أقلام حرة

أنا مواطن لست من عِلْيةِ القوم ولكني واحد من أَنفَةِ عيش الحياة

أنا مواطن مغربي، أعتز بهويتي المتفردة والمشتركة. أنا مواطن أُمَارس كل حقوق المواطنة بدء من التصويت، إلى أداء ما علي من واجبات تجاه الدولة العلية. أنا مواطن مغربي، قد لا ترعاني دولة الرعية بالمسؤوليات الدستورية الكاملة، وبضمان حقوقي القانونية في عيش الكرامة، ولكني أخطو بثبات نحو حلم المستقبل. أنا مواطن مغربي، أعيش كفاف اليد وتدبير حيلة القفة، وبات الغلاء يَقْهرنِي يوما عن يوم، ويصنع من زواياه الحادة (الحكرة) المروعة إبرا. أنا مواطن مغربي، أستمع إلى وزير ناطق من أبناء متحور شعب السياسة (بايتاس) وهو يَلْحَنُ (الأسعار بدأت تأخذ منحى تنازليا، والحكومة ستستمر بالعمل بهذا النفس الجماعي إلى حين عودة الأسعار إلى مستواها الطبيعي)، إلى متى سيظل الشعب هكذا؟ إنها الانتظارية القاتلة بالهلاك الجماعي !!

أنا مواطن مغربي، ألتزم بحدود الصبر كقيمة من قيم هذا الوطن الفذ. ألتزم بالسر والعلن ألا دولة أَحَبُّ إلى قلبي غير المملكة المغربية. أنا مواطن، قد أصمت عن البغي والطغيان مرات عديدة، وأعيش في انتظار مداومة الإصلاحات بمقابل بقاء السلم الاجتماعي، والنموذج التنموي (الغالي التكلفة). أنا مواطن مغربي، من جذور أجدادي أرفض الاستقواء، والظلم على الضعفاء. أرفض سياسة الحيف، وتقسيم الشعب بين أغنياء قلاقل وجحافل من فقراء همِّ حياة محموم.

أنا مواطن مغربي، أرفض (شناقة) روح كرامة، وقتل العيش الرغيد المستديم. أكره كبار السياسيين الذين يربطون الغلاء بحرب الروس والأوكرانيين. أنا مواطن طيب متسامح، مطالبي لا تزيد طوباوية في سلم الحياة العليا. أنا مواطن، تعترف بي الدولة في دستورها المتكامل، تعترف بي الدولة ضمنيا في بياضات الدستور المتطور، وفي فراغاته المتلازمة بقوانين الحكامة. أنا مواطن، من طينة أجداد الفلاحين الصغار، لا من إقطاعيي الفساد والنهب وصناعة قوانين الريع (حلال)، وكابوس نهايات المغرب الأخضر التصديري.

أنا مواطن من مدينتي مكناس البئيسة التعيسة، والتي تُدارُ سياساتها في البيوت العامرة، وتبقى المؤسسات الدستورية تَخُصُّ فقط في صناعة (البلوكاج) ولَيِّ الأيدي. أنا مواطن طيع، أسير بجوار ارتفاعات الأسوار الإسماعيلية، لا أمارس الإساءة لأحد، ولا أبحث عن تجريح الدولة العلية.

أنا مواطن من دولة، تضمن الحقوق وتلتزم العدل والمساواة بين مواطنيها، وتُغَيب المساءلة والمحاسبة. أنا مواطن، لست من انتكاسة مغرب الجيل الأخضر، ولكني من جيل المحراث والقرية والقبيلة. أنا مواطن من الدرجة التي لا تُرَتَّبُ قيمة كمية في السجل الإجتماعي. أنا مواطن، تضيع كرامته بلا مناجاة، ويتم حرمانه من حقوقه الدستورية النوعية، وتجريحه بالغلاء، وقتل معيشته بالقفة السخية. أنا مواطن، أرفض اليأس والتيئيس، ومن جيل الكلمة والرصاص، أرفض أن تُغَيِّبَ الحكومة احترامها لي ولكم بالإفراد والجمع.  

أنا مواطن، أعيش انتعاشة المواطنة الفياضة بالأمل والحلم، والإخلاص لرموز الدولة، والوفاء للمقدسات. أنا مواطن، أحترم قوانين الدولة الكلية، فهل تحترم الدولة حقوقي في عيش الرفاه!! أنا مواطن أصدق نفسي و أسرتي ومجتمعي، ولا أمارس نفاق السياسيين الكبار في نهب رزق الشعب.

أنا مواطن، أرفض التعصب وأكره التمايز الاجتماعي، والاستكبار والاستئثار بخيرات الدولة العلية. أن مواطن، أبحث عن العدل والكرامة وأؤمن بحقوق شراكة الأرض والوطن والحياة وهواء المملكة. أنا مواطن، حين أكتب لا أتأبطُ المظلومية، ولن أكون ما حَيِيتُ ظالما لغيري. أنا مواطن، من مكناس المدينة، لن أقول: بأني صالح ولا طالح، ولكن قد أَصْدُقْ نخوة بأن رغيفي حلال طاهر آت من عرق جبيني.

***

محسن الأكرمين

في المثقف اليوم