أقلام حرة

صادق السامرائي: العصر!!

"والعصر": صلاة العصر أو عصر النبوة؟!

"وأنزلنا من المُعصرات ماءً ثجاجا"

لا يُعرف لماذا سمي العصر عصرا، وربما لأن الصلاة  تُعصر أي تؤخرعن الظهر.

"العود يعصر ماؤه ويسكب عيدان عُصاره"

العَصر: الدهر، والعَصران: صلاة ما قبل طلوع الشمس وغروبها.

والمُعصرات: السحاب فيها المطر

عصر العنب، يعصره عصرا، فهو معصور وعصير، واعتصره أي إستخرج ما فيه.

وعُصارة الشيئ وعُصاره وعصيره: ما تحلّب منه إذا اعتصرته.

وكل شيئ عَصر ماؤه فهو عصير

ويتشعب معنى العصر ويتعدد حتى لتحتار إلى أي معنى من معانيه تميل.

وما أريده من العصر القدرة على عصر ما فينا، بمعنى أن نتمكن من إستثمار ما نحتويه من الطاقات والقدرات والإبداعات الخلاقة، التي يمكنها أن تبني حياةً ذات قيمة ومُرتقى، فنتنعم بما نعتصره من سلاّف المعاني والودائع الحضارية الكامنة فينا.

يقول لي أحد العارفين، لا تحتاج أن تعرف وتتعلم فكل ما تريده موجود فيك، وعليك أن تبحث عنه وتنقب في دنياك لكي تطلقه وتتفاعل معه، وتحقق سعادة وجودك ومشاركتك في مواكب الأجيال، فالذين يقدمون المنجزات الكبيرة إكتشفوا مافيهم، والعاجزون هم الذين لا يستطيعون إكتشاف ذخائرهم المعرفية والمعلوماتية المتطامنة فيهم.

وهذا ينطبق على الأفراد والمُجتمعات والأمم التي تجدها واجمة واهنة، لأنها لا تمتلك مهارات إكتشاف ما فيها، ولا تستطيع أن تنتقل بحالها إلى مُرتقيات حضارية ومَدارات تفاعلية ذات صيرورات أصيلة ومتميزة.

وأمتنا تحتوي الوفير الغزير من الثراء الحضاري والنعيم الإبداعي، لكنها لا تخبر آليات الوصول إلى ما تختزنه وترقد عليه، ولهذا تجدها تتفاعل مع العفن الطافي والزَبد الواهي، ولا يمكنها أن تغوص إلى أعماق ذاتها وقيعان دنياه، لإستخراج درر وجودها وجواهر عُلاها وجمان كينونتها العظمى.

وما تحتاجه أمتنا أن تتعلم كيفيات الوصول إلى جوهرها العالي!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم