الرئيسية

المثقف في حوار مفتوح مع الأديب ا. د. عدنان الظاهر (1)

 

س1: صحيفة المثقف: كيف يقدم الاستاذ الدكتور عدنان الظاهر نفسه لقرّاء صحيفة المثقف؟

ج1: د. عدنان الظاهر: أجوبة هذا السؤال موجودة مع شئ من التفاصيل في موجز تأريح حياتي وهذا الموجز موجود في الموقع الخاص بي وعنوانه:

d-adnan.i8.com

مع ذلك أقول: إني عدنان عبد الكريم ظاهر الظاهر معتوق جار الله الحاج حُسين السريراتي البيرماني الجبوري.

-  وُلِدتُ عام 1935 في ناحية المحاويل التابعة لمحافظة بابل (مدينة الحلة). أهلي وبعض أجدادي أقاموا في مدينة الحلة منذ عقود وعقود.

- أكملتُ المدرسة الإبتدائية في ناحية المحاويل لكني أتممتُ بقية المراحل الدراسية في مدارس الحلة حيث أكملت الخامس العلمي عام 1954 وواصلت دراستي في دار المعلمين العالية (كلية التربية فيما بعد).

- مارست التدريس لثلاثة أعوام بين ناحية الكفل ومتوسطة الحلة للبنين.

- غادرتُ العراق في اليوم السادس من شهر آب عام 1962 متمتعاً بزمالة دراسية لدراسة علم كيمياء الذرة الساخنة لستة أعوام في جامعة موسكو التي كانت تحمل إسم العالم الروسي لومونوسوف. تلك الزمالة كانت من زمالات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة النمساوية فيينا.

- أكملت دراستي في حزيران عام 1968 وغادرتُ موسكو متوجهاً إلى جامعة كالفورنيا الأمريكية في منطقة إرفاين حيث أجريتُ أبحاثاً في حقل كيمياء التحولات النووية.

- غادرت أمريكا تحت ضغط الأهل على أمل أنْ أواصل البحث في مجال إختصاصي في مركز الأبحاث النووية في منطقة التويثة قريباً من بغداد.

- عرقل البعثيون أمر تعييني وماطلوا وخيروني إما الدخول في تنظيمات حزب البعث أو التشرد في هذه الدنيا بدون وظيفة ! إخترتُ التشرّد وتحمل الأذى.

- رشحتني كلية العلوم التي كانت يومذاك تابعة لجامعة بغداد للتدريس في قسم الكيمياء لكنَّ رئيس الجامعة الدكتور سعد عبد الباقي الراوي ومساعده للشؤون العلمية دكتور كنعان محمد جميل رفضا ترشيح كلية العلوم فبقيت في بغداد بدون عمل.

- نصحني صديق قديم أنْ أزور الدكتورة سعاد البستاني أول وزير للتعليم العالي والبحث العلمي في العراق. زرتها وعرضت عليها مشكلتي فأمرت فوراً بتعييني مدرساً على ملاك كلية العلوم.

- درّستُ في كلية العلوم إعتباراً من أوائل شهر شباط 1970 حتى أواسط شهر نيسان عام 1978 حيث صدر أمر من مجلس قيادة الثورة البعثي / مكتب أمانة السر، بنقلي مع مجموعة من أساتذة الجامعات العراقية الأخرى إلى وزارات ودوائر لا علاقة لها بالبحث العلمي ولا بالتدريس الجامعي ! كان نصيبي المؤسسة العامة للصناعات الكيميائة بعنوان كيميائي أقدم.

- غادرتُ وعائلتي العراق فجر التاسع من شهر تموز عام 1978 ولم أعد إليه إلاّ أواخر العام المنصرم 2011...

- لا أطيل أكثر فهذه التفصيلات موجودة في بعض أجزاء مذكراتي الخاصة وقد نشرتها جميعاً في العديد من المواقع.

 

س2: د. صالح الرزوق،أديب ومترجم واكاديمي / سوريا: قرأت للأخ الأستاذ عدنان الظاهر بعض المذكرات والقصائد. وعن طريق المثقف حصرا. وهذا يضعنا أمام السؤال المشكلة التالي: هل للأستاذ مؤلفات أخرى؟. وهل لديه نشاط في مجال النشر الأكاديمي؟.  أين وما هي أهم الموضوعات؟

ج2: د. عدنان الظاهر: نشرتُ في مجلات الإختصاص باللغة الإنكليزية سبعة أبحاث خمسة منها في مجال كيمياء التحولات النووية. نشرتُ خمسة كتب في عالم الأدب والشعر والنقد الأدبي وكتبت الكثير كحواريات أغلبها مع الشاعر العراقي المتنبي تشغل مئات الصفحات.. فضلاً عن سبعة أجزاء من مذكراتي في العديد من بلدان ومدائن هذا العالم. ما زلت أمارس الكتابة في هذه الحقول. قرأتُ الشعر والنقد وحاضرتُ في ميونيخ وبرلين وفيينا ولايبزك ولندن والعاصمة السويدية ستكهولم

 

س3: د. صالح الرزوق:بالنسبة لما قرأنا في المثقف كانت المعاناة تتركز في الهرب من النظام السابق بسرية إلى ليبيا ثم إلى أوروبا. وهناك فكرة تسيطر على منهج الأستاذ الظاهر: هي معراج الشعر (من خلال نموذج أديب كمال الدين) من الأدنى إلى الأعلى (إن أسعفتني الذاكرة). فقد قرأت المقال من فترة طويلة. أليس لذلك علاقة بخطه الصاعد من المعاناة إلى محطة إستراحة في ليبيا ثم إلى مستقره الأخير في شمال العالم.. النصف العلوي من الكرة الأرضية؟ وألا يتفق ذلك مع فكرة التصعيد الفرويدي؟ بمعنى أليس ذلك نمط أو بروتوتايب شائع في كل الفنون وكل أنواع النشاط البشري الواعي؟..

ج3: د. عدنان الظاهر: عزيزي الأستاذ صالح الرزوق: لم أكتب تأريخي بيدي ووفق إرادتي فصعودي في الحياة وهبوطي ونجاحاتي وإخفاقاتي إنما هي مفروضة عليَّ كأنها قَدَرٌ أو كالقدر المحتوم.. فلم أعرج للسماوات برغبتي وإرادتي ولم أهبط وأنكسر بهذه الرغبة وتلكم الإرادة ! أنا الصغير ما صنعته الحياة وما أرادته هي لا أنا. أفلم يقلْ المتنبي: تجري الرياحُ بما لا تشتهي السَفَنُ؟! فكرة العروج التي كتبتها في معرض نقدي لأحد دواوين الشاعر أديب كمال الدين كانت بنت ساعتها وقد أوحتها لي إحدى قصائد أديب لا أكثر. أقول دوماً إنَّ النص الأدبي أياً ما كان يفرض عليَّ منهجي في النقد ويفرض عليَّ اللغة التي أعالج بها هذا النص أو ذاك.

 

س4: د. صالح الرزوق:في القصائد النثرية نوع من القلق الذي ينم عن شك نفسي. هل إن الهجرة هي هروب دائم من الذات من موطن الذكريات المؤلمة.. من خوف الاضطرار للعودة حيث التخلف والفوضى والسباق المحموم على الفتات؟ وهذا إذا مؤلما فهو من باب الحقيقة.

شكرا...

ج4: د. عدنان الظاهر:لا أكتب قصيدة النثر لأني لستُ من أهلها بل ولستُ قادراً على كتابتها لأني أنتمي لأجيال أخرى سبقت فن قصيدة النثر فتقولب دماغي وخيالي وفكري بقالب التفعيلة الواحدة وهذا سجن إنفرادي ثقيل الوزن. إنما أكتب الشعر الحر كهذا الذي تراه فيما أنشر من أشعار أي شعر التفعيلة .

لا أعرف القلق وكوابيس النوم وأحلام اليَقَظة إلاّ فيما يتعلق بمصير وصحة ومستقبل ولدي وإبنتي ! أنا معك أستاذ صالح في موضوع الحزن ! كيف تخلو حياتنا من حزن وأهونه الحزن الشخصي وأكبره فقدان الوطن والأهل والرفقة والصداقات ثم رحيل الأهل جميعاً في غيابي عن العراق لأربعة وثلاثين عاماً ! زرت مقبرة أهلي في النجف وأغرقت نفسي وملابسي وتربة القبور بالدمع وأنا أقرأ أسماء أهلي على شواهد المقبرة.. هذا والدي وتلك والدتي وهذا شقيقي الأكبر والثاني فالأوسط وهنا ترقد شقيقتي الكبرى فالثانية فالثالثة وتساءلتُ: متى ألتحق بأهلي وهل تركوا لي لحداً آوي إليه؟

 

س5: وئام يوسف، مدرسة / العراق: هناك من يفصل بين الادب والاخلاق، او بينها وبين القيم مطلقا، ليبقى الادب للادب، فلا جرم ان يكون الشاعر شاعرا لكن شريكا للجلاد في جريمته ضد شعبه، ما هو رأي الاستاذ الدكتور عدنان الظاهر بهذا الكلام؟ ولماذا؟

ج5: د. عدنان الظاهر: شكراً عزيزتي السيدة وئام يوسف.

كيف أفصلُ شاعرَ سلطة مستبدّة دموية غاشمة أغرقت العراق بالدم والظلم والموت عمّا قال من شعر؟ كيف أسامح لاعق أحذية ومؤخّرات حاكميه حتى أقصى مستويات التبعية والخنوع والذل؟ أخلاق ومثالية الشاعر قبل ما يقول من شعر. المحتوى الإنساني فوق أي اعتبار آخر. هذا الشاعر وأمثاله كنبتة حشيش في مستنقع راكد آسن متفسخ.

 

س6: وئام يوسف: ألم تعتقد ان معاناة العراقيين من جلاوزة السلطة السابقة كان اكبر من معاناتهم من نفس السلطة؟

ج6: د. عدنان الظاهر: جوابي عن هذا السؤال قاله أحدهم قبلي شعراً :

كلا الأخوينِ ضرّاطٌ ولكنْ

شهابَ الدينِ أضرطُ من أخيه

كيف تفرقين سيدتي بين السلطة وجلاوزتها؟  أحدهما يتمم الآخر. أسوأ سلطة حكمت العراق لعقود  تمخّضت عن أسوأ بطانة من المنتفعين وتجار الحروب والسابحين بدماء العراقيين التي سالت هنا وهناك زمن السلم والحروب.

 

س7: وئام يوسف: اراك مولعا بالمتنبى تحديدا، لماذا؟ وهل تعتقد ان المتنبى ولد مرت اخرى؟

ج7: د. عدنان الظاهر: أمثال المتنبي لا يموتون... هم الخالدون، ففي كل عراقي وعراقية شئ من هذا الشاعر والإنسان. لذا لا يحتاج أبو الطيّب إلى ولادة جديدة.

بدأ شغفي بالمتنبي مبكّراً جداً مُذْ كنتُ تلميذاً في الصف السادس الإبتدائي.. كنتُ أحرز أعلى الدرجات في درس العربية  بين أقراني في الصف، لذا كافأني معلم العربية إذْ أهداني كتاباً عن المتنبي بعنوان (الشاعر الطَموح)... حفظتُ كل ما في هذا الكتاب من أشعار للمتنبي... ولحد اليوم لا يفارقني ديوانه مع بعض ما كُتبَ عنه. آه لو تعرفين كم كتبتُ عنه وخاصة مسلسل حوارياتي مع هذا الرجل وسياحاتي معه في شتى أقطار الدنيا. أخذته معي حتى إلى لندن ونيورك وموسكو وفلورنسا الإيطالية ليزور قبر الشاعر دانته ثم جعلته يمكث معي في مدينة ميونخ ردحاً من الزمن بل ورشّحتُ له سيدة ألمانية شقراء طويلة القامة فاعتذر ورفض فكرة الزواج منها.. قال عرس واحد يكفي... لن أخون صاحبتي أم مُحسّد وَلدي ! هل تقبلينه زوجاً؟ سأكون الشاهد والقاضي الشرعي معاً.

