أقلام حرة

لعبة القوادم والخوافي!!

إذا فقد الطير قوادم جناحه أو جناحيه فأنه يعجز عن الطيران، ويكون عرضة للإفتراس من قبل بعض الحيوانات السائبة أو الداجنة، والطيور الجارحة، التي تنقض عليه ما أن تلمحه في محنة التمسك بالتراب.

ولكي تفترس أي مجتمع  عليك بقص قوادمه، وقوادم المجتمع حكوماته ونظام دولته، فخربهما وعليك أن تفعل به بعد ذلك ما تشاء.

فالمجتمعات الفاقدة لقوادمها، تتمحن في ترابها وتتناحر مع بعضها، من شدة الخوف الذي يعتريها، فتتوهم بالقوة والإحساس بوجودها وبقائها عندما تتصارع مع بعضها.

والطيور الجارحة تترقب وتختار فرائسها كما تشتهي.

وكم من مجتمعاتنا خلعت قوادمها بنفسها، فانهالت بمناقيرها على أجنحتها ونزعت تلك القوادم ، وأنِسَت أن تتدثر بخوافيها، وترفرف بأجنحتها، التي لا تساعدها على النهوض والتحليق في الهواء.

وتلك مجتمعات الخوافي المنكودة، المهضومة الحقوق، المأسورة بصولات التراب القابض على مصيرها، وستتعثر ببعضها من شدة جذبه لها، وستصول عليها السوابغ التي أعلنت إحتفاليتها فوق رؤوسها، فهي تحوم حولها وتنقض عليها حين تريد.

ومن المعلوم أن "الحوم" يجذب "حوما" آخر، وهكذا تتعدد المنقضات عليها، والقادمات من كل حدب وصوب، لأكلها والتمتع بلذيذ صيدها السهل، فما دامت الطيور بلا قوادم ، فلا تستطيع أن تناور وتقاوم، وتلك مأساة مجتمعات تخلصت من قوادمها بمناقيرها.

فهل سترعوي مجتمعات الخوافي، وتتعاون على تنمية قوادمها، وعدم خلعها، والمحافظة على قوتها وثباتها في أجنحتها.

وهل تندرك أن خلع القوادم أو قصها يعني إنتحارها وسقوطها في مهاوي الوعيد.

إن ذلك الإدراك بحاجة لكدح وزعزعة وفهم أكيد.

وعاشت القوادم والخوافي في جناح عتيد!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم