم بالكلام الخالي من الفعل الجاد والمؤثر.

وتجد المتسلطين على البلاد والعباد يقومون بأفعال مخالفة للمواثيق والحقوق الإنسانية، والمقهورين يتفاخرون ويتنافسون بالكلام الموسوم بالتشكي والتظلم، والتهكم والتهجم، والفاعل فيهم يواصل فعله، وكأنه يقول دعهم يتكلمون وعلينا بالعمل فلا قيمة لكلامهم، فالديمقراطية أن تتكلم وكفى الله المؤمنين شر القتال، إنها من وسائل أضعف الإيمان.

فهل سيغير الكلام ما تأتي به الأيادي وتفعله النفوس الأمّارة بالفساد؟

فأين التنوير؟

إنه تعثير وتدمير وتخوير، ومَن في الكرسي يتعبّد في محراب السلب والنهب ويسبّح بإسم الفساد، والدين وشاح أمين، ما دام القطيع راتع مستكين!!

فلتتكسر الأقلام وينتفي الكلام، أنه محض كلام، فالخائن إمام!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم