حوارات عامة

حوار مع الشاعر الذي يكتب الشعر برقة الياسمين ويمارس النقد بعنفوان البحر

3581 ابراهيم الجنابيابراهيم الجنابي ..

* انا حقيقة الأمر اشرعن الزحف وخاصة عندما يكون المزحوف عليه راضيا

* كل شئ يشيخ ويهرم الا الوطن الذي يكبر ولا يشيخ

* المهرجانات الشعرية والأدبية بكل مفاصلها فعل غير منتج

* تفكيك المحرك وتفكيك النص كلاهما يبحث عن مشكل

* الشعر لا احتراق ولا ترف ..الشعر علامة مائزة في حياة الفرد

* الناقد الذي يتعامل مع صاحب النص وليس النص يمكن أن نطلق عليه صفة (الناقر) وليس الناقد

* * *

من يراه او يراقب تصرفاته يحسبه جاد تماما لايجامل ولايحابي احدا حاد الصوت واضح النبرات قاطع في كل الامور لايعرف للمزاح من مسلك لكن ما ان يسمعه يترنم شعرا حتى تختلف الصورة اذ يتحول صوته الى نبع عذوبة وتتزاحم اسراب مفرداته الى نوارس بيضاء او باقات ورد وربما قلائد غزل يحيط بها عنق حبيبة موهومة او معلومة وقد لاتكون هذه الحال بالنسبة له تدرج تحت بند (الازدواجية) وقد يفسرها بأن للشعر طبعا وسلوكا لايتماشى مع منحى النقد الذي يجب ان يكون صارما قاطعا لايتحمل الحلم او المجاملة على عكس الشعر الذي يجب ان يكتب باريحية وخيال وقدرة على الوصف ، زمع كل هذا تعالوا نحشر نفسنا معه في دردشة قد تبتعد او تقترب من الشعر والنقد لكنها لاتخلو من منفعة وطرفة وابتسامة نبثها هنا وهناك ..

* اولا شكرا كبيرة على هذا التقديم الرائع والجميل في كل تفاصيله ..فأنا حقيقة الأمر أعده دراسة فاحصة بكل معاييرها فهي سياحة في السلوك والمعرفة والثقافة وشخصنة في تلابيب السيرة الذاتية وخوض في تفاصيل الحياة عبر مجسات تستل أوراقها من الرفقة والصداقة والمتابعة ..ممتن كثيرا واكرر شكري وتقديري لك صديقي العتيق..

* هل تصاب الأعياد بالشيخوخة؟

* إن الاعياد تشبه الاوطان فكل شئ يشيخ ويهرم الا الوطن الذي يكبر ولا يشيخ ربما تنتابه العثرات لكنه ينهض من رماد كل معضلة ويربت على أكتاف مريديه ويحضنهم بأياد من قوس قزح ..ويمكننا القول إن الاعياد تتغير ولكن لا تشيخ لأن لكل زمان سلوك ومقدرات تختلف من جيل لجيل

* ماهو لون وشكل قلم الأمنيات؟

* ما يخص الامنيات وقلمها..(فالتمني راس مال المفلسين) كما يقال ومع هذا فأنا لست مع هذه المقولة .فالتمني شعور حسي نابع من القلب ياخذك الى مرافيء المكنونات وطبقات الذاكرة الحافظة واحيانا يكون فعلا يشبه القصيدة وولادتها لانه يمثل شعورا استثنائياً ياخذك الى اصطياد حلقات مفقودة ويكون قلم الامنيات و بكل أطيافه اللونية شبكة تقع في شراكها كل اللحظات الآنية والعابرة ؛ فهذا القلم الجماد أظنه بأحاسيس مرتبطة بشكل كبير مع الشبكة الحسية والمعرفية للمثقف .بالرغم أننا فقدنا تلك الصفة بعد الغزو الاليكتروني

* ماهو الفرق بين تفكيك (المحرك) وتفكيك النص؟

* تفكيك المحرك وتفكيك النص كلاهما يبحث عن مشكل... فالاول فعل آلي أما الآخر فهو فعل فكري..تفكيك المحرك ينتهي عمله بوجود المشكل أما النص فيبدأ مشواره التاويلي عند الوقوف على عتبات المشكل في النصوص موضوع التناول..فاصلاح عطلات النص يأتي عبرة قراءة ما وراء الحرف والسطر في حين اصلاح أو تفكيك المحرك يأتي عبر سلوك مشهدي لتشخيص وعلاج المشكل ..وللنص مستويات قرائية كثر كل مستوى من هذه المستويات يتبنى مذهبا من مذاهب الفقه التاويلي أو احيانا يمارس قراءة أفقية تأخذ قشور المعنى في حين تسلك القراءة الشاقولية الغور في مفاصل الكتابة من أجل إنتاج نص نقدي يوازي الأصل

* هل الموت خدعة؟

* الموت حقيقة لا أظنه خدعة ولو سلمنا أنه خدعة فمن يخدع من؟ الموت هو ..كما تظن كل الديانات السماوية والديانات الأخرى..نهاية الحياة وصولا إلى العالم الاخر عالم ما بعد الموت وإذا ما دققنا النظر فسنجد أن لكل ديانة هناك مخلص ومنتظر من اجل حياة أفضل ..لكن من رأى وعرف دهاليز الحياة الأبدية..أنه سؤال لا يمكن البت بأمره ..وخلاصة القول إن الموت حق إن كان فعلا كيميائياً أو غيره

* لمن تقام المرابد؟

* المهرجانات الشعرية والأدبية بكل مفاصلها فعل غير منتج ابدا في كل مكان وزمان . وخاصة في بلدنا اذ يمكن توصيفها على أنها حفلات تعارف تحت شعار (ادعوك وتدعوني في مهرجانك) مع المعية..وبكل سهوله بضغطة زر على حاسوبك ستجد الدعوات لكل السنوات تحمل نفس الاسماء في حين ربما تتجدد بعض الأسماء النسوية الفيسبوكية التي لا علاقة لها بالابداع من دول الجوار او حسب فعاليات التعارف بين القائمين على ترشيح اسماء المدعويين وبين تلك الجميلات..أما أن نقول إن المهرجانات تنتج فعلا معرفيا ابداعيا فهذا خطأ فادح..والأمر يمكن تعميمه على المربد. والجواهري والمتنبي ..الخ.

* ما علاقتك بالبحر؟

* علاقتي بالبحر تأتي من جوانب عدة ..أولها الخوف فعندما تغور في عمق البحر تجتاحك الرهبة .. والجانب الآخر هو الجمال فزرقة السماء وانعكاساتها تشكل مشهدا قمة في الروعة ربما يذكرك بمحبيك فالفضاء الممتد ياخذك الى عالم سحري لهذا نقول ..

خذي مني رفاة العين واكتحلي ..

وهدهدي القلب مهووسا فلم يزل ..

فلا الصبايا ولا حنين البحر يبهرني ..

إلاك عقدا ساري القبل

* من الذين وصل رغيفهم الى اسطنبول؟

* عمامي بيت (الخكري)

* هل الشعر احتراق ام ترف؟

* الشعر لا احتراق ولا ترف ..الشعر علامة مائزة في حياة الفرد تفضي إلى فضاءات الروح وتتسلل إلى عوالم مختلفة...الشعر كتلة حسية تتجسد فيها معاني الالم والفرح والحب والحزن وتفتح مغاليق الأرواح الساكنة في كل ثكنات وقنوات الحياة .وغالبا ما يبتعد الشعر عن الترف فهو محاكاة الطبيعة تارة وتارة أخرى خوض في خضم الأحداث التي شهدتها المسيرة الحياتية للشاعر ربما يقترب قليلا من الاحتراق بوصفه نزفا دافقا لمعاني الانسنة التي تعاني الكثير وخاصة في زمن باتت الحرية فيه انفلاتا من خلال الفهم الخاطيء لمعنى الحرية .

* هل تؤمن بعقاب العين بالعين؟

* نعم أؤمن بعقاب (العين بالعين والسن بالسن والباديء اظلم).. لكن بطريقتي الخاصة وحسب الموقف

* صف لي رفقة الماء؟

* لكي اصف لك رفقة الماء لا بد أن أقول ..

اني رفيق الماء

سارتديك قاربا وأبحر في عينيك

سفينة بلا اتجاه ..

* مع من يتعامل الناقد .. النصوص او أصحابها؟

* الناقد الذي يتعامل مع صاحب النص وليس النص يمكن أن نطلق عليه صفة (الناقر) وليس الناقد ..لأن التعامل بهكذا سلوك يمكن أن نسميه الدناءة بعينها لأنها خيانة للأمانة الثقافية وتلك عورة كبيرة في سجل أصحابها

* ماذا حوت الاخاديد؟

* أخاديد هي بواكير ما كتبت في الشعر فهي مجموعتي الشعرية الأولى والتي صدرت في أواخر تسعينات القرن الماضي حملت في طياتها الكثير والكثير من المزايا التي رافقت رحلة القرن المنصرم

* لدي خمسة أسماء عليك ذكر صفة لكل شخص منهم؟

* صباح الجاسم؟

* صباح الجاسم طين عراقي اصيل معجون بانسنة لا نرى في زماننا هذا إلا القليل القليل منها

* حمودي الكناني؟

* حمودي الكناني كتلة من الطيبة والنقاء وقلب نابض بالمحبة والمودة للجميع

* سعدي عبد الكريم

* سعدي عبد الكريم.. تجتهد كثيرا لترى في عينيه الحكمة والطيبة هذا الرجل علامة إبداعية فارقة وموسوعة مهمة في تاريخ الاجيال

* تمام الجنابي؟

* تمام الجنابي ولدي الثاني بعد وليد .حازم وطيب القلب وناجح في عمله كمحامي

* ابراهيم الخياط؟

* ابراهيم الخياط.رحمه الله واسكنه الفردوس الاعلى..حين تبحث عن الالفة والنقاء ولانه بقلب نابض بالمحبة والمودة..تجدها في ابي حيدر ..الف رحمة ونور ولروحه السلام

* لماذا انت في الشعر هامس رقيق شفاف وفي النقد ماتواطن بعيشة الله؟

* اظن لا بل أجزم اني لم اكتب لما هو خارج منطقة الابداع وحقا لم اجد نفسي يوما ما افضل المستورد على المحلي كما ذكرت ..لا بل الغالب من كتاباتي كانت تخص الكثير من مبدعي الداخل وما كتابي النقدي الاخير الا دليلا على ما أزعم باستثناء دراسة تناولت فيها عددا من شعراء مصر من خلال ملف تبنته جريدة الصباح حينها وطرحته بمسمى كتاب في جريدة حيث كان هناك أكثر من عشرين شاعر وشاعرة مصرية وقد نشرت المقال في صحيفة الزمان اللندنية ومؤخرا صدر المقال ضمن كتابي النقدي اثر اللون في المشهد الإبداعي المعاصر

* قرأت لك أكثر من دراسة نقدية لشواعر وكاتبات عربيات .. لماذا تفضل المستورد على المحلي؟

* .. هههههههههه فلا تفتري علي ... بعدين الله يذبك بالنار هههههههههه

* هل (يزحف) النقاد؟

* النقاد وغيرهم .. الجميع يزحف ..وانا حقيقة الأمر اشرعن الزحف وخاصة عندما يكون المزحوف عليه راضيا مرضيا فهو الذي يحدد المنطقة بينه وبين الزاحف فإن كانت ملساء ناعمة فهذا يعني أن الزاحف سينزلق دون عناء أما إن كان رافضا فستكون تلك المساحة بينهما خشنة وبأسلاك شائكة فويل للزاحف حينها ..أما نحن فلا زاحف ولا مزحوف لأن القطار قد ولى سريعا هههه

* ماهي أمراض النقد؟

* امراض النقد أولها الدخول اللاشرعي للبعض إلى منطقة النقد وهو بلا ادوات

وثانيها ما تسميه الزحف .. وثالثها عندما يقدم الناص على النص..ووووو كثيرة هي الأمراض والطبيب غادر

* هل يختلف البحر في اللاذقية عن غيره؟

* البحر هو البحر .. والاختلاف ما يحيط بالبحر فالميزة تبقى في النوع

* لو اخترناك حكما من تقدم من الشعراء الحاليين على الآخرين؟

* لا اقدم ولا ااخر أحدا من الشعراء فلكل شاعر أسلوبه الخاص الذي يتبناه وحسب المرحلة التي يمر بها أما من استسهل الأمر وحسب نفسه على الشعر والشعراء .فلا تعليق

* هل لديك اضافة؟

* الاضافة التي أود قولها امتعتني بهذه المحاورة الرمضانية فشكرا لك على كل شئ ..محبتي واعتزازي بكم صديقا ومبدعا

***

حوار: راضي المترفي

في المثقف اليوم