أقلام حرة

الكتاب والطباعة

في الماضي كان الشعراء خصوصا والكتاب من المثقفين عموما يحاولون إيصال أشعارهم وأفكارهم للناس ويخافون عليها من الضياع والسرقة مع حاجتهم للشهرة وهامش ربح بسيط من بيعها فيقومون بطباعتها على شكل دواوين أو مجاميع أو غيرها وفيهم من يطبع على نفقة جهات رسمية وهناك من يطبع على حسابه الخاص وفيهم من يستدين مبلغ الطباعة على أمل الوفاء من مردود البيع وذلك بسبب عدم وجود نوافذ يطل منها الكاتب على القراء عدا الصحف والمجلات وهي قليلة جدا ولا تنشر إلا ضمن مقاسات معينة وكان لهم في ذلك بعض العذر .. لكن الآن ماعذرهم ووسائل التواصل الاجتماعي تطرح يوميا ما يعادل عشرات الأطنان من الغث والسمين على صفحاتها وتحول جراء هذا الكرم الفيسبوكي (الكرعه وام الشعر) إلى شعراء وروائيين وقصاصيين ونقاد ومحللين و (كل حاجة) وأصبحت وسائل التواصل نفسها تشكو ليس شحة القراء إنما ندرتهم إضافة الى أن لا مردود مالي للمطبوع بسبب عدم وجود من يشتريه واتذكر قبل عام كنت متواجدا في مقر مؤسسة ثقافية للطباعة والنشر وكان هناك حفل توقيع مطبوع لإحدى الكاتبات لكني لاحظت مظاهر فرح وحلوى واغاني وعصائر وكرم واضح في التوزيع على الحاضرين وبدلا من نسخة من المطبوع تحمل توقيعها المبارك نفحت كل شخص من الحضور بنسختين لكن أحد الحاضرين ويبدو أنه قد تمرس بحضور هكذا افراح رفع صوته مطالبا صاحبة المطبوع ب (لفات كباب) لأنه وقت غداء والحلويات والعصائر لا تسد الجوع فكلفت من يعد الحضور وأرسلت امها التي كانت معها لجلب المطلوب وهي مسرورة بذلك وبعد استلام حصته من الكباب إضافة للحلوى والعصائر كتب أحد (العظامة) على النسخة الثانية التي كانت بدون توقيع .. (هدية مع الكباب والجكليت والعصير) فتسائلت مع نفسي من اين يأتي الكتاب الحقيقيون بالمال الذي يغطي كلفة حفل التوقيع الذي يحتاج إلى كباب وحلوى إذا كانوا لا يملكون من حطام الدنيا شيئا ؟) وكم حاولت إقناع نفسي بأن ديوان الشعر أو الرواية أو المجموعة القصصية المعمد بالكباب والحلوى تكون قراءته ألذ ويسهل هظمه لكني فشلت بعدما رأيتهم وضعوا في بطونهم الكباب وحملوا في جيبوبهم (الجكليت) وتركوا نسخ المطبوع على الكراسي .

***

راضي المترفي

في المثقف اليوم