أقلام حرة

الواقع لا يُدرَك والمُدرَكُ لا يُمسك!!

الواقع تفاعل مفردات وعناصر والإدراك تمثلها، وما بين التفاعل والتمثّل فجوة معلوماتية وباحة إستشعارية، وطاقة إحتوائة، وقدرة تنافرية وتجاذبية ذات مجالات قوية، تساهم في إستحضار المفاهيم المعنوية والمادية اللازمة لتوصيف الفعل، وتقدير النتائج وصيانة الذات والموضوع، وتفتيق المدارك وفتح أبواب الدخول إلى مرابع الخفايا والمكنونات الجوهرية، التي تشير إلى حقيقة ما يحصل في بودقة الصيرورات الإنسانية.

وهذه الفجوة التي تتسع أو تضيق، هي العامل الأهم في تحديد قدرات التعرف على الواقع المحتدم التفاعلات والدائب المتغيرات، والذي يخضع لقوانين واضحة وخفية، وعوامل مساعدة ومعوقة في آنٍ واحد، مما يجعل النظر معقدا والتصور مشوشا والتفسير قاصرا، لأن ما يصح في لحظة زمنية ومكانية لا يدوم ويصلح في غيرها، بفعل الدوران وقوة الجذب والشدّ والإنقباض والإنبساط التفاعلي الدفاق.

وعليه فأن القول بإدراك واقع ما إنما يشير إلى حالة معينة من التفاعل معه، وقد لا يصل إلى وعيه وتفسيره وفهم محتواه، فالفهم عليه أن يكون متواكبا ومتجددا ومتأثرا بالمتغيرات المفروضة على أية حالة تفاعلية كائنة في الحياة، والخاضعة لمبررات الديمومة وتفادي الإنتهاء.

ومن هنا فأن المفكرين والمنظرين يتصدون لصيرورات زئبقية الملامح والتجليات، ولا تنصب في قالب نظري وتتشكل وفقا لهيأته، ففي ذلك تعارض أو تقاطع مع ديدن الدوران، وتناقض مع قانون التجدد والتوالد والنماء.

وكثيرا ما نقع في خطيئة حشر الحياة في قوالب نظرية وأشكال هندسية جامدة، ونحسب ذلك معرفة وقوة وقدرة على السيطرة والتمكن من إدارة دفة المفردات، الساعية نحو مركباتها وإرادتها الإنتاجية المتنوعة، وفي ذلك خدعة ومحاولة للإنتصار على الضعف البشري، والتوهم بالقوة والإقتدار.

كما أننا ننكر الواقع ونتجاهله، ونبقى مصفدين في صناديق النظريات والتخيلات والتهيؤات، المقطوعة عن أصل ما يتحقق في قلب الموجودات، التي لا تعرف السكون والثبات.

ولهذا فأن لكلّ نظرية عمر بايولوجي بعده تتآكل وتنتفي قيمتها ويغيب دورها، ما دام كلّ مَن عليها فان!!

***

د. صادق السامرائي

11\2\2015

 

 

في المثقف اليوم