أقلام حرة

هل تتعايش الأديان؟!!

العمل والقول برؤية أن الأديان تتعايش أشبه بالهذيان عندما يُنظر إليه بعدسات التأريخ، ذلك أن العقائد والأديان بأنواعها، تستند على مبدأ التنافر والتصارع، وكل منها يرى أنه صاحب الحق المطلق، وما سواه يجب أن ينتفي.

بل أن البشر في الدين الواحد لا يتعايشون، ويضعون تأويلات وتفسيرات لتأمين التصارع والنيل من بعضهم البعض، وهذا ينطبق على كافة الأديان والعقائد سماوية أو دنيوية.

التعايش بنسبية ما تأكد وبشروط وضوابط في مرحلة تأريخية في دولة الإسلام، فما عرفت الدنيا تعايشا بالمفهوم المعاصر الذي يعني التحمل والإحترام وفصل الدين عن السياسة.

التعايش يتحقق عندما يكون الدين الجامع هو الإنسانية، أما غيرها مشروع صراع وفناء، فحروب البشرية معظمها ذات طابع ديني أو عقائدي.

الأديان لا تتفاعل بإيجابية فوق التراب، ويمكن طرح العشرات من الرؤى والتصورات الخيالية الوهمية التي تتمنطق بالتعايش والتراحم والتوادد، والحقيقة الجوهرية المريرة أن كل دين يرى أنه هو الدين وغيره لا دين، فكيف يتعايشون؟

البشر أو بعضه يتوهم بأننا في زمن التنوير والرقي والتقدم، وجوهرنا النفسي متحجر وأهواؤنا تتحكم بنا، وتمتطي عقولنا، ونحن عبيدها، الخانعون التابعون القابعون في أوعيتها المغلقة الظلماء.

الدين  خط فاصل بين البشر، وخندق تباعد وتشاحن، ومن النادر أن يكون الدين وسيلة لرعاية دين آخر، بل لنسفه والإحلال مكانه، ولهذا تجد مَن يبشر بدينه لا مَن يدعو للتعايش مع دين غيره.

ترى لماذا يتواصل طرح التعايش والواقع لا يمتلك رصيدا يؤيده، وفيه ما يؤكد وبتراكمية فائقة أن العدوانية هي القانون الضابط للسلوك فوق التراب.

المرحلة بعد الحرب العالمية الثانية هي الأرقي في تاريخ البشرية، رغم ما يعتريها من سلوكيات عدوانية قاسية، فهذا ما تستطيع الوصول إليه البشرية، لكنها يبدو أخذت بالتآكل والإنكماش والسعي للعودة إلى ميادين العداء العقائدي المؤدين بما لا يخطر على بال من الرؤى والتصورات، التي أخذت تتفاعل لبناء حالة تصارعية ذات سلوك فتاك.

فهل أنها إرادة التراب الفاعلة فينا؟

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم