أقلام حرة

ما يحركنا لا يحركهم!!

الفرق بين التفكير الشرقي والغربي كبير، ومن الصعب التقارب بين الحالتين، فالعقول مبرمجة وفقا لبيئتها وما يُراد لها أن تكون عليه وتتفاعل معه، وربما من الصعب الفهم المشترك بين الطرفين حول ما يراه كل منهما.

فالشرق شرق والغرب غرب، والشمال شمال والجنوب جنوب!!

البعض سيقول إننا نعيش في زمن العولمة والتواصلات السريعة بين البشر، وهم على صواب، غير أن الموضوع يحتاج لأكثر من جيل لتشترك العقول برؤاها وإقتراباتها مما يحيطها إن إستطاعت، أما في العقود العديدة القادمات فالأحوال لن تتغير كثيرا، وكأن البشرية تسير على ذات الدرب الذي سلكته منذ الأزل، فالعزلة قد تكون نفسية أو إنفعالية، وهذه أكثر تأثيرا من العزلة المادية.

وما يقلق أن البشر أصبح منشدا إلى أجهزة إليكترونية وملتصق بشاشات متنوعة الأحجام، ولا يستطيع الإبتعاد عنها ولو لدقائق، مما يعني أن التفاعل البشري – البشري الحي سيصبح مجهولا، وستفقد الأجيال مهارات التواصل الإنساني مع بعضها، وسيؤدي إلى تنامي العدوانية، والتفاعلات السلبية، التي ربما ستقضي على الوجود الحضاري في الأرض.

فالدوران له قوانينه وسلطانه الذي يغيب عن مداركنا، ولسوف يفرض إرادته على سكان المعمورة الغير قادرة على التوقف أو إبطاء سرعتها ولو للحظات، لأنها ستتسبب بكوارث إفنائية.

والمشكلة أن العقول تتباين، ولا يوجد شخصان يتطابقان عقليا، فكيف بمجتمعات ومجتمعات، فالتمترس بالمعتقدات والرؤى والتصورات من المخاطر الشرسات الفاعلات في الحياة على مر العصور، ولن يشذ عنها عصر مهما توهمنا ورأينا.

وهذا يفسر كيف أن القوى الغربية تعقّد المشاكل الشرقية، لتفاوت الفهم والإدراك وإختلاف الثوابت والمعايير.

فالقول " أهل مكة أدرى بشعابها" يصح في كل مكان وزمان، أي أن أصحاب المشكلة أعرف بحلها، أما الأجنبي فلن يحلها لهم، وسيعضلها ويستنزفهم بها، وفي واقع المنطقة العديد من التحديات التي تطورت وتعضلت، بسبب الإقترابات المتباعدة بين أطرافها.

فهل لنا أن ندرك هذه البديهية السلوكية، وننكر حياة المغفلين؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم