الرئيسية

حوار مفتوح مع الشاعر يحى السماوي (7)

 

مصطفى المهاجر (شاعر وكاتب / استراليا):استكمالا للملف الإبداعي الذي نهضت به "المثقف" لتكريم شاعرنا الكبير الأستاذ يحيى السماوي، اتوجه إليكم بهذه الأسئلة راجيا الإجابة عليها من قبلكم قدر تعلق السؤال بكل منكم مع جزيل الشكر سلفا، وإذا ارتأيتم إلحاقها بالملف تعميما للفائدة فلكم الشكر على ذلك

 

س 57: مصطفى المهاجر:الأستاذ "أبو حيدر": كيف تداعت إلى ذهنكم فكرة تكريم الشاعر السماوي؟ وهل كانت هناك ثمة محرضات لذلك؟

ج57: شكرا للاخ الاستاذ الشاعر مصطفى المهاجر، على هذه الالتفاتة الاخوية النبيلة.

فكرة التكريم، اقصد تكريم الرموز والشخصيات الوطنية فكرة قديمة، فقد شاهدنا خلال تقلبنا بالمنافي لثلاثة عقود ظواهر ثقافية لم نألفها في بلادنا. وقد حضرت شخصيا بمعية بعض الاصدقاء عدة مناسبات، عشت فيها اجواء تكريم شخصيات علمية وادبية كبيرة، وتابعت اعمال المؤتمرات التي تقام لهم احتفاء بمنجازتهم والتي كانت تختتم بصدور كتاب بالمناسبة اضافة الى مجموعة البحوث والمقالات.. كنت اتألم في داخلي، لماذا لا يكرم الاحياء من شخصياتنا اسوة بغيرهم؟ لماذا لا نكتشف عطاءهم الا بعد فوات الاوان؟

بعد سقوط النظام في العراق لاحظت مدى الغبن الذي لحق شخصياتنا الوطنية، وانما اقول الوطنية (كي انأى عن التصنيف الايديلوجي)، وكان بودي ان احصل على قرار لتكريم لفيف من الشخصيات الكبيرة، وبالفعل فاتحت عددا من الاصدقاء، فرحبوا بالفكرة، وادرجت حينها عددا من الادباء والمفكرين والمثقفين والفنانين والتشكليين ممن اعرفهم. وعندما تحركت باتجاه الحكومة، باعتبار ما لدينا من دالة سيما على الخط الاول في السلطة (اصحاب القرار)، ممن تربطنا معهم ثلاثون عاما من العلاقة المتينة، وجدنا ان السطلة باعدت بيننا وبينهم، واكتشفنا ان اخلاقيات العلاقة قد تغيرت بشكل لا يسمح بمفاتحتهم، لسبب بسيط هو انقطاع التواصل، فهم مسؤولون، ونحن من عامة الشعب.. وقد وصف الاستاذ مصطفى المهاجر العلاقة الجديدة بدقة اثارت حفيظة الكثيرين عندما كتب مقالا ادبيا نقديا لاذعا في صحيفة المثقف بعنوان: (عندما يكون الانسان مسؤولا)، مازال في ارشيفه الخاص.

عدت الى نفسي ثانية، وقلت: لماذا دائما ننتظر مساعدة جهة خارجية كالدولة مثلا؟ ولماذا نربط اساسا مشاريعنا بسلطة (ايا كانت)؟ كم هو باهض ثمن الدخول في المعادلات السياسية؟.. سيما ونحن صحيفة حرة، تؤمن بالرأي والرأي الاخر. بلا شك سندفع الثمن غاليا، وستفرض علينا قيود تتنافي مع توجهات صحيفتنا... اذا علينا التحرك كجماعة، نؤمن باهداف مشتركة، وكنت واثقا من النجاح بلا تردد.

وعندما كتب الشاعر يحيى السماوي قصيدته وهو يودع التاسعة والخمسين وجدتها فرصه للشروع بمشروع التكريم، فالشاعر قامة ادبية عملاقة، ورجل وطني، وله مواقف مشرفه، وقررت المضي بمشروع التكريم على ان لا يكون مشروعا للتبجيل الفاقع، وانما تكريم علمي من خلال شهادات ودراسات نقدية.. رغم ان الشاعر يستحق التبيجل بامتياز.

 

س 58: مصطفى المهاجر:هل أخذ الإعداد للمشروع فترة زمنية طويلة قبل الإعلان عنه على صفحات المثقف؟

ج 58: بحكم عملي وتجربتي المهنية، كانت خريطة التكريم وفقراته واضحة، فكنت اعرف ما ذا اريد ان اعمل بالضبط، وما هو المطلوب. فلم يمكث المشروع طويلا حتى تم الاعلان عنه، وكنت اوجه فريق العمل كلا حسب تخصصه، برؤية واضحه. وظلت ادارة الملف تحت مسؤولية رئاسة التحرير تخطيطا وتنسيقا واشرافا ومتابعة، وهذا ما تفرضه اصول العمل المهني، كما تعرف، بحكم تجربتك الطويلة وكذا الاخ ابا على بالعمل الصحفي.

وربما قراتم فقرات جديدة في عمل الملف كالاستطلاع الذي اجرته الزميلة المطلبي، وكذا كان الحوار المفتوح فكرة جديدة، استهوت القراء كثيرا، كما قامت الزميلة صفا صادق باعداد البوم كبير يتكون من اربعة اقسام يؤرخ مسيرة الشاعر، وكذا نشرنا ملفا كاملا عن اصداء الدعوة وما لاقته. ومازالت هناك بعض الافكار ستجسد خلال كتاب التكريم، كما سيبقى البعض الاخر مؤجلا حتى حين.

 

س 59: مصطفى المهاجر:هل كان ثمة تشاور وتنسيق مسبق مع الأخت خلود أو مع الأستاذ الشاعر السماوي؟

ج59: لا ليس هناك اي تشاور حول اصل الفكرة، لانها قناعة شخصية، كانت تنتظر التنفيذ فقط. وكما اشرت في السؤال السالف ان التكريم بحد ذاته كان هما قديما، لرفع الحيف عن الشخصيات الوطنية. وتكريمها هو تعبير اخر عن الشعور بالمسؤولية تجاه هذه الشريحه من المجتمع، ممن اعطوا الكثير وضحوا بالكثير، فينبغي تعريف الاجيال القادمه بهم وبمنجزاتهم.

وانما اقترحت على الشاعر الكبير الفكرة فوافق مشكورا، كما اقترحت على الشاعرة خلود من خارج الصحيفة للعمل معنا مؤقتا، والمشاركة في اعداد الملف ببعض المهام، (وكانت اول تجربة لها بالعمل الصحفي)، فوافقت مشكورة ايضا.

لكن ربما حصل تشاور على مشروع التكريم بشكل عام خارج دائرة هيئة التحرير (في وقت سابق وليس الان)، مع شخصيات اعلامية متخصصه، لتقييم التجربة، باعتبارها حدثا جديدا على الاعلام الالكتروني، وربما جرى الحديث مع الاصدقاء وانت منهم حول ذات الفكرة. ولكن بعد مفاتحة شاعرنا العزيز والشروع بالعمل كانت الاصداء مدهشة، وكانت ردود الفعل مشجعة جدا، وكلما تحدثت مع الاصدقاء اجد اصداء الاختيار والدعوة طيبة في نفوسهم.

 

س 60: مصطفى المهاجر:ماذا كان وقع الفكرة الأولية على الشاعر السماوي؟ وكيف استقبلها؟

ج60: كانت الخطوة الاولى، مفاتحة الشاعر الاخ العزيز ابا علي، فاجاب بخلق رفيع، وتواضع كبير، بعد ان شكرني، طلب التريث الى حين ... (متعه الله بعمر طويل بخير وعافية)!!، وقال: وهل تعتقد اني استحق التكريم؟؟ قلت له نعم وبجداره، فسكت، فكان لسكوته اثر كبير في نفسي، شعرت معه بسمو اخلاق هذا الرجل ورفعتها، وكأنه خجل من اصل المبادرة مع استحقاقه لها. وعندما استفزه احد المعلقين على نصوصه، اقسم لهم انه ما كان راغبا بالتكريم ولكنه استجاب لارادة المثقف.

وعندما طلبت من الشاعر خلود مفاتحة الشاعر كخوة اجرائية للشروع بالعمل، كان جوابه مفاجئا لها، غير اني طمئنتها بانه وافق، باعطاء ضوء اخضر، وإن لم يصرح بذلك لخلقه الجم وتواضعه.

 

س 61: مصطفى المهاجر:هل كانت ثمة معوقات أو مثبطات أمام طرح المبادرة؟ ما نوعها؟ وما مصادرها؟

ساتحدث عن نفقطتين فقط، ربما تعد مثبطه بنظر الاخرين، لكنني اعتدت على هذا النمط من ردود الفعل، والامر بالنسبة لي طبيعي جدا، لم يفاجئني ابدا، بل متوقع.

النقطة الاولى: راح بعض (مع الاحترام الكامل لكل وجهات النظر) يعتبر مشروع التكريم مرادفا لمشروع التصنيم. وان المشروع سيكون سببا لخلق صنم ادبي جديد، في وقت نحن بحاجه ماسة للتحرر من ربقة الاصنام الثاوية في لا وعينا. وقد عالجت هذه الاشكالية في افتتاحية الملف، بالتمييز بين مفهومي، التكريم والتبجيل، وقد اشرت بوضوح الى الفرق الجوهري بين التبجيل والتكريم، وقلت ان ملف التكريم لا يعد تبجيلا رغم استحقاق المحتفى به لذلك بكل جدارة. واننا مع الدراسات النقدية، فالنقد في صحيفتنا لا يعلوه شيء، من اجل ديمومة الفكر. واشرت ايضا الى الاسباب الحقيقية وراء اللبس المفهومي لدى البعض.

 النقطة الثانية، لم اتطرق لها مسبقا، وهي الهجوم غير المبرر من قبل جماعة (يمكن تخمين هوياتهم واتجاهاتهم بشكل اجمالي) على شخص الشاعر، والمساس بشخصيته ومحاولة النيل منه. وكان يرد عليهم بنفس الخلق العالي، والنفس الكبيرة، حتى تمادى بعضهم، واخذ يطارد الشاعر، مما اضطر التحرير الى ايقاف التعليقات بعد ان اصبحت جارحه ومؤلمة.

هذه ربما تكون مثبطات، لو تم التعامل معها بطريقه اخرى، الا انها لم تؤثر مطلقا على مسار العمل. وتم تجاوزها بسهولة.

وبقي من المعوقات، شيء اخر، شيء له ارتباط بطبيعة العمل الالكتروني، والعمل الصحفي، سيما الصحف الحرة.

تعلم سيدي الكريم، ان اساس عمل صحيفتا هو الدعم المتواصل من قبل كتابها وادبائها من السيدات والسادة. والثقة المتبادلة بين الكتاب وهيئة تحرير الصحيفة، فاساس استمرار عملنا ونجاحنا هو الكاتب والكاتبة والاديب والاديبة، فهم رأس مال مشروعنا، ورصيدنا القوي في العمل، واذا كان ثمة نجاح فيعود بعد الله جل وعلى لهم. لهذا تراني ينعقد لساني عندما اهم بتوجيه الشكر لهم. وبالتالي فان نجاح الملف بحاجه الى قناعتهم اولا، كي يبادروا للكتابة.

وهذا لا يعني الغاء الاسباب الاخرى لنجاح العمل، فلا شك ان نجاح الملف كان يعود لاسباب اربعة، قوة شخصية الشاعر وثراء منجزه الادبي المحفز بطبيعته على الكتابة، وخبرة رئاسة التحرير، واخلاص فريق العمل في الصحيفة، ومبادرة الكتاب والكاتبات. وكما تقدم فان السبب الاخير هو الاساس، وهنا سابوح لك بشيء، عندما وافقت الشاعرة خلود على العمل معنا، تحملت مشكورة مسؤولية التواصل مع الكتاب والكاتبات، بينما انشغل الاخوة والاخوات في فريق العمل مشكورين بمهامهم الاخرى: (التحرير، التقويم، الاعداد، التصحيح، التحديث). وظلت رئاسة التحرير بحكم تخصصها تقوم بادارة الملف تخطيطا واشرافا وتنسيقا ومتابعة.

وخلال اسبوعين من اعلان الملف لم يتحقق شيء مهم، وكانت هناك استجابات لكنها ليست بالمستوى المطلوب، مما اضطر رئاسة التحرير الى الدخول مباشرة على خط التواصل مع الكتاب والنقاد من السيدات والسادة وحصلت استجابة كبيرة وسريعة، والان امامي اكثر من 80 مادة معدة للنشر ككتاب لتخليد ذكرى التكريم، أأمل ان يطبع قريبا باذنه تعالى. وهنا لا بد ان اشيد بجهود الاخ الاستاذ الشاعر يحيى السماوي، الذي ابدى تعاوننا كبيرا، ساهم في تعجيل العمل ودفعه باتجاه النجاح بخطوات اكبر.

وربما كان هذا اقوى المعيقات في العمل الاعلامي الالكتروني، وقدرته الفائقة على افشال المشروع، غير ان الاسباب المتقدمة ساهمت في نجاح الملف بامتياز. كنت واثقا من نجاح الملف، ولم يساورني الشك في دعم الاصدقاء والافاضل من السيدات والسادة على خلفية تاريخ امتد لثلاثة سنوات من التعاون المثمر، انتج هذا الصرح الاعلامي المتين.

 

وما زلنا نعقد الامل في كتابنا وكاتباتنا الافاضل في دعم مشاريع تكريم اخرى، لشخصيات مميزة في حقل اختصاصه، وسوف لن نبتعد عن دائرة المثقف كثيرا، فالتكريم منهم ولهم.

 

س62: مصطفى المهاجر:سمعنا عن فكرة تأسيس مؤسسة تحمل نفس اسم المثقف، فما هي اهداف هذه المؤسسة؟ وما علاقتها بالتكريم؟

ج62: فكرة المؤسسة فكرة قديمة، فقبل اكثر من عشر سنوات وخلال ترأسي لتحرير مجلة فكرية – ثقافية اصدرت وعلى نفقتي الخاصة سلسلة رواد الاصلاح، صدر عنها ستة اعداد ثم انقطعت بعد هجرتي من الشرق الاوسط الى الشرق الاقصى، وانتقالي من منفى الى منفى اختياري جديد. منذ ذلك الحين كنت افكر بتأسيس مؤسسة او مركز ثقافي، كي يكون العمل اكثر تنظيما واتساعا. وبعد ملف التكريم وقرار اصدار كتاب التكريم، اصبحت الفكرة عملية، وسيتم تسجيل المؤسسة رسميا في مطلع السنة القادمة وباسم: مؤسسة المثقف العربي، ستصدر عنها صحيفة المثقف، وكتاب التكريم ابتداء، على امل تنشيط العمل مستقبلا، وبهذا ستكون شهادات التكريم الصادرة عنه ذات قيمة اكبر.

 

س63: مصطفى المهاجر:الأخت الأديبة خلود المطلبي: كيف استقبلت فكرة التكريم من الأستاذ أبي حيدر؟

ج63: خلود المطلبي: لقد اتصل بي الاستاذ ابو حيدر وقال لقد حفزتْ فيَّ قصيدة الشاعر السماوي على (مشارف الستين) فكرة اقامة نوع من التكريم له لبلوغه الستين واشعر بان من الواجب الاحتفاء بمنجزه فماذا تقولين؟... دهشت اول الامر لانني كنت افكر بذات الفكرة منذ ايام وسبقني هو حين فاتحني بها ..رحبت بالفكرة وهللتْ الطفلة الصغيرة في داخلي وطرت فرحا في الدقائق الاولى...قلت له فكرة رائعة استاذ...لقد فكرت بها انا ايضا ...انني اعرف بان هناك احتفاءات سابقة من جهات مختلفة لبعض الادباء لكن احتفاءنا سيكون مختلفا فبين خبرتك الهائلة في مجال الاعلام وحماستي وحيويتي المفعمة بالنشاط وعشقي للادب سيكون حتما احتفاءا مميزا بل سنجعل منه احتفال.

 

س64: مصطفى المهاجر:هل كان ثمة تردد أو نوع من الرهبة إزاء الفكرة والمبادرة؟

ج64: خلود المطلبي: ابداً لم يكن هناك تردد فقد رحبتُ بالفكرة التي كنت احملها انا ايضا وشجعني على ذلك اكثر رغبته الجادة بتطبيقها وقد شجعته بدوري و طغى الحماس وتأججت لهفتي لهذه المغامرة المشوقة والرائعة وكنت اعرف بان الاستعداد لها وتنفيذها سيستغرق وقتا وجهدا وتضحيات منا نحن الأثنين لكنني كنت اعرف ايضا بان كل لحظة من لحظاتي المقبلة مع ملف الاحتفاء ستكون حلما ودهشة وسحرا ولحظات انفلات خارج الزمن...كنت طفلة بانتظار ان تفتح هديتها الملفوفة وما ينتاب الاطفال من الرغبة والشوق والفضول والفرح لاكتشاف تلك الهدية وهل هناك اجمل واروع من الادب ومزيدا من الادب خاصة لمن هي مثلي فقد ولدتُ وكانت اول الاشياء التي عرفتها واثارت فضولي هي الاقلام والاوراق والمناقشات الادبية في بيتنا و في البيوت الاخرى لعائلة المطلبي ...لقد ولدتُ بأحضان الأدب فبين شقيقي الحبيب الروائي الكبير عبد الرزاق المطلبي الذي اختار لي اسمي وبين اخوالي الشعراء واخوتي الادباء وابناء خالاتي، الادباء ايضا وجدي الفقيه اللغوي والشاعر الفذ يوسف المطلبي فقد رضعتُ الادب وتربيتُ باحضانه حتى تشربتُ به وصرت قطعة منه فهو عالمي الذي اجد به نفسي واتوق للغوص في كل زواياه.

 

س65: مصطفى المهاجر: كم من الوقت أخذ منك التحضير للمبادرة؟ وكم منه للإنجاز والمتابعة؟

ج 65: خلود المطلبي: انا بطبيعتي منظمة ومولعة بالتخطيط وهكذا حياتي كلها لكل شيء وقته والمشهور عني بين من يعرفني الالتزام بالوعود والمواعيد وان كنت على فراش المرض وبسبب طبيعتي تلك كنت اود لو كان هناك وقتا اكبر للتحضير والمهم فبمجرد اتفاقنا على فكرة المبادرة...اجلت اعمال الترجمة ومشاريع اخرى ... اتذكر انني بدأتـ بنفس الليلة بكتابة الفقرات الممكن تضمينها في المبادرة وكتابة اسماء الادباء ... ربما استغرق التحضيرالاولي اسبوعا او اكثر قليلا ثم ثلاثة او اربع اسابيع للأنجاز (هذا تقدير فقط لانني لم اسجل التواريخ)...كنت انام خلالها اربعة ساعات يوميا فقط من الثانية صباحا حتى السادسة صباحا فبين التواصل مع الادباء وتحضير وكتابة بعض فقرات الملف وقراءة المواد التي تصلني من الادباء وتصحيح ما فيها من اخطاء ومن ثم ارسالها للاستاذ ابو حيدر... وهنا اعترف ان هناك بعض المواد استمتعت بقراءتها وقرأتها عدة مرات رغم ضيق الوقت وذرفت دمعة هنا ودمعة هناك وانا اقرأ بعض الشهادات لا سيما شهادة الانسان الرائع النبيل الباحث الفاضل صالح الطائي. اما المتابعة فهي مستمرة لليوم من جانب الاستاذ ابو حيدر ... قصدي ان هناك رسائل ومواضيع لا زالت تصل الصحيفة وكلها تذهب مباشرة للاستاذ ابو حيدر الذي يتابعها كما وصلتني بعض المشاركات مؤخراً كالقصة الرائعة للقاص الكبير الدكتور فرج ياسين والتي نشرتها المثقف قبل يومين او ثلاثة اما الان فما عاد يصلني اي شيء وعموما فلا زال الملف يستقبل المواد الجديدة كما تلاحظون والان انتقل العمل من ملف الاحتفاء الى العمل على الكتاب الخاص بالاحتفاء، المؤمل طبعه ولذلك فقد انتقل العمل الآن كله للاستاذ ابو حيدر اما انا فلا زلت اعمل على الجزء الانكليزي،الصغير من الكتاب.

 

س66: مصطفى المهاجر:كيف وجدت التعامل المباشر في مشروع مثل هذا، مع كل من أبي حيدر من جهة والشاعر السماوي من جهة آخرى؟

ج 66: خلود المطلبي: انا والاستاذ ابو حيدر متفقين في كل شيء انا اقدر خبرته الاعلامية وجهوده من اجل الادب واستفدت من توجيهاته القيمة وهو يقدر عملي الدؤوب ومثابرتي واخلاصي ولذلك فقد كنا بهذه المبادرة متكاملين.

اما بالنسبة للتعامل مع الشاعر يحيى السماوي فانا اشعر به كأحد افراد عائلتي فما احمله له من الود والاخلاص هو امتداد للعلاقة الحميمة التي تربط عائلتي به فخالي الكبير المرحوم،الشاعر والناقد والمترجم، البروفسور عبد الجبار المطلبي كان استاذه في الجامعة كما ان الخال الشاعر حسان المطلبي كان صديقه وزميل دراسته كما كان ابن خالتي الدكتور القاص غالب المطلبي صديقه وكذلك الخال الدكتور مالك المطلبي .ولذلك صارت علاقتي بالشاعر امتداد لعلاقة العائلة وانا بطبيعتي احب واحترم كثيرا اصدقاء عائلتي من الادباء وكأن المحبة وراثية فدوما اشعر بالمحبة العظيمة والتقدير لاصدقاء الاهل وقد غمرني الادباء من اصدقاء العائلة بمودتهم وتشجيعهم لاسيما الشاعر يحيى السماوي الذي غمرني بكرم اخلاقه ووده ونبله وكانت رسائله تمدني بالمزيد من القوة والتصميم والتشجيع قبل وبعد مبادرة التكريم ..انه انسان نبيل وشاعر قدير يستحق هذا التكريم واكثربكثير.

 

س67: مصطفى المهاجر:هل تشعرين بإضافة نوعية إلى الواقع الثقافي العراقي والعربي كنتيجة لمشروع التكريم؟

 ج 67: خلود المطلبي: بالتأكيد ان كل جهد وكل عمل دافعه الأساسي حب الادب والاخلاص له سيساهم بلا شك في تقديم اضافة مهمة للثقافة العربية والعراقية وبعد ان يطبع كتاب تكريم الشاعر السماوي ان شاء الله سيكون مرجعا ادبيا مهما لاسيما للراغبين في دراسة منجز الشاعر الثقافي وابداعه .

 

س 68: مصطفى المهاجر:الاستاذ الشاعر يحيى السماوي:كيف استقبلت فكرة التكريم من الأستاذ أبي حيدر؟

ج 68: يحيى السماوي: كانت الرسالة مفاجأة كبيرة حملتني على إعادة قراءتها .. لا أدري لماذا شعرت بشيء كالندى بدأ يتجمع على مرايا أحداقي ... فكتبت إلى اخي الأديب أبي حيدر راجيا منه تأجيل تنفيذ الفكرة ريثما ألتحف التراب ليكون التكريمُ تأبينا ً.. غير أن أبا حيدر أبى إلآ أن ينسج لي بيد لطفه بُردة من حرير مروءته ومكارم أخلاقه .. ولأنني لست لئيما فقد انحنيت امتنانا لقوافل كَرَمِه المثقلةِ الهوادج بيواقيتَ أكثر مما تتسع لها قلائد أبجديتي !

 

س 69: مصطفى المهاجر:هل شعرت بأن مثل هذه المبادرة جاءت مبكرة عن وقتها أم متأخرة عنه كثيرا أو قليلا؟

ج 69: يحيى السماوي: الصدق َ أقول ياصديقي الشاعر: كانت مبكرة كثيرا ـ ولا عجَبَ بالنسبة لسادن محراب المحبة ـ أبي حيدرـ والذي عرفته منافحا ً عن ثقافة التسامح وذائدا عن طفولة السنبابل والورد والعصافير إيمانا منه بأن الغد يجب أن يكون أجمل من اليوم وأبهى ..

 

س 70: مصطفى المهاجر:هل راودك احساس بأن بعض ما كتب في ملف التكريم يحمل الكثير او القليل من المجاملة الشخصية، أكثر مما يحمل من النقد والدراسة الموضوعية؟

ج 70: يحيى السماوي: الإطراء يُخيفني ياصديقي ... والمجاملة تجعل بصري يعشو ... بينما النقد الموضوعي الجاد يُجلي مرايا بصري فيجنّبني عثار ماتبقى من طريق يتحتّم عليّ قطعه أملا ً بالوصول إلى المدينة الفاضلة ... لقد جمعت كل هذه الدراسات النقدية وأعدت قراءتها مراتٍ لأهتدي بضوئها لتقويم تجربتي الشعرية المتواضعة وإسقاط الأوراق الذابلة من شجرتي إفساحا ً في المجال لأوراق جديدة أكثر خضرة ..

أكثر الذين كتبوا عني لم تكن لي بهم سابق علاقة شخصية ـ بل ولم يسبق لي أن التقيتهم ـ رغم كوني أعرفهم وتتلمذت على كتاباتهم دون أن يعرفوا ذلك ـ الأمر الذي يجعلني متيقنا من أنهم لم يكتبوا دراساتهم ونقودهم محاباة ً ومجاملة ...

 

س 71: مصطفى المهاجر:كم تشعر بالارتياح النفسي والإمتنان لمثل هذه المباردة؟ وهل كنت تفضل تكريما من نوع آخر، كأن يكون من مؤسسة ثقافية رسمية، أو الحكومة العراقية ممثلة بوزارة الثقافة العراقية مثلا؟

ج 71: يحيى السماوي: أبوح لك ـ صادقا والله ـ بما اختلج في قرارتي منذ يوم التكريم حتى الان: لقد شعرت بسعادة أسطورية، لكنها سعادة لا تخلو من حزن أسطوري !!!

هذا الكرم الأسطوري من لَدُن الصحيفة وأساتذتي النقدة والناقدات وبقية الأحبة، هو سبب سعادتي الأسطورية ... لكنه في الوقت نفسه قد كشف عن عورة فقري اللغوي في التعبير عما في قلبي من مشاعر الشكر والإمتنان ـ وهذا هو سبب حزني الأسطوري ياصديقي ... أول من أمس سألتني ابنتي الشيماء ـ وقد رأتني ساهما محدّقا بسقف حجرة مكتبي ـ عمّا يُشغلني ويقلقني .. فكان جوابي: هل بمستطاعك جمع ثمار بستان شاسع مُثقَل الأشجار بالعناقيد، في جيب قميصك أو في راحتيك؟ أو جمع ماء نهر دون ضفاف في قدح ٍ صغير؟ ذُهِلت الشيماء من سؤالي فطلبت تفسيرا بعيدا عن التورية والإستعارة والمجاز .. فأجبتها: من أين لي بالقدرة الخرافية على ردّ فضل ذوي الفضل ممن أسهموا في إعادة الرطوبة إلى طين عمري وجعلوا من صحاراي فردوسا ً أرضيا؟ ألم يقل الله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا)؟ أنا أصغر من أن أردّ بمثلها، فكيف لي بالأحسن منها ياابنتي؟

 ويوم أمس هاتفت الشاعر سامي أحمد صاحب دار التكوين للنشر والترجمة والتأليف في دمشق طالبا منه أن يُضاعف عدد النسخ التي اعتزم إرسالها لي من الطبعة الثانية من كتابي " شاهدة قبر من رخام الكلمات "وما تبقى عنده من نسخ الطبعة الثانية من" نقوش على جذع نخلة " كي أهديها للأحبة ذوي الفضل ـ عسى أن يكون بمستطاعها نقل ولو عشبة واحدة من أعشاب حقول امتناني وشكري!

 أما عن الشق الثاني من سؤالك النبيه ياصديقي، فأقول صادقا: لا أطمح بأن تكرمني وزارة الثقافة ـ لكنْ: أطمح أن تدعم إتحاد الأدباء وبقية فروعه في المحافظات، وأن تعالج الأدباء المرضى، فمن المعيب على هذه الوزارة أن يتحمل أطباء ومثقفون عراقيون في الخارج تكاليف علاج "جيفارا الشعر العربي" الشاعر الرمز المناضل مظفر النواب !!

 يشرفني هنا أن أتقدم بالشكر لاتحاد الأدباء العراقي حين حضر أمينه العام الشاعر المناضل "الفريد سمعان" إلى حفل توزيع جوائز البابطين في الكويت فقدّم لي درع الجواهري وساعة الجواهري تكريما من الاتحاد لفوزي بجائزة أفضل ديوان شعر .

 

س 72: مصطفى المهاجر:كيف ينظر السماوي إلى مستقبل العلاقة بينه وبين الإعلام الإلكتروني بعد مبادرة التكريم هذه؟

ج72:  يحيى السماوي: لقد حتّم عليّ هذا التكريم أن أجتهد أكثر، وأتعلّم أكثر، وأخلص للشعر أكثر كي يكون جيدي جديرا بقلائد تكريمهم واحتفائهم ... فأنا على يقين من أنهم يريدون مني أن أكتب الأحسن ـ ولهم عليّ العهد أنني سأبذل قصارى جهدي كي أكون بمستوى حسن ظنهم بإذن الله .

 

س 72: مصطفى المهاجر: الأخ أبو حيدر والأخت المطلبي:هل شعرتما بنوع من الزهو أو الفخر لعملكما في هذه المبادرة، بعد هذه الأستجابة الواسعة والمتنوعة، كميا ونوعيا؟

ج 72: رئيس التحرير: كما نوهت صديقي العزيز، ابا مصطفى، كنت على يقين بنجاح التكريم للاسباب الموضوعية التي ذكرتها، وبحكم خبرتي الطويل وامساكي بادارة الملف حصرا. ولم يساورني الشك بفشل التجربة. وكنت اصدر ستة اعداد من مجلة (فكرية - ثقافية) سنويا، خمسة منها تتضمن ملفات فكرية او ثقافية، والسادس عام، (وربما اطلعت انت على بعض اعدادها في ذلك الحين) فتجربتي باعداد الملفات قديمه، وليست وليدة الساعة.

واذا كان هناك نجاح فقد اشرت الى اسبابه، ومن حقهم اولا كتابنا وكاتباتنا الافتخار والشعور بالزهو بانجاز عمل بهذه الضخامة. حتى اني ارتبك عندما اهم بشكرهم، فباسمهم يكتب كل هذا النجاح، ولهم ولشعورهم بالمسؤول تجاه المثقف يستحقون كل التقدير والاحترام. ولا شك ان العمل الناجح مدعاة للفخر والاعتزاز، فشكرا لله على توفيقه.

ج 72: خلود المطلبي: نعم لقد شعرت بالفرح والاعتزاز والفخر بثقافتنا العربية التي انجبت الكثير من الادباء المبدعين وشعرت بالفخر والاعتزاز والفرح لانني قدمت من خلال ملف الاحتفاء ولو شيئا ضئيلا للثقافة العربية وهوالاحتفاء باحد مبدعيها، شاعرنا الكبير الاستاذ يحيى السماوي الذي يستحق كل الثناء والتقدير لمنجزه الثقافي المميز الكبير.كما اشعر بالفخر والاعتزاز

بالادباء الذين شاركوا بمواضيعهم الجميلة والرائعة وبتعليقاتهم وبرسائلهم المشجعة وبخلقهم النبيل ولذلك احب ان استغل هذه الفرصة لاتوجه بالشكر الجزيل لهم واحدا واحدا،كما اتقدم بالشكر والامتنان للاستاذ ابو حيدر الذي لولا جهوده الى جانب جهود فريق العمل وانا واحده منهم، ولولا نصائحه لما نجح الملف ولما كان بهذ الجمال والروعة

 

س 73: مصطفى المهاجر: السماوي قامة شعرية عربية وعراقية شامخة، فإن كنتما قد بدأئتما به، فبمن ستنتهيان؟ ألا تشعران بالحرج أزاء ذلك؟

ج73: رئيس التحرير: لا ابدا، فهناك قامات كبيرة وشامخه في حقول اخرى، وامامي اسماء متعددة تستحق التكريم، وحتى انت (الشاعر مصطفى المهاجر) رجل تستحق التكريم بامتياز، فمنجزك كبير، وتضحياتك اكبر، ولديك مجموعة من الدوواين المطبوعة. وكان المفروض ان يكون لك دور مهم في بلدك بعد التغير، لكن طالك التهميش كما طال غيرك من الوطنيين المهملين، وتضج بهم المنافي للاسف الشديد. حتى من يفكر منهم بالعودة الى بلده بعد ثلاثين عاما من العناء والتضحيات الكبيرة، سيعود غريبا، لا يجد راتبا يغطي نفقاته، ولا سكنا يأويه، ولا احدا يقدر دوره ومكانته، مهما كانت شهادته العلمية، او منجزه، او تضحياته. وكرامته لا تسمح له بالتوسل بالاخرين، فيفضل البقاء في منفاه حفظا لكرامته، حتى وإن مات وفي فمه خصة اسمها العراق.

كما لا تنسى ان المثقف صحيفة عربية بنكهة عراقية، وهناك شخصيات عربية مهمة (في دائرة صحيفة المثقف) طالها التهميش في بلدها ولم تنل حقها من التكريم، وعندما تتهيئ الظروف المناسبة ستكرم مثلما يكرم الاخ العراقي. وتجد ضمن اسماء المشاركين في الملف شخصيات من مختلف البلدان العربية، وكانت لهم مشاركات جادة ومهمة يشكرون عليها جدا.

ويبقى شيء اخير ان الاساس هو التكريم، حتى وان كان متفاوتا من حيث حجمه وسعته، فلكل شخص ميزاته الذاتية، وحجمه ومنجزه، والشاعر السماوي اضافة الى كونه قامة شامخه، يتميز بعلاقات ودية واسعة، كما ان ثراء منجزه يشجع الكتاب ويستهوي النقاد للكتابة حوله بشغف، وكما اشرت فان امامي الان 80 مادة جاهزة للطباعة والعدد في تزايد، وما زالت هناك مواد ننتظر قدومها للنشر. وبالتالي سيكون كتاب التكريم كتابا كبيرا ايضا. وليس بالضرورة ان يكون المنجز الفكري او التشكيلي، لو اردنا تكريم احد المفكرين او التشكيليين، بنفس المواصفات، وانما لكل منجز وشخص خصوصيته.

 ج 73: خلود المطلبيِ: اتكلم عن نفسي فقط ...ان كل ادبائنا المميزين يستحقون ان يحتفى بمنجزهم الادبي بغض النظر عن الترتيب لان الترتيب لا علاقة له باهمية الاديب وانما له علاقة بالظروف، ظروف الاديب وظروف الجهة التي تقيم الاحتفاء والشاعر يحيى السماوي يستحق الثناء والاحتفاء لمنجزه الثقافي وعطائه الرائع و يتبادر في ذهني الآن الكثير، الكثيرمن الادباء المبدعين الذين ايضا يستحقون ان تقام لهم الاحتفاءات واتمنى مخلصة من كل قلبي ان تتواصل الاحتفاءات بالمبدعين بغض النظر عن الجهة التي تقيم الاحتفاء اما بالنسبة لي فقد انتهيت من موضوع الاحتفاءات على الاقل في الوقت الحاضر فقد خضت التجربة واستمتعت بها وبذلت كل جهودي وباخلاص، والآن سارجع الى عملي في الترجمة الذي تلكأ مؤخرا وارتباطاتي الادبية .

 اخيرا اشكر الكاتب والشاعرالقدير، الاستاذ الفاضل مصطفى المهاجر على اسئلته الذكية وعلى نبله وكرم اخلاقه وتشجيعه المتواصل لي وحضوره الباهر في الملف...شكرا جزيلاً استاذنا الكريم مصطفى المهاجر...

 القسم السادس من الحوار

القسم الثامن من الحوار

...........................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف تكريم الشاعر يحيى السماوي، الخميس 1/1/1431هـ - 17/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم