أقلام حرة

الرهبانية الإبداعية!!

راهب: تعبّد وتخشع.. اعتزل الناس

من أخطر التحديات التي تواجه الأمم والشعوب أن تنعزل نخبها بأوعيتها الفنتازية المحلقة في فضاءات التصورات والتهيؤات الهرائية، والهذيانات التفاعلية ما بين الرؤى البعيدة عن أديم الأرض ومجالها البيئي.

المجتمعات البشرية تقتلها نخبها المتنرجسة الغارقة في ذاتها والمنسلخة عن هموم الجماهير ومعاناتهم اليومية القاهرة، التي تتسبب بها أنظمة الحكم الجائرة، التابعة للطامعين بالبلاد والعباد، والتي تنشغل بالإستحواذ على ثروات الوطن الذي تسلطت فيه.

والعجيب في أمر العديد من النخب أنها تجاري الواقع المأساوي وتبرر للكراسي، فتسوّغ مظالمها وإنتهاكاتها لحقوق الإنسان، وتستحضر من تحليقاتها الفنتازية ما يؤمّن لها مقاما مؤثرا في مدن الكراسي المسوّرة بالويلات والتداعيات الجسيمة.

فالمجتمعات التي تغيرت وتحضرت وأنجزت مشاريعها المعاصرة إنتقلت إلى آفاق القوة والإقتدار بعزيمة نخبها ورؤاهم الجريئة المتحدية، التي زعزعت الثوابت وغيرت المسارات وأحرقت المناهج القاضية بالإستعباد والخنوع.

فالبشرية تكونت بإرادة التحدي وقوة أفكار النخب الباسلة القائدة لمسيرة الأجيال، بما قدمته من آليات تفاعلية ومشاريع نهضوية ذات مفردات إنجازية متنامية.

وفي عالمنا المنهوك بنا، أكثر نخبنا ترقص على إيقاع الكراسي وتتعاضد معها للنيل من المواطن، وتكبيل الإنسان بالمآزق والمواجع والمكابدات المريرة، وعلى رأسها الحرمان من الحاجات الضرورية للحياة، ومنها الكهرباء والماء الصالح للشرب وفقدان الأمن والأمان، وهوان المؤسسات الخدمية ودوائر الدولة المحكومة بالتابعين والممولين من الآخرين، لتنفيذ برامجهم وتعزيز نواياهم للوصول إلى مآربهم العدوانية على الوطن والشعب.

فلماذا لا تكون النخب لسان حال الشعب؟

ولماذا يميل القسم الأعظم منها نحو الكراسي يتبرك بقوائمها ويركع أمام الجالسين فيها، وكأنهم من نسل إله عظيم؟

إنها تحديات نخشى الكلام فيها، والحقيقة المريرة أن العيب في النخب وليست في الشعب!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم