أقلام حرة

فِي ذِكرى الاِمامِ الباقر وَمُفْرَدَةُ البَقْرِ بينَ الصُّعُودِ وَالهُبُوطِ

في ذِكرى الاِمامِ الباقرِ(ع)، ولقبُ الباقرِ لَقَبٌ لَقَبَهُ بهِ جَدَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وآلِهِ وَسَلّم، والبقرُ مأخوذٌ من: بقرَ العلمَ وشقَهُ وأخرَجَ خفاياه، وتَوَسَّعَ فيهِ. وهكذا كانَ الامام الباقر بَقَرَ العلمَ وَشَقَّه وَأَخرجَ خفاياه.

 وبهذه المُناسَبَة (ولادَة الامام الباقر)، أَقَفُ عندَ مُفردةِ البَقْرِ التي يمكن ان تصعدَ بالانسانِ لِتَجْعَلَ منهُ باقِراً لِبَطنِ الارض ومستجرجاً خباياها، ومعادِنَها النفيسة. أوباقراً لِآفاقِ السماء ليضعَ قَدَميهِ على سَطْحِ القمر والكواكب.

 هذا البقرُ في الامورِ المادِيّةِ، وهناك بَقْرٌ في الامورِ الْمَعْنَوِيَّةِ كالبقرِ في الافكارِ والمعارف والغوصِ في أعماقِها لاستكشافِ أَسرارِها، وقد بَرَزَ مفكرونَ وفلاسفةٌ بَقَروا بَطْنَ المعارفِ والأفكارِ وقَدَّموا لنا فلسفاتٍ وأَفكارٍ عميقَةٍ. الامامُ الباقرُ(ع) وصَلَ القِمَّةَ في بقرِ العلومِ واستكشافِ خباياها.

هذا الجانبُ المُشْرِقُ، وَجانِبُ الصُّعُودِ والتألُقِ لِمُفرَدَةِ "البَقْرِ"،  وهناك جانِبٌ آخَرَ للبقرِ، هو الجانبُ المُظلِمُ، والجانبُ الدامي من هذه المفردةِ، التي قَبّحَتْ وَجْهَ تأريخِنا وحاضرنا. ففي معركةِ أُحُد أَمَرتْ هندٌ غلامَها وحشي ببقرِ بطنَ حمزةَ عم الرسولِ (ص)، وامرتهُ باستخراجِ كَبِدِ الحمزة ولاكتهُ. هذا لونٌ من البَقْرِ يُمَثِّلُ الانحطاطَ والهبوطَ والانحدارِ. ولونٌ آخر، جَسَّدَهُ الخوارج بقتلهم "عبدالله بن خبّاب بن الارت" وقتل زوجهِ الحاملِ وبقرِ بطنها، بسبب ثناء عبدالله على عليٍّ عليه السلام. ولونٌ آخر من البقر مارسَهُ الدواعِشُ المجرمون من قطعِ الرؤوسِ وبقرِ البُطون. وقد شاهدنا مافعلهُ احد الدواعش من اكل قلب انسان. ومازالت الارضُ المُحْتَلَّةُ تشهدُ سلسلَةً دامِيَةً من بقر البطون وتمزيق الاشلاء بأحدثِ الاسلحةِ.

 وفي الخِتامِ، البَقْرُ اِما ان يصعدَ بالانسانِ ويسمو به ويجعله من المتألقينَ، فيبقرَ العِلمَ، كانموذجِ الامامِ الباقرِ(ع)، وِاِمّا أنْ يهبطَ بهِ هبوطاً مُزرِياً بشعاً فَيَبْقُرَ البطونَ ويلوكَ الاكباد.

***

زعيم الخيرالله

 

في المثقف اليوم