 

س8: وئام يوسف: انت كاتب وناقد وشاعر، اين تضع نفسك، او ايهما اقرب الى مزاجك ونفسك؟ وهل النقد كان ضرورة بالنسبة لشخصيتك الادبية، ام اضطررت له اضطرارا؟

ج8: د. عدنان الظاهر: ليس هناك إضطرار يا عزيزتي.. الأدب لي هواية وطبع وسليقة. في النقد أكتشف نفسي وقابلياتي وأجد نفسي وجهاً لوجه مع أصحاب وصاحبات النصوص الشعرية وغير الشعرية من قصص وروايات. كتبتُ في مجال النقد الكثير. مزاجي في ومع الجميع. الحالة النفسية والصحية تلعب أدواراً شتى فتارةً أميل لكتابة الشعر وأخرى يجذبني عالم النقد وثالثة مع الحواريات. بإختصار.. الأدب والشعر يضعانني مع الإنسان وفي وسطه ويعودان بي للفطرة الأولى وما الإنسانُ إلاّ بالآخرين. الآن.. في هذه اللحظات.. أشعر بسعادة قوية غامرة لأني أكتب لإنسانة وأردُّ على أسئلتها فأحسُّ كأني معها هناك في بغداد وفي العراق فماذا أريدُ من دُنياي أكثر؟

 

س9: وئام يوسف: هل يؤمن د. عدنان بوجود ادبين، ادب المرأة وادب الرجل، ام الادب جنس واحد؟ واذا كان جوابك بالنفي، فلماذا يصير بعض الادباء على ذلك، هل هي عقدة الذكورة في اللاوعي؟

ج8: د. عدنان الظاهر: جوابي نعم ولا ! للمرأة طبيعتها ومزاجها وحقيقتها البايولوجية والفسلجية الخاصة المفروضة عليها وعلينا نحن الرجال. هل نُنكرُ أنَّ أحدَ طرفي المعادلة يلد والآخر لا يلد وما يترتبُ على الولادة من نتائج ومستلزمات؟ ألا يترك ذلك أثره العميق على سلوك المرأة وعلى ما تكتب أو تنتج من فنون أخرى كثيرة كالموسيقى وغير الموسيقى؟ بلى، تبقى عناصر كثيرة مُشتركة بين حواء وآدم ! يأكلان الطعام.. يضحكان.. يبكيان... يغضبان.. يسهران ينامان... يسافران... هذه أمور مشتركة بين المرأة والرجل كما تعرفين سيدة وئام. كل فرق بينهما وكل سمة لا بدَّ وأنْ تترك آثاراً على ما يكتبان وما ينتجان  وكيف يفكّران.

 

س9: وئام يوسف: مملكة المرأة عالم خاص، لا يفقها الرجل الا نادرا، ولا يجيد التعبير عنها الا هي، هل تحب ان تقرأ للمرأة الشاعرة؟ وبمن تأثرت منهن في حياتك الادبية؟

ج9: د. عدنان الظاهر: أحب المرأة إبتداءً لأنها أمي وأصل وجودي.. زرعتني في رحمها.. أنجبتني.. أرضعتني وأنشأتني وسوّتني إنسانا.. لذا أجدني قريباً منها بل وملتصقاً بها حدَّ التوق لحليب صدرها  وشمِّ جسدها فكيف لا أقرأها شاعرةً أو كاتبة؟ صرفتُ الكثير من وقتي وسلامة عينيَّ لأكتب نقداً مطوّلاً أو دراسات لروايات كتبتها سيدات لم أَرَهنَّ أبداَ في حياتي. كتبتُ عنهنَّ لأني وجدتهنَّ جديرات ومبدعات ومتميّزات وبعضهنَّ فضلاً عن ذلك [جميلات]. فأين أجدكِ بينهنَّ سيدة وئام؟ مع شكري وامتناني وأرجو أني أجبتُ على أسئلتك بما فيه الكفاية فإذا زدتِ زدتُ.

  

يمكن توجيه الاسئلة عبر الاميل الاتي

 

 [email protected]

 

 

خاص بالمثقف

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2262 الخميس 01 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم