حوارات عامة

المثقف في حوار مفتوح مع الكاتب والسياسي موسى فرج (10)

 

س50: صائب خليل: في العديد من البلدان المتقدمة، هناك نص قانوني يمنع المسؤول من ممارسة التجارة والمقاولة وأي عمل بشكل عام، وليس مع الحكومة فقط، (حتى غير وظيفي) آخر أثناء فترة مسؤوليته، أليس لدينا مثل هذا النص؟ وهل تسهم هيئة النزاهة في اقتراح مثل تلك القوانين؟

ج 50: موسى فرج: الأستاذ العزيز صائب خليل مع خالص تحياتي.. في العراق يمنع الموظفين وخصوصا المهندسين والفنيين من مزاولة المهنة خارج أوقات الدوام الرسمي وتصرف لهم مقابل ذلك مخصصات تسمى مخصصات منع مزاولة المهنة ، ويوجد نص في الدستور يحظر على أعضاء مجلس النواب الجمع بين عضوية مجلس النواب وبين الأعمال الأخرى حيث جاء في المادة (49 / سادسا) من الدستور على الآتي:(لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب، وأي عملٍ، أو منصبٍ رسمي آخر..) أما فيما يتعلق بإسهام هيئة النزاهة..؟ فنعم من صلاحية هيئة النزاهة (إعداد مشروعات قوانين فيما يساهم في منع الفساد أو مكافحته ورفعها للسلطة التشريعية ...) بموجب المادة 3 / رابعا من قانون هيئة النزاهة ..

 

س 51: صائب خليل: نصوص المواد التي أشرت إليها حضرتك أعلاه، تذكرني بنقطة محيرة. فطالما لاحظت ان بعض مواد الدستور مصاغة بإهمال. مثلاً المادة التي ذكرتها: "لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب، وأي عملٍ، أو منصبٍ رسمي آخر.."، هل كلمة "رسمي" هنا معطوفة على العمل أيضاً؟ اقصد هل أنه ممنوع من أي منصب رسمي أو عمل، أم من أي منصب رسمي أو عمل رسمي، أي أنه يسمح له بالعمل غير الرسمي؟

كذلك نلاحظ في النص الدستوري الذي أشرت إليه في جواب لك في الحلقة السابقة، "لا يجوز لرئيس الجمهورية، ورئيس وأعضاء مجلس الوزراء، .....، أن يستغلوا نفوذهم في أن يشتروا أو يستأجروا شيئاً من أموال الدولة" ...

نلاحظ أن عبارة "أن يستغلوا نفوذهم" زائدة وتجعل النص هلامياً، فتتيح للمسؤول أن يجادل بأنه اشترى كمواطن عادي ولم "يستغل نفوذه" مثلاً.

وبعيداً عن موضوع الفساد نلاحظ أن الدستور ليس واضحاً في نقاط كثيرة، أذكر منها أن المادة الخاصة بصلاحية رئاسة الجمهورية في تعطيل القوانين الموقعة من قبل البرلمان، يمكن تفسيرها بأنها تعطي كل عضو في رئاسة الجمهورية تلك الصلاحية، أو تفسر بأنها تشترط الأغلبية. كما أذكر نقاشاً غريباً للغاية عن تعريف أساسي جداً، هو "الأغلبية البسيطة" جرى بين النواب في البرلمان! وهناك نقاط عديدة أخرى مثلها... كيف يمكن لنص اساسي بهذا الشكل أن يكتب بكل هذا الإهمال في رأيك، وألا تلعب ركاكة نصوص الدستور والقوانين دوراً سلبياً في إدارة الدولة وتساعد على إفلات الفساد؟

ج51: موسى فرج: الأستاذ العزيز صائب عندما نقرأ ما يكتبه القانونيون اعتدنا أن نجدهم وهم يتكلمون بما يشبه التقديس للمشرع .. وإرادة المشرع ..وهذا ما ذهب إليه المشرع ..

وهذا ما تجده في خارج العراق أيضا ..لماذا ..؟ لأن المشرع جهة خارج مجال الشبهة وخارج نطاق المصالح الشخصية ونظرتها للأمور مجردة من كل غرض ولكن عندما تقرأ دستورنا فكأنك ترى خلف عباراته الهرج والمرج والصخب القائم بين من كتبوه كل يريد فرض ما يريده هو ويتحقق من خلاله مصلحته ومصلحة الجهة التي يمثلها وهي قطعا ليست القاسم المشترك بين ما يريده كل العراقيون فمثلا: أنا أتخيل أن بعضهم قد جاء بنص يمنع من يتقلد منصب رسمي من التعامل مع أجهزة ودوائر الدولة لحسابه الخاص مشتريا أو بائعا ومبرره أن دساتير مختلف الدول تنحى هذا المنحى .. الأخر لم يغادر بعد ما اعتاد عليه من مزاولة لأعمال تجارية أو مقاولات ..فاحتج ولسان حاله يقول: شنو تريدون قطع ارزاق الناس .. الأول يرد عليه قائلا:

لأن المسؤولين سيستغلون نفوذهم.. فيقول له زميله: في هذه الحالة امنعوهم من استغلال نفوذهم ولكن لا تقطعوا أرزاقهم ..! فتم الاتجاه إلى الحل الوسط التوافقي: يابه لا تمنعوهم من مزاولة البيع والشراء مع الدولة ولكن امنعوهم من استغلال نفوذهم .. زين ..؟ ثبتوها بالدستور ..هكذا جرت الأمور.. الكورد مصرون على أن تربطهم بالحكومة المركزية علاقة الفيدرالية ليطورها لاحقا إلى الكونفدراليه ..الآخرون لا يناقشون هذا الموضوع بصفته المجردة إنما بطريقة المساومة فيفكرون بالمقابل لأنفسهم: زين يابه ..إذا أنتم مصرين على الفيدرالية لمنطقتكم ضمنوا الدستور نصا يقول إن رغبت محافظة أو مجموعة محافظات بالانتظام في إقليم يحق لها ذلك وتتمتع بنفس ما تتمتعون به أنتم .. يردون عليهم: ما عدنا مانع ..خوش ..ثبتوها .. في حين: أن كردستان حالة خاصة ويفترض معالجتها من هذا المنظور ..ألجماعه عمموا الحالة الخاصة وعندما أراد المسئولون في محافظة صلاح الدين أو محافظة البصرة مناكدة الحكومة المركزية قالوا: نريد إقليم ..! قالوا لهم: إنكم تريدون الانفصال ..ردوا عليهم: هذا حق دستوري مثبت بالدستور !.. نشأت الأزمة وكادت تعصف بالوضع ..كيف يعالجونها ..؟ تعال يابه مشعان الجبوري .. أنت مو محكوم بـ 16 قضيه ..؟ نعم .. نسقطهن عنك ..بس تعال أكعد بصلاح الدين وكولم نريد إقليم .. انتم أهل ألبصره ..عمي راح نسوي اجتماع مجلس الوزراء عندكم وننطيكم صلاحيات وفلوس .. بس فضوونا من قوانة الإقليم .. انتم أشعدكم أهل الجبايش ..؟ همين تريدون إقليم ..؟ يابه اسكتوا وهاي اكبر قبه بالعراق راح نبنيها بمنطقتكم ..الطريق ممبلط حتى توصلون ألها ..؟ سنبلطه لكم لاحقا .. غير يكعدون ألجماعه ..؟ لا ..احد مسئولي وزارة الداخلية انتبه إلى أن الليبين دفنوا القذافي بالليل وبالظلمه وبمنطقه غير معروفة في الصحراء الكبرى .. ذهب المسؤول إلى شيخ عشيرة صدام وقال له: شنو يابه انتم مسووين قبر صدام ضريح ويزار مثل تاج محل ..؟ شيلوه .. صاح شيخ البوناصر عمي انتم بعد ما نريدكم ..نريد كاكا مسعود برزاني رئيسا للعراق ..! وعلى هالرنه طحينج ناعم ..اشلون تصفى ..؟ تصفى ..؟ مندري ... عودة إلى الدستور .. الدستور العراقي لأن الناس الذين كتبوه لم يكتبوه بتجرد وإنما تعبيرا عن مصالحهم المتضاربة هم فكان مليئا بالمطبات والمشاكل ..مثلا: الحكومة تقول لمجلس النواب: نحن الذين نعد التشريعات وانتم فقط لكم التصويت عليها .. المشرعون يردون على الحكومة: في هذه الحالة انتم صرتم المشرعون فلماذا تسموننا مشرعين ..كيف يكون هذا ..؟ قالت الحكومة لهم: نعم نحن مثل دوخي .. ما موضوع دوخي ..؟ دوخي يعمل راعيا في أغنام الشيخ بطاح واقبل عليه في أحد الأيام قائلا: عمي .. أنا أريد أشيرك (أأخذ رأيك) أريد أروح بس الرضيت أمشي والما رضيت امشي.. قال له: لعد عليش تشيرني إذا أنت مقرر ؟..براحتك يبويه ..وين سفره ..؟ للحمزه ازور .. اندعيلنا بدربك .. يوم صار تشكيل الحكومة وجدوا أن الدستور ينص على إن رئاسة الجمهورية لا تعني رئيس فقط وإنما رئيس ونواب على طريقة الترويكا السوفيتيه لكن الدستور وضع لذلك أجل محدد ومن ثم يصار إلى أن يكون رئيس الجمهورية شخص واحد وليس هيئة رئاسه ..لكنهم يريدون مناصب ..وفي هذه الحالة لن يكون الأجل المحدد بالدستور مشكله ..أعبروه يعني خالفوا الدستور ..بسيطه .. بعدها ثارت مشكله وهي:

كم نائبا لرئيس الجمهورية ..؟ واحد.. اثنين.. ثلاثه..؟ لا يهم ..الذي يكفيكم ..! في هذه الحالة المحافظات.. صار للمحافظين 3 نواب وعدد غير محدد من المعاونين وآخر غير محدد من المستشارين هذه بعض من مطبات الدستور عندنا ويوجد ما هو اعقد..

 

س52: صائب خليل: أعجبني كثيراً اقتباسك من مسلة حمورابي وقولك بأن الفخر في البناء على ما بناه الأولون، درس كبير.

فقرة حمورابي عن معاقبة البستاني الذي "أهمل جني المحصول ويسقط المحصول فانه ملزم بالتعويض للمالك وفقا لإنتاج الحدائق المجاورة" تبدو وكأن حمورابي قد أرسل لنا تنبيها لضرورة معاقبة من تسبب في ترك الغاز العراقي يحترق حتى اليوم.

وقول حمورابي: إذا لم يقم مالك الثور بربط الثور من قرونه بشكل جيد وهاج الثور فقتل رجلا حر يدفع مالك الثور منا من المال تعويضا المقتول، يبدو كنص مرشد يأتي من زمن يكاد يكون ما "قبل التاريخ"، والذي يبدو أننا لم نتعلم منه ولم نبن فوقه كما كنت تأمل، بل تراجعنا إلى ما تحته، ونحتاج أولاً أن نبني لكي نصل إليه.

أردت من هذه المقدمة تنبيه القراء إلى هذه النقطة الرائعة التي طرحتها، وأن أوجه لك سؤالاً: لماذا لا تقدم مثل هذه المواضيع في برنامج تلفزيوني؟ برنامج حديث مفرد تتحدث به بلغتك الساخرة الرائعة المليئة بالمعرفة في خلفيات التاريخ والتاريخ العراقي الشعبي وقدرتك على الإقناع بأمثلة صادمة ممزوجة بمرح وطيبة أخاذة.. ماذا تقول؟

ج52: موسى فرج: الأستاذ المثقف والأخ والصديق صائب خليل مع خالص تقديري: في هذا.. أنت تشير إلى ثلاثة جوانب مهمة للغاية في تقديري .. . الأول:حمورابي .. ورغم أني لست مختصا بالتاريخ أو الأنثروبولجيا أو علم الاجتماع لكني أزعم أن تسلسلي يأتي ضمن الجمهرة الوسطى من طابور المثقفين الطويل للغاية وبمقتضى هذا الموقع أتساءل: من هو حمو رابي ..؟ ومن هو أرسطو ..؟ ومن هو أبن خلدون ..؟ من وجهة نظري البسيطة أنهم يمثلون الحلقة المتقدمة من الثقافة الجمعية لمجتمعاتهم ضمن الحقب الزمنية التي عاشوا خلالها .. ولولا ذلك الوسط المعرفي المتقدم ما أنجزوا ما أنجزوه ، وهذا لن يقلل من عظمة ومكانة دورهم فيما أنجزوه أبدا.. فهم الحلقة المتقدمة من مجتمعاتهم ضمن الحقب الزمنية الموصوفة ولم يتقدم عليهم أحد .. ولكن لماذا لم ينجز الآخرون مثلهم في حقب زمنية لاحقه ..؟ لأن الثقافة الجمعية قد تدهورت وأصابها الانحطاط ولم تعد قادرة على إنجاب الاستثنائيين وان وجدوا فان أحدا لن يسمعهم ولا يعير لهم بالا بسبب الجدب الثقافي والانحطاط المعرفي وبسبب انتشار الخرافة والجهل الذي يغلق كما المادة الصمغية المتحجرة الأذن الوسطى لمن يوجهون لهم رسائلهم وفي هذه الحالة يكف الاستثنائي عن الترويج لبضاعته حيث تقف حائلا دونها مئات من البضائع الفاسدة والرديئة .. في هذه الحالة فان قوانين حمورابي لم تكن قد نزلت عليه من ربه الاه الشمس كما ورد في ديباجة تلك القوانين وإنما كانت تمثل القواسم المشتركة للثقافة الجمعية للعراقيين ضمن تلك الحقبة .. حتى الرسالات السماوية فإنها تماهي الثقافة السائدة ضمن الحقبة الزمنية وتستقي منها لترتقي بها ، ولذلك فان شريعة حمورابي شكلت الأساس للتوراة التي جاءت بعدها .. والثقافة الجمعية للشعوب ضمن الحقب الزمنية لا تمثلها ثقافة الحكام والمتنفذون الفاسدون فهؤلاء عبء عليها وعامل هدم وإلا لانعكست ثقافة أبو جهل وأبو سفيان وأبو لهب في الرسالة المحمدية ..؟ ولكن أنى يكون ذلك وهؤلاء بإجماع أدباء المثقف: القاص حمودي الكناني والشاعر سلام فرج والأديب حميد الحريزي والباحث الاسلامي صالح الطائي .. هم عواهر ينجبون عواهرا إلى قيام الساعة .. والعهر كما ورد على لسان الخلف الصالح من أدبائنا ليس عهر النساء فعهر الرجال (أقمش) ، والعهر ليس عهر ما بين الفخذين فعهر المخ (أثخن).. فالمرء بأصغريه قلبه ولسانه.. وقلب المرء في لسان العرب هو مخه.. وليس الذي بين فخذيه .. فإذن ما أنتجه حمورابي كان جنيا لمحصول العراقيين المعرفي المتراكم في دولة العراق آنذاك .. .

 

 الفرق بين الثقافة الجمعية للعراقيين في عصرنا هذا وثقافتهم الجمعية قبل ما يزيد عن 4000 سنة هو الفرق بين قوانين حمورابي التي تعاقب الحلاق إن أخطأ في قصة الشعر لزبونه وبين قوانين صدام التي تقطع اللسان وتجدع صوان الأذن .. خلف هذه الجدلية بين الواقع المعرفي الجمعي وبين النتاجات الثقافية للشعوب ضمن الحقب الزمنية المختلفة يبرز واضحا دور السلطة بحالتيها البناءة والهدامة للثقافة فعندما تتوفر سلطة بناءة تنصلح الأرض وتعمر فتمد المعرفة بالماء والضوء والسوق فتزدهر ويتسع ويتراكم الإنتاج كميا ونوعيا فيعمد الناس إلى انتخاب الأفضل من المعرفة لتنجب أفضل وترتقي لتلد الاستثنائي ولكن في حالة السلطة الغاشمة المتخلفة الهدامة فإنها تقف حائلا في طريق التوسع في الإنتاج المعرفي والارتقاء وأمضى الأسلحة في هذا المسعى هو إشاعة الجهل والخرافة الذي يأكل المنجز المعرفي ويستهلكه وينتهي الحال بالمجتمع ليجد نفسه ملوما محسورا .. أمس قرأت لأحد المثقفين العراقيين إشارة إلى: تقليد سنوي في تاريخ بابل العظيمة، تقليد لا يشبهه أي تقليد في التاريخ، ولا في العالم، ففي العيد البابلي السنوي، كان حاكم المدينة يأتي أمام الكاهن الأكبر، وبحضور سكان المدينة المجتمعين في ساحة المدينة الكبرى، فيخلع الكاهن عن الحاكم نياشينه وشاراته، ويضربه على خده ضربة تدمع لها عيناه، ويبدأ الكاهن يطلب منه الاعتراف بأخطائه ، التي ارتكبها بحق الشعب في العام المنصرم، فيعترف بها، ثم يتعهد بان لا يكررها، وان يهتم بشؤون الناس في السنة القادمة، وبعدما يشهد الكاهن الناس عليه، وبعد توسلات الحاكم وتعهداته، يعيد شاراته ونياشينه أليه، ويبدأ العام الجديد . لا توجد ممارسة إذلال سنوي، تشبه هذه الممارسة، لا في التاريخ الإنساني القديم ولا الحديث، وفي مقدمة مسلة حامورابي وقوانينه، يرد النص التالي " أنا حامورابي العبد الفقير لله اخرج إلى الناس سود الرؤوس ، كي اقتص للفقير من الغني..).. لنقارن بين هذه الممارسة وممارسة معاصرة في عالم اليوم: في منتصف الثمانينات عاد صديقي وزميلي حيدر الموسوي من إيفاد إلى اليابان وكان في دورة تدريبية في مجال الإدارات العليا حيث كنا نعمل سويا في مجال التطوير الإداري في العراق ..سألته: ماذا رأيت في اليابان ..؟ ولأنه يعرف عما اسأل عنه فقد قال لي: .

 

 1 . أن ديانتهم مفتوحة تستوعب كل راق وجميل من الديانات الأخرى والفلسفات ..

 2 . الجانب العملي من الدورات التدريبية للإدارات العليا عندهم: يأخذون المشاركين في تلك الدورات إلى ساحة عامة ويطلبون منهم إلقاء كلمات على الجمهور لتمكينهم من فن الخطابة فيقف المدرب وهو يحمل عصا غليظة وضخمه وعلى المتدرب قبل المباشرة في الخطبة وبعد انتهاءه أن ينحني للجمهور على أن يرسم بجسده حرف 6 الذي نستخدمه نحن الآن والظاهر أمامك ، ولأن معظم المشاركون في تلك الدورات هم من الإدارات العليا ومعظمهم كبار السن وفيهم سمنة فان ذلك صعب عليهم لكن المدرب يهوي بعصاه الغليظة على ظهر المتدرب ما لم يرسم الرقم 6 بشكل مضبوط ..الهدف من ذلك تعويدهم على احترام الناس ..! في حين شاع من بين ما يستخدمه الإداريون العراقيون في السنوات الأخيرة في دوائرهم نوع من الكراسي الصادمة للذوق والمنفرة للنظر فبسبب ضخامتها ترى المسؤول وهو جلس عليها وكأنه رضيع يجلس على أثاث الكبار أو مجرد دمية صغيره ..حتى أن أحدهم كتب: إذا كان عرشك بهذه الضخامة فكيف يكون عرش الله ..؟!.. . أنا لم اقرأ أن المهلب بن أبي صفره قد بلغ اليابان ففتحها ونقل لهم قيم العراقيون في عهد حمورابي ..ولم اسمع أن وفدا استقصائيا منهم جاء يبحث في تلك القيم ..لكنه الارتقاء المعرفي عند الشعوب وقد يأتي بصور متشابهة كما هو التشابه بين منجزات الأنكا وبين منجزات الحضارة المصرية الفرعونية .. .

 هذا هو الجانب الأول أخي وعزيزي الأستاذ صائب .. .

 أما الجانب الثاني فهو: أن الرسالات والقوانين والأعراف تقول انك إن وليت أحدهم على قوم وكان الذي وليته عليهم أهبل فأنت شريك بتحمل وزر ما يلحقهم منه من ضرر ..والمسؤولية لا تنحصر في ما تقوم به من أفعال بصفتك المباشرة فقط لأن من أعان شرير أو فاسد ليحكم الناس أو يتولى أمرهم فهو شريكه في تحمل وزر ما يقع عليهم من ضرر من جراء ذلك.. فإذا كان صاحب الثور الذي لا يربطه فينطح ثوره شخصا أو حيوان آخر فيلحق الضرر به يتحمل وزر ما ارتكبه الثور وفقا لشرعة حمورابي .. فكيف لا تكون مسؤولا عن الضرر الذي يلحق بالشعب وأنت تولي عليهم من يسمي فخامته ..ضخامته ..؟ وكيف لا تكون مسؤولا عن الضرر الذي يلحق بالناس وأنت تولي عليهم الإرهابي أو الذي كان يقطع الرؤوس على الأرصفة وهو يبسمل باسم صدام أو الصادرة بحقه من دول مجاورة قرارات قضائية بتهمة تعاطي الدعارة وتهريب المشروبات الكحولية ..؟ كيف لا تكون مسؤولا وأنت تنتقي من يدير شؤون الناس من لم يحصل على المتوسطة في عصر ما بعد المصفوفات ..؟ فان كان قانون المحاصصة والتوافقات يعصمك فان قانون حمورابي الذي يجعلك مسؤولا عن فعل الثور الذي في حضيرتك إن هاج ونطح أحد المارة في غفلة منك لن يعصمك في هذا ..فكيف وان كنت بوعيك وإصرارك قد فرضت ربيبك أو خلانك على هذا الشعب ..؟.. وتفضل هاك القانون فاقرأ ..

الجانب الثالث أخي وعزيزي الأستاذ صائب: فأنت تريدني أن أقول هذا على فضائياتهم وتلافيزهم .. فوحقك يتصلون بي معظم المسئولون عن الجرائد بعد نشر أي لقاء لي مع صحافتهم يقولون لقد هاتفونا يعنفونا محذرين: لا تفسحوا لموسى فرج ..ونفس الشيء يحصل مع الفضائيات ولذلك فان بعضهم يتصل بي ..أمباوك .. هذا نوع من الفضائيات ..النوع الآخر لا يأبه برغبات الحكومة لكنه يريد منك أن تقول: واه ..

ووا لهفي على أيام صدام وأيام البعث ..! وعندما أقول سحقا لصدام وأيامه والبعث وأيامه فإنهم يقلبون ظهر المجن وتخرب ألصداقه ..!.. أما النوع الثالث من الفضائيات فهو من النوع الذي يمرر الإحداثيات للإرهابيين كي يقتلوا الناس ويفجروا المفخخات في جموع الأبرياء .. فكيف أتعامل معهم ..؟ هل أتعامل معهم وفقا للمنطق القائل بان السياسة عاهرة ولا قيم تحكمها ..؟ أنا أدين بنمط من السياسة طاهرة وعفيفة وشريفه ولم تك يوما بغيا ...

 

س 53: صائب خليل: أسمح لي أن ألح قليلاً: أنا أنظر للمسألة بهذا الشكل: أنت تقوم بعمل ذو جانبين كبيري الأهمية، الأول هو الكشف المباشر للحقائق الخطيرة المحددة، والثاني هو حرصك على إشاعة تربية للنزاهة لدى قرائك، فأنت في العادة لا تكتفي بالجواب المباشر عن الحدث، وإنما تسعى لإعطاءه بعده التربوي العام.

الجانب الأول هو الذي لن تقبله الفضائيات، لما يصل إليها من ضغوط، لكن الثاني، الخاص بالتربية، لن يعترض عليه أحد رغم خطورته. إنه يأكل جميع الفاسدين تدريجياً، دون أن يوجه سهامه إلى أي منهم مباشرة، لذلك ربما هناك فرصة له. ليكن إسمه معبراً عن ذلك الجانب التربوي أيضاً.

أذكرك بأهمية حجم الإعلام التلفزيوني، فربما يقرأ مقالتك 500 مثقف، لكن ربما يشاهد برنامجك 500 الف مشاهد! يعني إن قدمت برنامجاً واحداً فـ "أجره" بأجر الف مقالة، هههههه، فماذا تقول؟ هل ستفكر بالأمر؟.. .

 ج 53: موسى فرج: عزيزي وصديقي الأستاذ صائب ..تذكرت شخصية رائعة كنت أشاهده في برنامج يقدمه للأطفال قبل عام 2003 وبشكل متباعد فهو ليس دوريا بمعنى ألكلمه لأنه مستحب والواجب أهم من المستحب فان كانت جولة للرئيس القائد .. أو توجيهات لأبناء الشعب .. أو رسالة القائد إلى شعوب نيكاراكوا والهندوراس والسيشيل يعلمهم كيفية بناء الاشتراكية دون الحاجة للمرور في سوق البرجوازية طبقا للتجربة العراقية فان برامج الأطفال تؤجل إلى اجل غير مسمى ..أما برامج الكبار والنساء فيتم ختمها بعبارة: يحفظ لعدم الضرورة .. تلك الشخصية الرائعة ..هو المثقف الودود والمبتسم والتربوي جاسم الصافي .. مال آنا أظهر بالتلفزيون وأتكلم عن الفساد وابتسم وأكون ودودا وحميما مثل الأستاذ جاسم الصافي ..؟ مستحيل ..! ليش هو آنا أحجي على الشكرلمه ..؟ لو على الفساد ..؟ لعد أشلون أكون ودود .. تفضل هذه نماذج من مقابلاتي ألتلفزيونيه..مو حقهم من يمنعوني ..؟.. . ـ http://www.facebook.com/photo.php?v=176811075695007 ـ http://www.facebook.com/video/video.php?v=226105330765581 ـ http://www.facebook.com/video/video.php?v=175068829202565

http://www.facebook.com/video/?id=100000983485801

 

س54: صائب خليل: في إحدى مقالاتك نبهت أن القضاء ليس جهازاً من الملائكة وأنه بالتالي معرض للفساد. وكنت في مقالة لي قد نبهت إلى أن رئيس المحكمة الجنائية العليا والمتخصصة بقضايا الإبادة الجماعية قد استغل موقعه لتصفية مشكلة عائلية، فاتهم طليق إبنته وأخيه بارتكاب "إبادة جماعية" ليضغط عليهما ليرضخا لشروطه في موضوع طلاق أبنته. والأقوى من ذلك أنه وقع معه اتفاقا بسحب تلك الشكوى عنهما إن نفذا ما عليهما من التزامات وفق الاتفاقية، والوثيقة موجودة وموقعة من شهود أحدهم نائب في البرلمان.

وقد أشتكى الرجل إلى كل من يستطيع من رئاسة الوزراء إلى رئاسة البرلمان إلى رئيس الجمهورية وربما جهات أخرى، دون جدوى، فلجأ إلي لنقل الموضوع إلى الصحافة، وقمت بنشر الخبر في موقع مقرب من الحكومة، وأرسلته بدوري مع المقالة للجهات الرسمية وأجابونا بالاستلام، لكن الرجل لم يحاسب على هذه القضية حتى اليوم، ما رأيكم في هذا النوع من الفساد؟ هل تصلح كمثال إضافي يبرهن رأيك في أن "الفساد في العراق مميز" ؟

ج54: موسى فرج: أخي صائب ..لا شك انك تتذكر مثلي ومثل آخرون كثر أن بعض القضاة في حقبة صدام كانوا يقفون في السيطرات يفتشون المارة خلال ما يسمى بواجباتهم الحزبية ..مثل هذا القاضي هل أبقى لمقام القضاء رسما ..؟ ، وبعضهم يجلبون له المتهم مصبوغ ثوبه بالدم فيحسب المتهم انه وصل الفرج وبلغ الإرب لأنه وقف بين يدي قاض عادل فيقول للقاضي: لقد اغتصبوا مني الاعترافات من خلال التعذيب ..وبدلا من أن يثار القاضي للعدالة ..يكتب على الأوراق: المحقق للتعمق بالتحقيق ..! ماذا تعني هذه العبارة ..؟ تعني: افترسوه ..! ، وبعضهم يهمس في أذن المشتكي والمشكو منه: عود.. دير بالك علينا ..!.. هل أن هذا كان موجودا في حقبة صدام ..؟ نعم موجود..وعلى نطاق واسع ..جاءت حقبة الديمقراطية ويفترض أن لها منهجها وهو مختلف..من يطبق هذا المنهج ..؟ القاضي المستقل ..هل أن الاستقلال يعني عدم انتسابه لحد الأحزاب الحاكمة فقط ..؟ طبعا لا ..وهل يضمن ذلك الاستقلال نص موجود في كل دساتير الدول يقول: إن القضاء مستقل ولا سلطان عليه إلا للقانون ..؟ أليس هذا النص موجود وبخط عريض في دستور صدام ..فهل أن القضاء مستقل وقتذاك ..؟ لا طبعا ..إنما الاستقلال هو استقلال الموقف والقرار وتلك الصفة لصيقة بإنسان دون غيره وتوجد فقط في من طوعوا وبنوا تكوينهم النفسي وفقا لهذا التصميم ..وهو أمر يتوفر في قضاة ولا يتوفر في آخرين وان أردت بناء قضاء مستقل فابحث عن هؤلاء وهذا النوع من القضاة فذاك يكفيك مؤنة تدوين نصوص قانونية تحث على استقلال القاضي .. لنعد إلى التاريخ والمعاصر لنستل أمثلة: يوم كان الإمام علي (ع) يحكم الدولة كانت دولته تمتد من ليبيا إلى الباكستان ومن سوقطرة إلى الشيشان وعندما شكاه احد مواطنوه .. امتثل ووقف بين يدي القاضي ..وعندما بوشر بالمرافعة التفت القاضي إلى علي فقال له: يا أبالحسن .. فامتقع لون أبي الحسن ..وبعد انتهاء المرافعة سأله القاضي: لقد امتقع لونك ..هل تخاف من الحق ..؟ قال له: بل لأنك كنيتني فقلت أبا الحسن ولم تكني خصمي فمارست التمييز وجنحت عن استقلالك ، بالمقابل فانه وفي عهد الديمقراطية عندنا تذمر احدهم أمام مسؤول تنفيذي كبير من احد قيادات القضاء فالتفت إليه المسؤول التنفيذي الكبير قائلا: والله أكسر ظهره ..! ..

هذه واحده ..الثانية يوم شكا احدهم عم الرشيد وهو الحاكم الذي أنّا ذهبت الغيمة فهي بأرضه فامتنع المشكو منه وهو عم الخليفة من الامتثال لطلب الاستقدام ..ماذا حصل ..؟ ترك القاضي مجلسه بمعنى قدم استقالته .. في عهدنا الديمقراطي كنت يوما في زيارة لأحد قيادات القضاء فقال متأففا: والله ألبارحه دز علي فخامة نائب رئيس الجمهورية ..فسارعت إلى سؤاله: وهل ذهبت ..؟ قال طبعا ..وبالشافعات يا الله خلصت منه ..فضحكت ..قال: ما الذي أضحكك ..؟ قلت له: في إحدى المرات كنت أتابع برنامج (داخل واشنطن)..تعرضه قناة الحرة وقد استضاف مقدم البرنامج احد قضاة المحكمة الاتحادية في أمريكا فسأله: هل اتصل بك الرئيس الأمريكي بوش هاتفيا ..؟ فانزعج القاضي وقال له محتدا: لقد مضى علي في منصبي هذا أكثر من 30 سنه وخلال تلك المدة حكم أمريكا عدة رؤوساء ولم يحصل أن احدهم رفع سماعة الهاتف يخابرني ولو حصل هذا لكان جوابي هو: اكتب استقالتي واتركها على الميز وأغادر المكتب ..! فهل أن الذي فعلته يشبه الذي فعله القاضي الأمريكي ..؟ فابتلعها صاحبي وسكت .. ما هي الخطة المعتمدة في إخضاع القضاء في العراق اليوم ..؟ أنها تقوم على ركيزتين ..الأولى: أنها تضع على قيادة القضاء أشخاص كان لهم دور في القضاء في حقبة صدام لترفعه في وجه أي منهم متى ما قال ثلث الثلاثة.. واحد .. الثانية: أن الأحزاب يكون لها الدور الأساسي في تعيين القاضي فترى العديد من القضاة (يتلبكون) في مجالس رؤوساء الأحزاب لضمان الدعم لهم .. أما ممارسة الضغوط على القضاة فليس بالضرورة إلغاء ما يصدرونه من أحكام .. إنما بالإيعاز بنقل القاضي وقلب ظهر المجن في وجهه .. يصعب علي إبداء رأي بالممارسة التي أشرتم إليها والخاصة بهذا القاضي وطليق ابنته دون الوقوف على الوقائع النصية ودون رأي قضائي مستقل بها .. ولكن إن صحّت فلا يسعني إلا القول: بهي..! بهي..! من الطرفين الذي ابتَز والذي ابتُز..! فلماذا هذا الطليق يخضع للابتزاز وهو طليق ..؟ فلا هو يقضي المؤبد في نكرة السلمان ولا هو في محاجر أبو غريب ..كل ما في الأمر هو موضوع فلوس يشعر انه يخسرها اغتصابا .. ثم دعه يتهمني بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية فان كنت بريء منها أخرج مثلما خرج محمد مهدي صالح وزير التجارة في عهد صدام.. وعمر البشير شارك في قمة بغداد رغم وجود مذكرة بالقبض ضده صادرة من المحكمة الدولية ..فلماذا يوقع على تلك الصفقة ويخضع للابتزاز ..؟ وإما عن القاضي فانه لم يستند إلى الشريعة الإسلامية التي تقول: لا تزر وازرة وزر أخرى ، وأيضا لم يستند إلى الدستور أو قانون أصول المحاكمات ..وإنما استند إلى (ألسانيه العشائرية) التي تنظم الحقوق المدنية في عشيرته وتنظم العلاقة ما بينها وبين العشائر الأخرى ..وقد يكون في ذلك بعض الموضوعية فقد أعيدت في عراق الديمقراطية والدولة المدنية قيم العشائرية التي كانت السائدة أيام العصملي وباتت سيدة الموقف وعلى حد علمي أن رئاسة الحكومة قد طالبت بإنشاء المجلس الأعلى لشؤون العشائر ليكون برلمان الظل ويشكل حكومة الظل ..!..وأعيد الاعتبار إلى عصبية القبيلة التي كانت دستور العرب قبل الإسلام فمزقها النبي (ص) وأقام بدلا عنها قيم الأمة..والمشكلة أنهم يستهدون بالشريعة في قوانينهم وبقيم الديمقراطية وقيم العشيرة لا من هذه ولا من تلك ...

 

س55: صائب خليل: في مقالة لي بعنوان " قصة الهاشمي برهان آخر أن الإرهاب في العراق أميركي"(3)

http://www.sautalomal.org/index.php?option=com_content&;view=article&id=7790

بينت أن تأجيل إلقاء القبض على حماياته حتى خروج الأمريكان، وأن المالكي لم يطرح الأمر على الأمريكان، أو طرحه ولم يتخذوا إجراءاً، وأضطر إلى الاحتفاظ بالملفات سنوات عديدة كما يقول، وكان إرهاب هؤلاء خلالها يحصد الأرواح، يكاد يكون دليلاً قاطعاً على أن الأمريكان هم من كان يحمي هذا الإرهاب. ومن جهة أخرى سبق للقيادي في ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي أن حمل الأمريكان مسؤولية منع رئيس الوزراء نوري المالكي بمحاربة الفساد المالي والإداري".(4)

http://qanon302.net/news/news.php?action=view&;id=9193

قد يبدو هذا للبعض محاولة للتهرب من مسؤولية الفساد، لكننا نذكر مع ذلك تهريب الأمريكان للوزراء العراقيين المدانين بالفساد من جهة، وكثرة الأموال التي ضاعت من خلالهم. لذا ، فبغض النظر عن تقصير الحكومة نفسها في الموضوعين، إلى أي مدى ترى دوراً للأمريكان في حماية "وجهي العملة"؟

ج55: موسى فرج: أخي الأستاذ العزيز صائب: أقدر عاليا نزعتكم إلى التحليل الدقيق وسعيكم للربط بين الأحداث الجزئية ومقدرتكم في استنباط الأحكام من خلال ذلك ..في الاقتصاد هناك مجال يطلق عليه الاقتصاد الجزئي ويعنى بالفروع داخل قطاعات الاقتصاد وهناك الاقتصاد الكلي الذي يعنى بالقضايا العامة والمفصلية في الاقتصاد ..أنا طيلة السنوات التي أعقبت مغادرتي لهيئة النزاهة لم اعرض وثيقة واحدة تتعلق بملف من ملفات الفساد رغم أني أعرفها بالأسماء والأمكنة والشخوص والتواريخ وبإمكاني عرضها لكني وباستثناء وثيقة واحدة تتعلق بارتكاب عناصر شركة البلاكووتر الأمريكية جريمة قتلها عراقيين في ساحة النسور وصلة المسئولين في السفارة الأمريكية بذلك لم اعرض أية وثيقة لأن وجودي على صلة مباشرة ورسمية في مواجهة الفساد يتيح لي ذلك ولكن عدا ذلك فانا اتجه إلى الفساد الكلي كي يكون كلامي على جانب من الدقة فبدلا من أن أقول فلانا ارتكب كذا فعل فساد وتفضلوا هذه الوثيقة أقول: أني جمعت مبالغ موازناتكم المعلنة وقارنتها بإجماليات الموازنات المعلنة لأربع من دول الجوار فوجدت أن موازناتكم أكبر وأضخم ، وقارنت عدد السكان فوجدته لا يتجاوز ثلث عدد سكان واحدة من تلك الدول فقط وهي مصر ..لكني عندما قارنت معدلات الفقر وجدت أن معدل الفقر في العراق يفوق حاصل جمع معدلاته في تلك الدول .. لماذا ..؟ من يقول غير ذلك أقول له تفضل هذه مصادر معلوماتي وهي رسمية ومنشورة وغير سريه ... القضايا المفصلية بالشأن العراقي في حدود الأمور التي تفضلت بها هذه وجهة نظري عنها:

 تبني الطائفية السياسية والعرقية السياسية ومنهج المحاصصه تقول عنه الطبقة السياسية العراقية انه من فعل الأمريكان وبريمر ولسنا الفاعلين .. أقول لهم: في حزيران 2004 سلم بريمر رسميا السيادة للعراقيين وغادر الرجل ولو كنتم تريدون غير ذلك .. لأعلنتم وقبل أن تحط طائرته السي 130 في واشنطن أن تلك ترهات بريمر ونعتقد نحن الساسة بأنها تجلب الضرر والدمار والفرقة والاحتراب والفقر والتهجير لكم ياشعب العراق وقد قررنا الخروج عليها وإلغاءها ويلزمنا إسنادكم يا أبناء الشعب .. هل يقولون أن بريمر عندما غادر ربوع العراق أبقى جحافل وقوات امريكيه ..؟ طيب .. القوات الأمريكية غادرت العراق منذ أشهر فلماذا لا يفعلون هذا ..؟ ببساطة لأنهم يريدونه دون غيره .. وطبقا لطريقتي في مناقشة الاقتصاد الكلي والفساد الكلي فاني أقول: .

 1. إن السيد طارق الهاشمي متهم والمتهم بريء حتى تثبت إدانته من خلال محاكمة عادلة .. في هذه الحالة فان رفض الهاشمي مواجهة القضاء يعني إعاقة تطبيق العدالة .. هل يقول أن اعتراضه منصبا على كون المحكمة غير عادلة ..كيف قبلت أحكامها وصادقت على تنفيذ تلك الأحكام بصفتك أحد أعضاء هيئة الرئاسة التي لا يمكن تنفيذ الأحكام وخصوصا تلك التي تنطوي على الإعدام دون مصادقتها ..؟ ومنصبك الرسمي يتيح لك نقض قراراتها وعدم الموافقة على التنفيذ ..؟. هل أن الاتهام الموجه للسيد طارق الهاشمي يفترق كليا عن سلوكه السياسي خلال إشغاله منصب نائب رئيس الجمهورية لمرتين ..؟ لا ..فالجميع تابع سلوكه التحريضي وبشكل مستمر وعندما كان يذهب للسجون يحلف أمام المعتقلين بشاربه بأنه سيخرجهم من السجون..! في حين أنهم معتقلون لأسباب إرهابية يعني قتل الناس وتفجير الأبرياء وبالفعل فقد أصدرت الطبقة السياسية عفوا سرحت بموجبه القتلة ليمارسوا وبوتائر أعلى عملية قتل الناس ..وأطلقت سراح الفاسدين لينغمسوا بشكل اكبر في الفساد.. لكن من الناحية القانونية فان التهمة الموجهة للسيد طارق الهاشمي ليست بشان هذا بل بشان أفعال إرهاب وقتل له صلة بها .. وان كانوا لا يثقون بالقضاء العراقي فما قول من لا ظهر له ولا حول ولا قوة ...؟. .

 2 . السيد المالكي رئيس الحكومة ..أنت تقول وأمام الملأ بأنك على علم بارتكاب الهاشمي الأفعال المنسوبة إليه ومنذ 3 سنوات ولكنك أحجمت عن إثارتها.. وأنت التنفيذي الأعلى في البلد ومسؤول عن حماية أرواح وأعراض وممتلكات وكرامة الناس .. هل حصلت على تفويض من الضحايا أو ذووهم بذلك ..؟ لا .. هل استصغرت شأن الفعل فسكت عنه مغلبا عليه المجاملة مع زميل حكومي وشريك سياسي ..؟ إذا كان الأمر يتعلق بفقدان شخص واحد لحياته فان الموضوع يعادل قتل الناس جميعا..هذا بموجب قانون رب العالمين ..وبموجب قانون العقوبات العراقي فان أقصى عقوبة لارتكاب جريمة القتل هي الإعدام إذا كانت جريمة القتل قد طالت واحدا أو مئة ألف ..عندما أقول هذا هل أقوله من منطلق نظري بحت وكلام البعيد عن المسؤولية يختلف عن كلامه عندما يكون في المسؤولية ..؟ سأضرب لكم مثلا مما واجهني وكيفية تعاملي معه ..؟: في عام 2008 وكنت رئيسا لهيئة النزاهة وصلني ملف عن طريق الخط الساخن والخط الساخن ليس تلفون يهاتفني مباشرة بل شعبة من المديرية العامة للتحقيقات تأتيها الاخبارات فيقوم الموظف بعرضها على رئيس الشعبة بمذكرة رسمية وهذا يدرسها ويحيلها بمذكرة رسمية إلى مدير عام التحقيق والأخير يحيلها إلي بمذكرة رسمية .. فتحت الملف وجدت فيه كتابين رسميين الأول: موقع من قبل اللواء عبد الكريم خلف الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية في حينه موجها إلى وزير الداخلية شخصيا وكان السيد باقر صولاغ يوم كان وزيرا للداخلية ولاحقا صار وزيرا للمالية مضمون الكتاب يقول: نرسل لكم أسماء الموقوفين المدرجة أسماءهم أدناه وعددهم 13 كما أتذكر والذين تم توقيفهم في مركز شرطة الإسكان وقد تضمن الكتاب أسماء الموقوفين ومهنهم .. الكتاب الثاني بتاريخ لاحق للكتاب الأول موقع من قبل السيد باقر صولاغ وزير الداخلية وموجه إلى مستشفى الطب العدلي التابع لوزارة الصحة مضمونه: نرسل لكم الأسماء أدناه لإصدار شهادات وفاة رسمية بأسمائهم باعتبار أن وفاتهم طبيعية..! الله اكبر ..! بدلا من أن يصدر الوزير امرأ بالتحقيق مع القتلة يغطي على الجريمة ويطلب إصدار شهادات وفاة طبيعيه باسم كل منهم ..؟!..

 طريقتان معتادتان أمامي في هذه الحالة ..الأول: لا احتاج حتى أن اكتب هامش بل اخزن الملف في الخانة السفلى وأقول هذا ليس موضوع يتعلق بالفساد المالي .. ولكن ودماء الناس ..؟ وأرواحها ..؟ الثاني: توجيه كتاب إلى مجلس القضاء الأعلى ـ رئاسة الادعاء العام لاتخاذ ما يلزم ووفقا للقانون .. القضاء يفتح قضيه وتتخذ أبعادها الإعلامية ولو كانت القضية مفبركة ما هو موقفي ..؟خصوصا وانك لو وضعت عامل بلديه بمكان وزير الداخلية فانه لن يقوم بتوقيع هكذا كتاب مفضوح بل قد يصل إلى تحقيق هذه الغاية بشكل غير مباشر كان يطلب من أحد المعية بشكل شفوي مراجعة الطب العدلي وإصدار مثل تلك الشهادات أو بطرق أخرى .. تلك الليلة فارقني الكرى وكنت مقيما في فندق الرشيد اتصلت بأحد أصدقائي وهو قانوني مخضرم يقيم في الفندق نفسه حضر ألي .. قلت له: ماذا تفعل لو كنت بمكاني ..؟ قال: أخلص نفسي من الإحراج فأحيلها إلى مدير عام التحقيق فان سكت خلصت نفسي من المسؤولية وان أحالها إلى القضاء خلصت نفسي من الإحراج فيما إذا ظهرت القضية مفبركة وغير حقيقية.. بالقول أني أحلتها إلى مدير عام التحقيق وهذه مسؤوليته يحيلها أو يتصرف تصرف آخر .. قلت له أنت جعلت من تخلصي من المسؤولية هي القضية لكني ابحث عن أمر آخر .. في اليوم التالي خابرت مرافق السيد المالكي وطلبت لقاءه وعندما التقينا عصرا ودون أن يكون آخر حاضرا عرضت عليه الكتب الرسمية ..قال: هذه مهمة جدا ..ما لذي تنوي فعله ..قلت له سأتحرى أولا .. قال: لماذا لا تلتقيه وتعرف ما هو رده قد يكون لديه شيء آخر..؟ قلت له: سأفعل ولكني أردت أن أضعك في الموقف .. في اليوم التالي أرسلت محققين إلى الطب العدلي وأعطيتهم فقط رقم الكتاب وتاريخه وطلبت منهم أن يفحصوا سجل الواردة ومن ثم اضبارة الواردة وينقلوا نص الكتاب الذي يحمل هذا الرقم والتاريخ .. وذهبت لألتقي السيد باقر صولاغ والتقيته منفردا ..ودون أن أتكلم وضعت الكتابين أمام نظره ..في البدء تغير لون الرجل وهو يبحلق بالتوقيع..؟ وهو توقيعه ..بالمضمون ..؟ وهو غير معقول .. وبعد صمت حوالي دقيقتين انفجر ضاحكا وقد بانت عليه سكينة غير طبيعيه .. هاه خير انشاء الله ..؟ قال: هذه شغلات محمد الدايني ..كيف ..؟ قال هذا الكتاب من حيث الكليشه والاسم والتوقيع هو احد كتب الوزارة يأخذه سكنر بالحاسوب ومن ثم يمسح ما يريد مسحه ويطبع ما يريد طبعه وتبقي الكليشة نفسها واسمي وتوقيعي نفسه .. قلت له: شوف ..آنا مال أدور معثرات ..وعلى الشبهه ..لا.. لكن والعباس إذا طلع غير هذا ..مو سيد عبد العزيز يخلصك ..لو سيد محسن الحكيم ما يخلصك مني .. في هذه الأثناء التحق بنا جواد البولاني وزير الداخلية إذ أن مكتبيهما في نفس المبنى .. وعندما حكى له وعرض عليه الكتاب قال وأنا أيضا سأراجع الكتب الرسمية الموقعة من قبلك ضمن الشهر نفسه لأتأكد ..بعد عودتي إلى مقر عملي حضر أعضاء الفريق ألتحقيقي الذي أرسلته إلى الطب العدلي وهم يحملون صورة لكتاب بنفس الرقم والتاريخ لكن مضمونه آخر ..قلت لهم: لم تنتهي مهمتكم ويبقى الملف مفتوحا لحين التأكد من مصير الأسماء الواردة في الكتاب .. هذا هو من وجهة نظري الأسلوب الصحيح للتعامل مع قضايا تتعلق بأرواح الناس .. أما أن يشير السيد المالكي انه يعلم منذ ثلاث سنوات بان حمايات السيد طارق الهاشمي يقتلون الناس وهو ساكت ..؟ فهذا أمر لا استوعبه .. لا يتعلق الأمر بصدقية أو عدم صدقية التهم المنسوبة للهاشمي ولكن في طريقة التعامل معها ..تقول لي هل انه أسلوب السيد المالكي ..؟ أقول لك: نعم ..فقد سكت عن معلومات تتعلق بصلة النائب في البرلمان عبد الناصر الجنابي بجرائم إرهابية .. ولكن عندما طالب الجنابي بسحب الثقة منه وهو يلقي كلمة في البرلمان أثناء استضافة البرلمان له فاجئه بقوله: سأستقيل ولكن قبل ذلك سأحيلك إلى المحكمة لأنك قتلت 150 عراقي بعمليات إرهابية ...! فذهل الجميع ..من هم في القاعة ومن هم يتابعون شاشات التلفاز .. إن كنت تعرف هذا لماذا ساكت عنه ..؟.. ففر الجنابي إلى عاصمة الأمويون دمشق ..! ولغاية تاريخه .. .

 3 . السيد مسعود البرزاني: يقول ليس من أخلاقنا تسليم الدخيل..! ولا ادري هل أننا في زمن النعمان الذي زعل من أبيه وفارقه وعندما وصله الخبر بمقتل أبيه أثناء جلوسه في جلسة شرب قذف بالكأس صائحا: اليوم خمرٌ وغدا أمرُ ..أم في عصر زنوبيا ملكة تدمر وقصتها مع أذينه ..؟ اليوم حقوق الإنسان والقانون والالتزام بالدستور .. أما قد تسال ..هل أن لتلك بواعث سياسية ..؟ أقول لك: من وجهة نظري .. في إثارتها وفي تسويتها بواعث سياسية ..أما صلب الموضوع وهو أرواح الناس فأمر ثانوي من وجهة نظر الطبقة السياسية برمتها وليس المالكي فقط .. أما عن دور الأمريكان ..؟ فبالرغم من أن لهم دور كبير في كل ما حصل في العراق ومنذ عام 2003 لكن التركيز عليهم فقط يفقدنا فرصة تقويم الاعوجاج ..لأن الأمريكان رحلوا في حين أن الطبقة السياسية باقية ... سنرجئ الكلام عن السيدين ألمطلبي والأمريكي إلى الحلقة القادمة لأني اشعر باني أثقلت على القراء الأفاضل ..تقبلوا جميعا تحياتي ....

 

 

يمكن توجيه الاسئلة عبر الاميل الاتي

 

[email protected]

 

 

 

للاطلاع

 

حوار مفتوح مع الاستاذ موسى فرج

 

 

خاص بالمثقف

 

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

 

............................

 

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2077الأحد 01 / 04 / 2012)

 

في المثقف اليوم