أقلام حرة

صادق السامرائي: المُضعَّف!!

قل مُضعّف ولا تقل مثقف، فكلمة مثقف بلا أثر ودور في مجتمعات الأمة، فالمثقف إسم مجهول، ومستتر مبني على السكون، وتلتف حول عنقه حروف الجر والنصب، ومفعول به ولا يجوز له أن يكون فاعلا في الوسط الذي هو فيه.

المثقف مَهيض الجناح مكسور الخاطر ممنوع من الصرف، ومحكوم عليه بالقهر والحصار وقطع لقمة العيش، فعليه أن يصلي في محراب الكراسي، ويكبّر بإسم الجالسين فيها، الذين تحركهم قوى وقدرات مهيمنة على البلاد والعباد.

فالكراسي مملوكة والجالسون فيها وكلاء لا غير.

والمثقف يتوهم الحرية والسيادة الوطنية والقوة والكرامة، ويغفل أنه تحت مشيئة القابضين على مصير ما فوق التراب.

فالتفاعلات في جوهرها إقتصادية إستحواذية، إستئثارية تتفتح في ربوعها الأنانية والإمتهان.

فعندما يتحرك المثقف وفقا لأوهامه، يحترق في تنور الجور والعدوان على وجوده.

وعليه أن يكتب بمداد الطامعين والمستحوذين على كل شيئ، ليناله بعض شيئ من الغنيمة.

ولهذا من الصعب التكلم عن المثقف، ولا بد من الإقرار بوجود المثقف المُستلب، والمجتمع المأسور المُستعبد بإرادة الأقوياء الخارجين عن سلطة كل شيئ، فهم فوق الدستور والقانون والأعراف والتقاليد، وأساطين أمّارات السوء التي فيهم.

فدور المثقف بلا قيمة، ولا يمكن للمثقفين تكوين تيار معرفي وقوة نوعية تسعى للتغيير، والتعبير عن الإرادة الوطنية الحرة، وبموجب ذلك، فدول الأمة عبارة عن بيادق تحركها أيادي اللاعبين الحالمين بصيد سمين.

فهل نفع مثقفوا الأمة الأجيال المتعاقبة، إنهم يسطرون ولا يؤثرون، ويدّعون ولا يفعلون، وما أكثر مشاريعهم ونظرياتهم ومجتمعاتنا تنخرها آفات الوجيع والحرمان من أبسط حقوق الإنسان، ويترعرع الأثرياء والفقراء في ديارنا الغناء.

فأين المثقف المقدام؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم