أقلام حرة

صادق السامرائي: كثرة الكتب لا تعني ثقافة!!

الأسطوانة المشروخة التي تدور في الأوساط الثقافية، أن أي دولة في العالم المتقدم، لو بلغ عدد سكانها عشرة ملايين، فأنها تطبع أضعاف ما يطبعه العرب من الكتب، وياخذون ذلك كمعيار للثقافة والتقدم والرقاء؟

وهذه فرية لتعزيز مشاعر الإحباط والدونية، وتأمين إرادة التبعية.

فالمجتمعات لم تتقدم بطباعة المزيد من الكتب، وإنما طباعة الكتب من نتائج تقدمها وإزدهارها في ميادين الحياة المتنوعة، فالكتاب نتيجة وليس سببا.

التقدم يتحقق بإعمال العقل الحر في مواجهة التحديات والعمل على تلبية الحاجات، وبدون نشاطات عقلية أصيلة متميزة في شتى الميادين، لا تقدم ولا ثقافة ولا معرفة.

فما قيمة طباعة آلاف الكتب التي لا تلامس الواقع، ولا تتفاعل مع إرادة المواطن، الذي يمارس حياته يجد ونشاط وإبداع متراكم.

هل أن الكتاب سبق الثورات المعرفية الكبرى في مجتمعات الدنيا؟

هل سنغافورا صنعتها كثرة طباعة الكتب، وكذلك الصين وأندونيسيا والهند والكوريتان، ودول أخرى عديدة؟

بين فينة وأخرى تنطلي علينا لعبا هدفها الخداع والتضليل والتخميد والتقنيط، والمحافظة على أهوال اليأس الجاثمة على الصدور.

فهل ينفع طباعة كتب يباع منها أقل من 10% ويُقرأ أقل من ذلك بكثير، فالعلة في المقرؤية المنخفضة جدا في مجتمعاتنا، والسبب الرئيسي أبواق المنابر المؤدينة، التي لا تريد بشرا يقرأ وإنما يسمع ويطيع.

فمجتمعاتنا سماعية، وكلامية وليست قارئة، فهم على سبيل المثال يستمعون للقرآن ولا يقرؤنه، ويطربون لأنغام تراتيله المتنوعة، فالنسبة العظمى لا يجيدون القراءة، ويفضلون الإستماع والإتباع، فالعقل صدوي والملايين من الناس تتبنى عقل شخص واحد وتبيد عقولها.

فعلينا أن نكون موضوعين ومدركين لمفردات التداعيات والتردي في المجتمع، بدلا من المقاييس المغرضة الهادفة إلى تنمية سلوكيات الوجيع.

فهل سنتعلم القراءة ونجيد مهاراتها وأساليبها ليكون للمكتوب قيمة؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم