أقلام حرة

الغاية من القانون الردع لا العقوبة

بعد حملة منصة "بلغ" التي اطلقتها وزارة الداخلية لمواجهة اصحاب المحتوى الهابط، لا يخفى ان لمواقع التواصل الاجتماعي جانبين مهمين في الاستعمال، هما:

الجانب الاول - الايجابي:

ويمثل الهدف من وجودها وتسميتها بالتواصل الاجتماعي وتبادل الأفكار والاخبار وتشخيص مواطن الخلل على كافة الصعد باسلوب مقبول وموضوعي. وهو موجود في مجتمعنا بموضوع التواصل بشكل محدود جدا، لكن مغالى فيه بقضية النقد والتهجم الذي لا يستند الى دليل.

الجانب السلبي: ويقتسمه فريقين:

الفريق الاول: يذهب الى ان وسائل التواصل الاجتماعي صناعة امريكية بامتياز للتجسس على الشعوب الاخرى اولا؛ وتخريب قيمها ومعتقداتها ثانيا؛ وغزوها فكريا ثالثا... وهذا الفريق يعتمد نظرية المؤامرة الخطرة جدا والتي يعتبرها البعض اخطر من الاحتلال، لان الاحتلال ممكن ان تحاربه وتقاومه بالشباب بينما هذا الاحتلال التكنلوجي يخرب عقول الشباب ويسلخهم عن مجتمعاتهم وعن افكارهم وقيمهم وتقاليدهم واهم شيء عن تعاليم دينهم. واصحاب هذا الفريق ناقوس خطر حيث شهدنا الكثير من حالات تقليد محتويات الغرب في العراق من قبل الشباب والتي هي بعيدة كل البعد عن واقعنا وعاداتنا وتقاليدنا.

الفريق الثاني: يذهب الى ان مواقع التواصل الاجتماعي بناءة وتطور مطلوب؛ لكنها تعاني سوء الاستخدام والإفراط والاهتمام الزائد بها في مجتمعاتنا، واعتماد البعض عليها في السب والقذف والكذب والتسقيط وترويج الإشاعة ونشر الصور المخلة والرذيلة احيانا. وهذا الاتجاه لم يجافي الصواب لان البعض ذهب بعيدا في بثه ومحتوياته حتى سقط كل شيء ساسة وسياسات وتجاوز على الذوق العام بنشر كل ما هو فاضح ومخل بالآداب العامة وهنا يندرج اغلب اصحاب " المحتوى الهابط "، سواء كانت فعلتهم عن قصد مسبق او عفوية دون العلم بمخاطرها، وهدف اغلبهم الشهرة المصطنعة او المؤقتة.

ورغم كل ما تقدم، فإننا لن نستطيع التوصل الى الاستفادة من تقنيات الاعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي لعدة اسباب اهمها:

١. انها صناعة خارجية مستوردة جاهزة.

٢. لا يمكننا التدخل في تطويرها او تحويرها.

٣. لا نتوقع تكنلوجيا المورد التي تتطور كل لحظة.

٤. صعوبة مراقبتها لان تغذيتها ممكن ان تكون من اي بقعة في العالم.

٥. ضعف القوانين الداخلية او انعدامها والمتعلقة بمحاسبة المتجاوزين على الشبكة الدولية للمعلومات يشكل جزءا كبيرا من سلبيات هذه المنظومة التي لا ننكر ان لها إيجابيات تفوق السلبيات ان نحسن استعمالها... وهذه مسؤولية البرلمان الذي اغفل هذه القضية في دوراته المتعددة السابقة.

وأخيرا تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي وما سيظهر مستقبلا من تطبيقات الكترونية جديدة... جزءا مهما من حياتنا ولا بد من التكيف معها قانونيا  اولا؛ باصدار تشريعات جديدة تنظم عمل هذه التطبيقات. واجتماعيا ثانيا؛ بتثقيف الشباب على استعمالها والاستفادة من ايجابياتها. وتكنلوجيا ثالثا؛ بتطوير امكانيات التعامل معها محليا وترويضها حتى تنفع مجتمعاتنا.

ان ما جرى خلال الشهرين الماضيين من حملة لمكافحة اصحاب المحتوى الهابط اعتمدت على قانون العقوبات لعام ١٩٦٩ وكانت صحيحة ومؤثرة، لولا انها اعتمدت عنصر المفاجئة في اوامر القبض واصدار الاحكام دون تحذير مسبق او تنبيه في إقرار العقوبة، واغفلت ان الغاية من القانون الردع لا العقوبة.

***

جواد العطار

في المثقف اليوم